تونس: جدل مبكر حول مواعيد الانتخابات المحليّة

20 سبتمبر 2015
يأمل الغنوشي في تنظيم الانتخابات في موعدها(ياسين غيدي /الأناضول)
+ الخط -
للانتخابات المحلية المقبلة في تونس أهمية بالغة، خصوصاً أنّ الدستور أقرّ في بنده السابع، تكريس الحكم المحلي وتطوير أداء المجالس والبلديات. وبالإضافة إلى أهميتها في دفع الجانب التنموي في المناطق، فإن الانتخابات المحلية تحظى بأهمية سياسية، باعتبار أنّها تُظهر درجة شعبية الأحزاب، ما جعل عيون الأخيرة تتركّز حولها، وتثير جدلاً حول مواعيد وتفاصيل إجرائها والمعوقات التي قد تحول دون تأمينها في موعدها. 

وفي حين أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، روزنامة الانتخابات المحلية، محدّدة تاريخ نهاية أكتوبر/تشرين الأوّل 2016 موعداً لها، أشارت بعض الأحزاب إلى أنّه لا يمكن إجراء الانتخابات في هذا الموعد. وقال رئيس الهيئة العليا للانتخابات، شفيق صرصار، خلال حوار، خُصّص، أخيراً، لمناقشة موضوع الانتخابات المحلية إنّه "يجب التحكم في الوقت والمضي قدماً في الانتخابات، من خلال إعداد خارطة طريق وضبط روزنامة تقود إلى الاستحقاق بشكل ثابت". ويشدد صرصار، في حديث لـ"العربي الجديد" على "ضرورة وضع الإطار القانوني للانتخابات المحلية"، مبيناً أنّ الجداول الزمنية التي وضعتها الهيئة، لم تكن بالتشاور مع الأحزاب، بل مجرد اقتراح يتوجب على الأحزاب التفاوض بشأنه، مؤكداً أن تحديد تواريخ مضبوطة أمر مهم جداً في التسريع بإنجاز الانتخابات، "فكلما سرّعنا واختصرنا الوقت، سيكون ذلك أفضل".


ويسلّط صرصار الضوء على أهم العوائق المطروحة، والتي تكمن في عدم وجود سجل انتخابي، داعياً إلى الشروع في تسجيل الناخبين وتعديل الفصل الخامس لتحديد مفهوم الناخب المحلي. وبحسب هيئة الانتخابات، يجب إيداع مشروع القانون الانتخابي لدى مجلس نواب الشعب، وإحالته إلى اللجان لمناقشته في 10 أكتوبر/تشرين الأوّل 2015 ودراسة مشروع القانون في 17 من الشهر عينه، وعرضه على النقاش في الجلسة العامة. واقترحت الهيئة تاريخ 15 فبراير/شباط 2016 كحدّ أقصى لعرض مشروع القانون على الجلسة العامة للمصادقة عليه، مع ضرورة ترك مجال لتقديم الطعون التي قد تمتد إلى أواخر شهر مارس/آذار 2016.

ويؤكّد رئيس الهيئة العليا للانتخابات أنّ عرض باب الترشح سيكون في 18 أغسطس/آب 2016، ليغلق باب الترشحات في 27 من الشهر عينه. ويمكن، وفق هيئة الانتخابات، الإعلان عن قوائم المرشحين النهائيين في 28 سبتمبر/أيلول 2016، كذلك يمكن الانطلاق في الحملة الانتخابية التي تمتد على 21 يوماً، على أن يتم الشروع في الانتخابات المحلية في 30 أكتوبر/تشرين الأوّل 2016.

اقرأ أيضاً تونس: جبهات سياسية لخوض الانتخابات البلدية

يصف الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، هذه المواعيد بـ"الحالمة"، معتبراً في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه لا يمكن خلال عام ونصف العام الإعداد للانتخابات المحلية وإنجازها، متوقعاً إجراءها في عام 2017. ويشير المغزاوي إلى أنّ "ما تم تقديمه، مجرّد خواطر وأفكار وليست برامج ملموسة. فهيئة الانتخابات أغفلت الجانب السياسي والمعوقات التي حدثت سابقاً، كالمال السياسي والتوجيه الإعلامي"، متسائلاً عن كيفية تحصين الانتخابات المقبلة من السلبيات التي حصلت في الانتخابات التشريعية والرئاسية، داعياً إلى نقاش سياسي بين كل الفاعلين في الساحة، للتسريع في الانتخابات وتجاوز السلبيات والنواقص.

في المقابل، يرى رئيس "حركة النهضة"، راشد الغنوشي، أنّه يمكن التسريع في الانتخابات المحلية وإجراؤها في موعدها، على أن تصدر النتائج في نوفمبر/تشرين الثاني، معتبراً أنّ الروزنامة التي قدّمتها الهيئة "معقولة جداً". ويأمل الغنوشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، "تطبيق هذه المواعيد على أرض الواقع، وأن تنظم الانتخابات في موعدها". ويشير الغنوشي إلى أنّ تونس بحاجة إلى تفعيل البند السابع من الدستور، "لأنه هدف أساسي من أهداف الثورة وآلية من آليات الانتقال الديمقراطي"، مبيّناً أنّ السلطة قبل الثورة، كانت منحصرة في قرطاج (مقر الرئاسة)، لكن بعد الثورة توزّعت بين قرطاج والقصبة (مقر الحكومة) وباردو (مقر مجلس النواب)، لافتاً إلى أنّ التوزيع الموالي، سيكون بين العاصمة وبقية المحافظات التونسية.


ويكشف الغنوشي أنّ "هناك مشاكل في عدد من النيابات الخصوصية (هي المجالس البلدية غير المنتخبة بعد الثورة لتعويض المجالس القديمة المحسوبة على النظام المخلوع)، فبعضها تم حلّه وبعض آخر سينتهي تاريخه، وبالتالي فإن الانتخابات المحلية ضرورة نسبة إلى حاجة المناطق إلى التنمية"، آملاً أن تنال المحافظات التونسية حظها في التنمية ونصيبها من السلطة، داعياً جميع الأحزاب إلى تسويات وتوافقات وحلول وسطى.

من جهتها، ترى الأمينة العام للحزب الجمهوري، مي الجريبي، أنّه من المفيد فتح حوارات مع الأحزاب لدراسة واقع الانتخابات المحلية في تونس، لكنّها تستدرك، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنّ الانتخابات المحلية لا تختزل في التاريخ والمواعيد، ولا بد من رؤيا ومنهجية واضحة في العمل وقانون انتخابي يضمن اللامركزية الحقيقية. وتوضح الجريبي أن تونس "بحاجة إلى تقسيم إداري، لكن أيضاً لا بدّ من ضمان تقسيم يكون بعيداً عن الأشخاص الذين هم الآن في الحكم، كي لا يستغلوا الانتخابات المحلية للبقاء في السلطة".

اقرأ أيضاً: لماذا تتأخر الانتخابات البلدية؟
دلالات