يوم الأسير الفلسطيني: إخفاء قسري وسجون سرية وتعذيب تستهدف 9500 معتقل

يوم الأسير الفلسطيني: إخفاء قسري وسجون سرّية وتعذيب تستهدف 9500 معتقل

17 ابريل 2024
تجمّع بالخليل يدعو لإطلاق سراح الأسرى وإعادة جثث الشهداء منهم، 27 /2/ 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- يحيي الفلسطينيون يوم الأسير في ظل هجمة إسرائيلية شرسة أدت لاستشهاد 16 أسيرًا وإصابة المئات، مع تصاعد القلق الدولي حول الإخفاء القسري ومنع الزيارات.
- تقارير حقوقية وشهادات أسرى مفرج عنهم تكشف عن تعذيب وإهمال طبي في سجون سرية، مطالبة بتدخل دولي وتحقيقات لمحاسبة المسؤولين.
- أكثر من 9500 أسير بما فيهم نساء وأطفال يواجهون أحكامًا قاسية، مع ارتفاع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 252، مما يستدعي ضرورة التضامن الدولي والضغط على إسرائيل لاحترام حقوق الإنسان.

يعود يوم الأسير الفلسطيني هذا العام، في ظل هجمة شرسة وغير مسبوقة تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى استشهاد 16 أسيراً على الأقل وإصابة المئات، في ظل تأكيدات بشأن سجون سرية يتم فيها تعذيب الأسرى.

يقول رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري، لـ"العربي الجديد": "إنّ يوم الأسير الفلسطيني يأتي هذا العام في ظل حرب الإبادة المستمرة وتنكر العالم لحقوق الشعب الفلسطيني، بالتزامن مع ممارسة شتى أشكال الإرهاب، ويأتي يوم الأسير من أجل استذكار معاناة الأسرى والالتفاف حولهم".

تنكيل مستمرّ

بحسب شهادات الأسرى المفرج عنهم، فإنّ التنكيل والبطش بالأسرى وضربهم وفرض عقوبات عليهم، وتجريدهم من كلّ مقومات الحياة ما زال مستمراً، في سياق الهجمة المستمرة منذ 7 أكتوبر، مما أدى إلى استشهاد 16 أسيراً، وإصابة المئات، مع استمرار جريمة الإخفاء القسري وعدم إعطاء معلومات حتى الآن حول معتقلي قطاع غزّة، بحسب رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري.

ووفق الزغاري، فإنّ التنكيل بالأسرى والأسيرات يأتي في ظل حرب الإبادة التي تمارس في قطاع غزّة، ومواصلة الاحتلال حملات الاعتقال اليومية في الضفّة الغربية، حيث يُمارس الاعتداء على الأسرى والتنكيل بهم في كلّ مراحل عمليات الاعتقال، ولا تزال النزعة الانتقامية موجودة حتى الآن، حتى وصل الأمر بالاعتداء على الأسرى أثناء الإفراج عنهم.

وسببت حملات الاعتقال اليومية اكتظاظاً بأعداد الأسرى، في ظلّ سياسة التجويع والإهمال الطبي ومنع مواد التنظيف، وإزدياد أعداد الأسرى المرضى نتيجة لذلك، كما يتم تفتيش الأسرى وعزلهم، والاعتداء عليهم، بمن فيهم قيادات الحركة الأسيرة، خاصة القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، بحسب الزغاري.

إخفاء قسري وسجون سرية

وأضاف الزغاري أنّ قوات الاحتلال تعزل الأسرى عن العالم الخارجي، وتمنع عنهم أجهزة التلفاز والمذياع، وهم لا يعرفون ما يحدث في الخارج، وهو ما سبب قلقاً لعائلاتهم. كما أنّ زيارات المحامين للأسرى تتم بصعوبة، في ظل حالة التضييق المتواصل على المحامين، وعلى الزيارة ذاتها، إذ تلغى كثير من الزيارات، ويُحضر الأسرى مكبلي الأيدي والأرجل.

ويؤكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدورة فارس، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ وجود سجون سرّية إسرائيلية أصبح حقيقة، وليس مجرد شكوك فلسطينية: "كانت لدينا دائماً شكوك بأنّ هناك سجوناً سرّية إسرائيلية تحت الأرض يتم اعتقال وتعذيب الفلسطينيين فيها، لكن هذه الشكوك أصبحت يقيناً بعد أن أصدر وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير قبل شهرين أوامره بفتح السجن الموجود تحت أرض سجن الرملة، وهناك شكوك بأنّ هناك سجوناً أخرى سرية للاحتلال".

يوضح فارس أنّ معسكر "سدي تيمان" قرب مدينة بئر السبع جنوبي فلسطين المحتلة ليس سرياً، لكنّ إسرائيل تمارس بحق الأسرى الموجودين فيه جريمة الإخفاء القسري، لأنّ مكان المعسكر معروف وهو يتبع لجيش الاحتلال، لكنّ الأسرى محجوبون قسراً عن المؤسسات الدولية والحقوقية والمحامين وعائلاتهم، وهذا ما يسمى بحسب القانون الدولي "جريمة الإخفاء القسري للأسرى".

وكانت صحيفة هآرتس قد كشفت عن مقتل 27 معتقلاً من قطاع غزّة، منذ 7 أكتوبر، خلال استجوابهم واحتجازهم في منشآت عسكرية إسرائيلية، بفعل التعذيب أو الحرمان من العلاج. ووفق ما أوردت الصحيفة، فإنّ المعتقلين استشهدوا أثناء احتجازهم في قاعدتي سدي تيمان قرب مدينة بئر السبع، وعناتوت قرب مدينة القدس المحتلة أو أثناء التحقيق معهم في منشآت إسرائيلية أخرى، من دون أن ينشر الجيش أي معطيات حول ظروف استشهادهم.

وترفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي الإفصاح عن أسماء المعتقلين من أهالي القطاع، أو أماكن وجودهم أو أيّ معلومات بشأن أوضاعهم، في ظلّ تعتيم كامل على ظروف اعتقالهم ومنع كامل للمؤسسات الدولية والحقوقية والمحامين من زيارتهم.

ويدعو فارس إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في سلسلة الجرائم التي قام بها الاحتلال ضد الأسرى، "رغم خيبة الأمل الكبيرة التي يعيشها الفلسطينيون من العالم ومؤسساته الدولية، إلا أنّه لدينا نداء للمجتمع الدولي أن يقف عند مسؤولياته وأن يتخذ التدابير التي من شأنها كبح جماح وحشية الاحتلال". 

ويقول فارس: "ما يمرّ به الأسرى من ظروف استثنائية هذا العام لا يشبه أي عام آخر، فالأسرى يتعرضون لحرب حقيقية وانتقام ممنهج متواصل، تتورط فيه كلّ مؤسسات دولة الاحتلال".

9500 أسير وأسيرة

وبحسب ورقة حقائق صادرة عن مؤسسات الأسرى، عشية يوم الأسير الفلسطيني (17 إبريل/ نيسان 2024)، فإنّ عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ يبلغ حالياً أكثر من 9500 أسير وأسيرة، وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزّة كافّة الذين يخضعون لجريمة (الإخفاء القسري)، فيما يبلغ عدد الأسيرات من بين مجموع الأسرى 80 أسيرة، منهنّ ثلاث أسيرات رهن الاعتقال منذ ما قبل 7 أكتوبر، وكذلك أكثر من 200 طفل.

ومن بين مجموع الأسرى في سجون الاحتلال وصل عدد الأسرى الإداريين إلى أكثر من 3660 معتقلاً، من بينهم 22 امرأة وأكثر من 40 طفلاً، بينما يبلغ عدد المعتقلين الذين صنّفهم الاحتلال بـ"المقاتلين غير الشرعيين"، الخاص بأسرى غزة، وفقاً لمعطى إدارة السجون، 849 معتقلاً.

وتصاعدت أعداد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر، فهناك مئات من المرضى والجرحى، بينما يبلغ عدد الصحافيين المعتقلين 56 صحافياً، منهم 45 اعتقلوا بعد 7 أكتوبر وما زالوا رهن الاعتقال، من بينهم 4 صحافيات، كما بلغ عدد النواب السابقين في المجلس التشريعي المعتقلين 17 نائباً.

أسرى المؤبدات وما قبل أوسلو

بلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين بشكل متواصل منذ ما قبل اتفاق أوسلو (1993) 21 أسيراً، يضاف إليهم 11 أسيراً اعتقلوا منذ ما قبل توقيع الاتفاق وأفرج عنهم ضمن صفقة "وفاء الأحرار" التي تمت عام 2011، وأعيد اعتقالهم عام 2014، أبرزهم الأسير نائل البرغوثي، كما يوجد المئات من الأسرى أمضوا أكثر من 21 عاماً في الأسر.

ويبلغ عدد الأسرى الذين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبّد ومن ينتظرون أحكاماً مؤبّدة نحو 600 أسير فلسطيني، بينما ارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 252 شهيداً منذ عام 1967، مع استمرار الاحتلال بإخفاء هويات غالبية شهداء معتقلي غزّة الذين استشهدوا بعد 7 أكتوبر، بينما يبلغ عدد الشهداء الأسرى المحتجزة جثامينهم 27 شهيداً، أقدمهم الأسير الشهيد أنيس دولة المحتجز جثمانه منذ عام 1980.

اعتقالات متواصلة

بعد 7 أكتوبر، بلغت حصيلة حملات الاعتقال أكثر من 8270 في الضفّة، بما فيها القدس، تشمل من أفرج الاحتلال عنهم أو أبقى على اعتقالهم، وفيهم نساء وأطفال وصحافيون، وبلغت أوامر الاعتقال الإداري بعد ذلك التاريخ أكثر من 5168 أمر، ما بين أوامر جديدة وأوامر تجديد، منها أوامر بحقّ أطفال ونساء.

وإلى جانب حملات الاعتقال هذه، فإنّ قوات الاحتلال نفّذت إعدامات ميدانية، شملت أفراداً من عائلات المعتقلين، كما صعّدت من عمليات التحقيق الميداني التي طالت المئات، كما أعاد الاحتلال اعتقال 15 أسير من بين 240 أفرج عنهم في إطار اتفاق الهدنة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.

المساهمون