المقدسيون على عهدهم: القدس عاصمتنا وحلم العودة باقٍ

31 مارس 2015
استمرار النضال الفلسطيني ضد الاحتلال (فرانس برس)
+ الخط -


على واقع مغاير للذي عرفته القدس قبل تسعة وثلاثين عاماً في يوم الأرض، تبقى المدينة اليوم، حلم الفلسطينيين المتجذر في أن تكون عاصمة لدولتهم التي مزقها الاستيطان الإسرائيلي. واقع هو أشبه بالكابوس، بفعل إجراءات التهويد والأسرلة المتواصلة على مدى سنوات الاحتلال منذ العام 1967.

ويرى كثير من الفلسطينيين، أن ما دفعته القدس من أثمان في مسيرة التفاوض المتعثرة مع الإسرائيليين، وتحديداً في ظل الحكومات الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، هو أضعاف ما دفعوه في زمن الصدام والمواجهة، وفي انتفاضتين انتهت الأولى بإنشاء السلطة الفلسطينية، على أمل إنشاء كيانٍ فلسطيني مستقل على الجزء المحرر من الضفة الغربية وقطاع غزة.

لكن الحلم ما لبث أن تبدد مع اندلاع انتفاضة ثانية تحوّلت المقاومة المسلّحة فيها إلى منبوذة ومطاردة، وكان الشعار الذي رفعه الرئيس الفلسطيني محمود عباس برفض عسكرة الانتفاضة، واصفاً المقاومة بالعبثية، شكّل بداية نكسة لقطاعات كبيرة من الشباب الفلسطيني، خصوصاً مع وصول المفاوضات بعد عشرين سنة إلى طريق مسدود، حسم فيها الإسرائيليون الجزء الأكبر مما خططوا له.

وسلب الاحتلال خلال تلك الفترة التفاوضية ما تبقّى من أرضٍ فلسطينية تُشكّل أكثر من 60 في المائة من مساحة الدولة المنشودة، مع انتزاع القدس منها، بعد إغراقها بالمستوطنات وبمئات آلاف المستوطنين. واتخذ الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي عقب ذلك بُعداً دينياً قومياً متطرفاً من قبل اليمين الإسرائيلي، باستهداف المقدسات الإسلامية بالعدوان والسيطرة، كما يحدث في المسجد الأقصى المبارك.

ويقول القيادي في حركة "فتح" في القدس حاتم عبد القادر، لـ "العربي الجديد"، إن "مدينة القدس كانت من أول من قدّم الشهداء في معركة يوم الأرض الخالدة جنباً إلى جنب مع سخنين، والناصرة، وسائر بلدات مدن الداخل الفلسطيني، حيث استشهد وقتها الشاب المقدسي عبد الله الحواس".

وبعد مرور 39 عاماً على معركة يوم الأرض، يستذكر عبد القادر نشاطه السياسي والحركي سواء في الانتفاضة الأولى، حين كان عضواً في قيادتها الميدانية السرية، وما مثّلته تلك المرحلة من كفاحٍ هام للشعب الفلسطيني كادت أن تقصم ظهر الاحتلال، وتحقق انتصارات فلسطينية، لولا التطورات السياسية اللاحقة، التي أفضت بفعل سياسات الاحتلال الاستيطانية والاعتداء على المقدسات إلى انتفاضة ثانية قاوم فيها الشعب الفلسطيني بكل ما أوتي من قوة لدعم صموده وثباته، قبل الوصول للمرحلة الحالية من انسداد تام، وتحويل حلم الاستقلال والدولة إلى كابوس.

وتأكد ذلك، لعبد القادر حينما كان وزيراً في حكومة ما لبث أن غادرها، بعد أن ثبت له عجزها في مواجهة التحديات التي تعصف بصمود المقدسيين، إذ تمنع الاتفاقيات الموقّعة من العمل في القدس وتقيّد وجودها، ما يشكّل السبب الرئيس في استمرار التغوّل الإسرائيلي في القدس، ثم استهداف عقيدة المقدسيين ومقدساتهم، وهو العنوان الأشد خطورة لمرحلة تدخل فيها معركة الأرض عامها التاسع والثلاثين.

اقرأ أيضاً: مجازر إسرائيل في 2014 فاقت ما ارتكبته منذ 1967

هذه المرحلة، يصفها مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق بالقدس خليل تفكجي، في حديث لـ "العربي الجديد"، بأنها مرحلة الحسم الديمغرافي الإسرائيلي لمعركة القدس، بعد أن تجاوز عدد المستوطنين في شطرها الشرقي المحتل أكثر من 300 ألف مستوطن، فيما يستمر البناء الاستيطاني في مستوطنات القدس بوتيرة عالية جداً ليصل حتى العام 2020 إلى نحو 60 ألف وحدة استيطانية جديدة، وتصبح القدس بعدها كما يريدها الإسرائيليون مركز الجذب الأهم، وعاصمة الشعب اليهودي.

وفي محاولة للتعبير عن غضبهم من الممارسات الإسرائيلية، دعا شباب القدس للتحرك في مدينتهم المقدسة في يوم الأرض ضد انتهاكات الاحتلال المتواصلة، وكان لدعوتهم صدى واسع من قبل أهالي العديد من القرى الفلسطينية المدمرة والمهجرة، فقد بادر أهالي قرية لفتا إلى إحياء ذكرى يوم الأرض في قريتهم المهجرة، ليعيدوا ارتباطهم بقريتهم.

يعقوب عودة، والذي أمضى سنوات طويلة في سجون الاحتلال، وهو الآن يشارف على عقده السادس، وصف مسيرة أهالي لفتا إلى قريتهم، بأنها طقس سنوي دائم يجسدونه عبر مسيرات العودة في ذكرى يوم الأرض والنكبة، ليعززوا معاني الارتباط بالأرض في عقول أطفالهم وأبنائهم.

ويرى عودة أن "مسيرة هذا العام تختلف عن كل الأعوام السابقة لجهة محاولات الاحتلال المحمومة تحويل لفتا إلى موروث يهودي، في حين يصر أهالي القرية على تسجيل قريتهم كموروث كنعاني عربي فلسطيني"، مشدداً على أن "المحتلين سيرحلون وستبقى لفتا لأهلها".

المساهمون