الاتهامات باعتداءات جنسية للجيش الفرنسي تنتقل إلى بوركينا فاسو

02 يوليو 2015
يتواجد حوالي 200 جندي فرنسي في بوركينا فاسو(فرانس برس)
+ الخط -
مرة جديدة، تحوم الشبهات حول تورط جنود فرنسيين في جرائم جنسية في أفريقيا، بعد أنّ فتح القضاء الفرنسي، مساء أول من أمس، تحقيقاً أولياً حول جرائم جنسية محتملة ارتكبها جنود فرنسيون يعملون في مهمة عسكرية في بوركينا فاسو في حق قاصرين.

من جهتها، أكدت مصادر في وزارة الدفاع الفرنسية في باريس، أنّ الجيش أوقف جنديين عن الخدمة على الفور بسبب الاشتباه بتورطهم في الاعتداء جنسياً على قاصرين من بوركينا فاسو. مشيرةً إلى أنه تم إبلاغ القضاء بالقضية من أجل فتح تحقيق للتأكد من هذه الشبهات ومعرفة الملابسات الدقيقة للحادث.

ويتواجد حوالي 200 جندي فرنسي في بوركينا فاسو في إطار عملية "برخان" الخاصة بمكافحة الإرهاب والتنظيمات الجهادية في منطقة الساحل، والتي تهم خمس دول من مالي إلى تشاد، مروراً بالنيجر وموريتانيا، فضلاً عن بوركينا فاسو. وتجنّد هذه العملية حوالي 3 آلاف عنصر من الجيش الفرنسي موزعين على قواعد في تشاد والنيجر ومالي.   

اقرأ أيضاً: اعتداءات جنسية في أفريقيا الوسطى تهزّ فرنسا

وفسّر المراقبون السرعة القياسية لتحرك وزارة الدفاع في هذه القضية، وتوقيف الجنديين المشتبه بتورطهما، بوجود توجه لدى قيادة الجيش الفرنسي بعدم تكرار الخطأ الذي وقعت فيه، العام الماضي، عندما تسترت مدة عام كامل على اتهامات بتورط جنود فرنسيين، يعملون ضمن قوة حفظ السلام الفرنسية في بانغي، عاصمة أفريقيا الوسطى، في جرائم اغتصاب بحق قاصرين. واستمرت محاولات إخفاء القضية إلى أن قامت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية بتسريب تقرير سري للأمم المتحدة، في مايو/أيار الماضي، يتضمن شهادات أطفال عدة، أكدوا تعرضهم لعمليات اغتصاب تورط فيها الجنود الفرنسيون.

وهو الأمر الذي وضع قيادة الجيش الفرنسي في موقف حرج. وأثار غضب وزير الدفاع الفرنسي، جون إيف لودريان، الذي أكد وقتها لوسائل الإعلام، أنه لن يتساهل مع هذا النوع من الفضائح الذي ترتكبه عناصر قليلة العدد، لكنها "تلطخ سمعة الآلاف من الجنود الذين يتميزون بسلوك مثالي مع المدنيين في مناطق النزاع في أفريقيا"، حسب قوله. وحتى الساعة لا تزال عملية التحقيق متواصلة بشأن هذه القضية في بانغي. ومن المتوقع أن يبتّ فيها القضاء قبل نهاية الصيف.

وكان الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، قد وعد، في مايو الماضي، إثر اندلاع الضجة الإعلامية حول جرائم الاغتصاب، أنه "سيكون في غاية الصرامة وسيتخذ أقصى العقوبات في حق المتورطين في هذه القضية في حال ثبتت التهم الموجهة إليهم". ولا شك أن هذه القضية الجديدة في بوركينا فاسو ستؤجج غضبه على هذه الفضائح المتتالية التي تلطخ سمعة الجيش الفرنسي في سياق سياسي واستراتيجي دقيق تعول فيه فرنسا كثيراً على جيشها المنخرط في عدة جبهات خارجية خاصة في أفريقيا.

ومما سيزيد في إحراج الرئيس الفرنسي تزامن هذه القضية الجديدة مع التحضيرات لجولة وشيكة يقوم بها لدول أفريقية عدة منها الكاميرون وبنين، حيث يلتقي فيها بالعديد من ممثلي المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، التي ستتطرق إلى هذه القضايا المثيرة للجدل أفريقيا. وكانت منظمات حقوقية أفريقية ودولية عدة دانت السلوكيات المهينة لعناصر الجيش الفرنسي التي تستغل الفقر المدقع للمدنيين في مناطق النزاع وتقايض النساء والأطفال بالمال والغذاء مقابل خدمات جنسية.

وأمام استفحال هذه الظاهرة، شكّلت وزارة الدفاع الفرنسية لجنة خاصة مهمتها التحقيق في مئات القضايا المتعلقة بالعنف الجنسي وجرائم الاغتصاب داخل الجيش. ولا تمسّ هذه القضايا المدنيين في مناطق النزاع التي يتواجد فيها الجيش فقط بل أيضاً العسكريين الفرنسيين أنفسهم. وسجّلت حوادث عنف جنسي عدة داخل الثكنات، يتعرض لها الإناث والذكور، وتبقى طي الكتمان بسبب قانون الصمت الذي يسود ويحكم داخل الجيش. وكشف كتاب مثير للجدل، صدر العام الماضي، بعنوان "الحرب الخفية" من توقيع ليلى مينانو وجوليا باسكوال، عن وجود تقليد خفي داخل الجيش الفرنسي يمنع الشكوى من حوادث الاغتصاب والتحرش الجنسي التي تحدث خلف جدران الثكنات والقواعد العسكرية الفرنسية في الخارج.  

وكانت تقارير عديدة نشرتها الأمم المتحدة أكدت وجود حالات اغتصاب وجرائم جنسية في مناطق النزاع في أفريقيا، وتحديداً في سيراليون ولبيريا وغينيا والسودان، تورط فيها الجنود الأجانب والأفارقة أحياناً، الذين يعملون ضمن قوات الأمم المتحدة المكلفة حفظ السلام. غير أن هذه الحالات ليست حكراً على أفريقيا. فقد تم تسجيل جرائم جنسية مماثلة في البوسنة وكوسوفو وجزيرة هايتي حيث تمت إدانة جنود من الأورغواي وباكستان يعملون ضمن القبعات الزرق.    

اقرأ أيضاً: "ذي غارديان" تنشر تقريراً يتهم جنوداً فرنسيين باغتصاب الأطفال