ليبيا: تسوية "السلم والمصالحة" معلّقة بانتظار المؤتمر الوطني

ليبيا: تسوية "السلم والمصالحة" معلّقة بانتظار المؤتمر الوطني

13 يوليو 2015
أثناء التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق السياسي الليبي (الأناضول)
+ الخط -

بعد مرور 5 أشهر على الحوار الليبي السياسي، الذي بدأ في مارس/آذار الماضي، متخذاً من مدينة الصخيرات مقراً له (جنوب الرباط)، برعاية أممية، استطاع المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، إقناع بعض الأطراف الليبية، بعد 6 جولات تخلّلها التأجيل والاستئناف، والتوتر، بالتوقيع بالأحرف الأولى، مساء السبت، على مسودة الاتفاق السياسي "السلم والمصالحة"، لإنهاء الأزمة الليبية. ويعتبر الاتفاق الأولي بمثابة تسوية معلّقة، نتيجة غياب طرف أساسي يتمثل في وفد المؤتمر الوطني الليبي العام، الممثل لبرلمان طرابلس المنتهية ولايته، فضلاً عن تأجيل التوقيع النهائي إلى ما بعد عطلة عيد الفطر.

وحضر في الجلسة الأخيرة في الصخيرات، وفد برلمان طبرق (المنحلّ بحكم من المحكمة الدستورية)، ووفد يمثل النواب المقاطعين لجلسات البرلمان، ووفد ثالث يمثل المستقلين، إلى جانب ممثلين عن المجالس البلدية في مدن مصراته، سبها، زليتن، طرابلس المركز، ومسلاتة.

وينص الاتفاق السياسي على دمج أفراد المجموعات المسلحة في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، وإعادة تأهيلهم، وتوفير فرص عمل لهم، وفق خطة وجدول زمني واضح، بينما تم تضمين موضوع تركيبة مجلس الدولة، الذي أثار خلافاً حاداً بين برلمان طبرق ومؤتمر طرابلس، في أحد ملاحق الاتفاق. 

وعلى الرغم من أن التوقيع بالأحرف الأولى من قبل بعض أطراف الحوار يعني عدم قابلية المسودة الرابعة المعدلة التي اقترحتها الأمم المتحدة لإدخال تعديلات جديدة عليها، إلا أن إرجاء مناقشة النقاط الخلافية ووضعها في ملاحق مرتبطة بهذا الاتفاق، يشير إلى أن التوصل إلى تسوية في مرحلة لاحقة ليس مستحيلاً. 
وكان ليون قد أكد أن "قبول أحد الأطراف للاتفاق مع تقديم تحفظات محددة، هو أمر متعارف عليه، ويحفظ للأطراف حقها في الاستمرار في التفاوض حول تلك التحفظات حتى التوقيع النهائي وإقرار الاتفاق".

ومن أهم النقاط الخلافية بين وفدي برلماني طبرق وطرابلس، تركيبة مجلس الدولة، والتعيينات العسكرية والأمنية التي تعهّدت الأمم المتحدة بمتابعتها في الملاحق.
لكن الخلافات لا تقتصر على تلك المتعلقة بوفدي طبرق وطرابلس، إذ اتهم المتحدث الرسمي باسم برلمان طبرق، فرج بوهاشم، بعض أعضاء وفد الحوار من الوفد بأنهم انحرفوا عن الثوابت التي أقرها المجلس، وقال إن "نظرتهم تغيرت من نظرة شاملة لليبيا إلى نظرة خاصة بهم وبمصالحهم الشخصية وما سيحققون من أرباح ومصالح لهم فقط من هذا الحوار".

وبعد التوقيع مباشرة، سارع ليون، الذي بدت ملامح الانتصار على وجهه، إلى التصريح بأنّ "اتفاق الصخيرات سيضع حداً للصراع الذي عمّ البلاد لأشهر عديدة"، مشيراً إلى أنها "خطوة واحدة فقط، لكنها مهمة جداً على طريق السلام. سلام سعى جميع الليبيين منذ فترة طويلة إلى تحقيقه". وأضاف "هذا النص يعتبر إطاراً شاملاً من شأنه أن يسمح لليبيا باستكمال المرحلة الانتقالية التي بدأت عام 2011 عن طريق بناء أرضية مشتركة. ومن خلال هذا الاتفاق، رسمنا الخطوط العريضة لبناء المؤسسات وآلية صنع القرار لاستكمال التحوّل واعتماد دستور دائم يكون أساساً لبناء دولة حديثة قائمة على مبادئ الإدماج، وسيادة القانون، والفصل بين السلطات، واحترام حقوق الإنسان".

اقرأ أيضاً: اتفاق أولي لإنهاء الصراع بغياب المؤتمر الوطني

وأوضح ليون أن "الباب يبقى مفتوحاً لأولئك الذين اختاروا ألا يكونوا هنا الليلة، على الرغم من أنهم أدوا دوراً حاسماً في تطوير هذا النص"، مضيفاً "أنا واثق أننا سنقوم في الأسابيع المقبلة بتوضيح القضايا التي لا تزال مثاراً للجدل". كما أكد أنّه "لا تزال ملاحق الاتفاق مطروحة للمفاوضات بين الأطراف المشاركة، وفق الطريقة ذاتها التي تم نهجها في التفاوض على بنود الاتفاق"، ملمّحاً بذلك إلى احتمال عودة وفد المؤتمر الوطني إلى طاولة الحوار، لاستكمال وبحث النقاط التي اعتبرها المؤتمر "جوهرية". 

من جهته، اعتبر عضو وفد برلمان طبرق، أبوبكر بعيرة، ومن معه من أعضاء الوفد، بعد التوقيع، أنّ "ما حدث خطوة رئيسية نحو الحل النهائي لدوامة العنف في ليبيا"، متوقعاً أن ينضم وفد المؤتمر الوطني الغائب عن جلسة التوقيع إلى المفاوضات في الصخيرات بعد عطلة عيد الفطر.

ووقّعت الحكومة المغربية على الاتفاق الجديد، ممثلة بوزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، الذي ألقى كلمة أمام الوفود الحاضرة، لم يُخف خلالها أن المفاوضات كانت عسيرة، وأن التوقيع بالأحرف الأولى على هذا الاتفاق السياسي، خطوة حاسمة تجعل ليبيا أمام ميلاد جديد. وقال مزوار إن "التوقيع على الاتفاق الليبي يتيح لجميع الأطراف طي صفحة الماضي، وفتح صفحة جديدة بأبعاد تاريخية واستراتيجية كبرى، لأنها لا تعني ليبيا وحدها، بل تعني منطقة المتوسط كلها، وتهم القارتين الأفريقية والأوروبية، وشمال أفريقيا، والعالم العربي، والعالم".

وفيما يخصّ غياب وفد المؤتمر العام، أبدى الوزير المغربي تفاؤله في المستقبل، وفي إمكانية التحاق هذا الطرف الرئيسي في النزاع الليبي بطاولة المفاوضات، قائلاً "لن يتأخر في الالتحاق بباقي إخوته، ولن يرضى أن يخلف الموعد مع اللحظة التاريخية لتأسيس ليبيا الجديدة".

وعلى المستوى الدولي، شارك السفراء والمبعوثون الخاصون إلى ليبيا، والذين يمثلون كلاً من فرنسا وأميركا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال وتركيا ومصر وقطر والمغرب، إضافة إلى ممثل الاتحاد الأوروبي في ليبيا، الذين رحّبوا بهذا التوقيع، آملين إنهاء الصراع الليبي، وفتح صفحة جديدة.

اقرأ أيضاً: المؤتمر الليبي يرفض مسودة الاتفاق الأممي

المساهمون