العلاقات الأردنية ــ الإسرائيلية على محك أزمة اغتيال زعيتر

17 مارس 2014
يرجح أن يعلق خيار طرح الثقة بالحكومة
+ الخط -

تجتهد دوائر صنع القرار الأردني، منذ ظهر الأربعاء الماضي بتطويق الأزمة السياسية، التي خلفها اغتيال القاضي الأردني رائد زعيتر بخمس رصاصات أطلقها عليه جنديان إسرائيليين على جسر الملك حسين، خلال توجهه يوم الاثنين الماضي من الأردن إلى مدينة نابلس في الضفة الغربية.

الاغتيال الذي خلق حالة غضب شعبية، عبر عنها بمسيرات واعتصامات على مقربة من مقر السفارة الإسرائيلية في عمّان، ولاقى استنكار رسمي من أعلى المستويات، تحول ظهر الأربعاء الماضي إلى أزمة سياسية داخلية، بعدما اتخذ مجلس النواب في أعقاب جلستين ثوريتين، تسعة قرارات غير ملزمة للحكومة للرد على الاغتيال، ممهلاً الحكومة ستة أيام لتنفيذها تحت التهديد باستخدام صلاحية طرح الثقة بالحكومة وإسقاطها.

القرارات التسعة التي صوت عليها النواب شملت مطالبة الحكومة بالإفراج عن الجندي أحمد الدقامسة المسجون من العام 1977 لقتله سبع فتيات إسرائيليات، وطرد السفير الإسرائيلي من عمّان، وسحب السفير الأردني من تل أبيب، ومخاطبة الجهات المعنية للإفراج عن جميع السجناء الأردنيين والفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلية.

كما صوت المجلس على إلزام الحكومة تقديم تقارير دورية على مدار اليوم لوضع مجلس النواب بصورة الاجراءات الرسمية المتخذة بقضية استشهاد القاضي زعيتر، وإجراء تحقيق موسع تشارك فيه الأجهزة الأردنية المختصة، وتقديم القتلة المجرمين الارهابيين إلى محكمة الجنايات الدولية، وفرض سيطرة أردنية - فلسطينية مشتركة على الجانب الفلسطيني من المعابر الحدودية، والحشد لعقد اجتماع عربي شامل لبحث كافة التجاوزات والانتهاكات التي تركتبها إسرائيل، وأخيراً المبادرة من أجل المصالحة بين السلطة الوطنية الفلسطينية وحماس.

لكن بعد القرارات الثورية التي اتخذت في لحظة حماسية، أدرك النواب استحالة تنفيذها، وهم المدركون مسبقاً عجزهم عن إسقاط الحكومة التي تحتاج إلى 76 نائباً من أصل 150 عدد أعضاء مجلس النواب، الذي لم يسجل له التاريخ أنه أسقط حكومة.

ومنذ تصويت النواب، والاجتماعات لم تنقطع بين الملك عبدالله ورئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، ورئيس الوزراء، عبدالله النسور، تسرب عن احدها أن قرارات النواب تعجيزية، وقال رئيس الوزراء في لقاءاته مع الكتل النيابية استحالة تنفيذها.

ويبحث مجلس النواب عن حل يحفظ ماء الوجه، وهو الذي صوت مرتين سابقتين، في أقل من سنة، على طرد السفير الإسرائيلي من عمّان وسحب السفير الأردني من تل أبيب، وهو ما لم تنفذه الحكومة.

والحكومة، بدورها، محرجة، وتبحث عن حل لا يضعها في موضع المدافعة عن إسرائيل، بعدما اعلنت أن الأخيرة قدمت اعتذاراً رسمياً عن الحادثة، واكتشفَ أنه لم يكن سوى مواساة، وبعدما استطاعت بشق الأنفس نزع موافقة على لجنة تحقيق مشتركة، لم تبدأ عملها حتى الآن.

وقبل يوم واحد من انتهاء المهلة التي حددها النواب للحكومة لتنفيذ قرارته، يوم الاثنين، وُضعت اللمسات الأخيرة، على اتفاق يحافظ على العلاقة مع إسرائيل والتي يعتبرها النظام استراتيجية، ويحفظ ماء وجه النواب، ويزيل عن الحكومة حرجها.

واتفق الجميع على أن تبدأ جلسة الثلاثاء المنتظرة بكلمة لرئيس الوزراء تضع النواب في آخر تطورات القضية والجهود الرسمية في التعامل مع الحادثة، ويقدم للنواب وعوداً بتنفيذ ما يمكن تنفيذه من قرارات باستثناء تلك التي تمس العلاقات مع اسرائيل.

وبعد كلمة الرئيس ستكون الكلمة الفصل للنواب، الذين عقدوا اجتماع طارئ بين كتلهم يوم الإثنين برئاسة رئيس المجلس، وتم الاتفاق على سيناريو يتيح انتقاد الحكومة دون حدود للنقد، على ألا يمهد الطريق لطرح خيار الإسقاط. وأجمع رؤساء الكتل وهم خارجون من الاجتماع في حديثهم لـ "العربي الجديد" بأن النواب تسرعوا بقراراتهم، غير أن أحد رؤساء الكتل المعروفة بمشاكستها لرئيس الوزراء قال وهو يغادر مكان الاجتماع: الـ "ألوو" اشتغلت، قاصداً وجود تدخلات وضغوط.

ومساء اليوم، عززت إسرائيل من موقف النظام، عندما اعتذر رئيسها شمعون بيريز للملك الأردني عن الحادثة؛ الاعتذار الذي جرى خلال إتصال هاتفي، حسب ما قال بيان صادر عن الديوان الملكي.

وحسب البيان، فإن بيريز تعهد للملك بالمضي قدماً بالتحقيق المشترك في الحادث مع الجانب الأردني، مشدداً على حرصه على العمل مع الملك والأردن بما يخدم تحقيق السلام في المنطقة. اعتذار سيكون له نصيب وافر في كملة الرئيس أمام مجلس النواب.

وبذلك يكون السيناريو اكتمل، فقد رجحت مصادر نيابية وحكومية لـ "العربي الجديد" أن يعلق خيار طرح الثقة في الحكومة إلى ما بعد خروج نتائج التحقيق المشترك، وهو وقت كافي بحسبهم لحل الأزمة الداخلية.

المساهمون