- الزيارة تشمل مناقشات مع مسؤولين مغاربة حول الإسلام وتدريب الأئمة، بالإضافة إلى تزامنها مع زيارة وزير الفلاحة الفرنسي، مما يعكس رغبة في تعميق العلاقات الثنائية.
- تأتي هذه الزيارات في إطار تحسن العلاقات بين البلدين بعد فترة من التوترات، مع التأكيد على الأهمية الاستراتيجية للمغرب في مجالات الأمن، الاقتصاد، ومحاربة التطرف.
يبدأ وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، اليوم الاثنين، زيارة عمل إلى العاصمة المغربية، في خطوة أخرى لإعادة العلاقات بين باريس والرباط، بعد الأزمة الصامتة غير المسبوقة التي عاشها البلدان على مدى السنوات الثلاث الماضية، وينتظر أن يعقد مباحثات مع مسؤولين مغاربة عدة، في مقدمتهم نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، ستنصب بدرجة أولى على تعزيز التعاون الثنائي في المجال الأمني.
وبحسب ما نشرته وسائل إعلام فرنسية، فإن درامانان سيناقش مع لفتيت قضايا أمنية ذات أهمية متبادلة وقضايا مختلفة، بما في ذلك مكافحة الجريمة المنظمة، مع التركيز بشكل خاص على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات. وقالت المصادر ذاتها إن التعاون الأمني سيكون في قلب النقاشات، وذلك تعزيزا للجهود المشتركة ضد الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر، حيث عمل البلدان على مدى السنوات العديدة الماضية، على إبرام اتفاقات تهدف إلى مكافحة أشكال مختلفة من الجريمة العابرة للحدود.
وفضلا عن وزير الداخلية المغربي، سيلتقي دارمانان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، إضافة إلى ممثلين عن مجتمع الأعمال الفرنسي المغربي والمغتربين الفرنسيين في المغرب. ويعتبر لقاء دارمانان والتوفيق فرصة لمناقشة القضايا المتعلقة بالإسلام وتدريب الأئمة، لا سيما بعدما كشفت وسائل الإعلام الفرنسية أن باريس قررت الاستعانة بخبرة الرباط في تكوين الأئمة، تزامنا مع القانون الجديد المتعلق بذلك، خاصة أن المملكة تضم معهد "محمد السادس لتدريب الأئمة والمرشدات".
وتأتي زيارة الوزير الفرنسي بالتزامن مع زيارة عمل يقوم بها زميله وزير الفلاحة مارك فينسو إلى المغرب، بدءا من اليوم وعلى امتداد ثلاثة أيام، في حين ينتظر أن يزور الرباط وزراء آخرون خلال الأيام القادمة، أبرزهم وزيرة الثقافة الفرنسية من أصل مغربي رشيدة داتي.
وتوالت خلال الأسابيع الماضية الإشارات إلى إحراز تقدم في طي صفحة أزمة عميقة شهدتها العلاقات بين البلدين منذ عام 2021، كان من أبرزها زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إلى الرباط في 26 فبراير/شباط الماضي، وزيارة مماثلة لنظيره المغربي ناصر بوريطة إلى باريس في 9 إبريل/نيسان الحالي، وأيضاً إعلان وكالة الأنباء الرسمية في المغرب عن حضور الأميرات للا مريم وللا أسماء وللا حسناء مأدبة غداء بقصر الإليزيه بدعوة من بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي، في 20 فبراير الماضي.
وعرفت العلاقات بين الرباط وباريس مدا وجزرا منذ وصول ماكرون إلى قصر الإليزيه عام 2017، وعاشت على وقع توتر صامت تحول إلى "مواجهة مفتوحة" دارت رحاها على جبهات عدة، سياسية ودبلوماسية واقتصادية وإعلامية.
وفي السياق، يرى الباحث في تاريخ العلاقات الدولية بوبكر أونغير أن "العلاقات المغربية الفرنسية تمر بشهر عسل حقيقي سيدوم طويلا على اعتبار أن باريس بحاجة ماسة إلى أدوار المغرب الاستراتيجية في محاربة التطرف والإرهاب والحيلولة دون استفحال الهجرة السرية"، وقال في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "فرنسا واعية جدا بأن تحسن العلاقات مع المغرب أمنيا واستخباراتيا يخدم أمن واستقرار الشعب الفرنسي. كما أن الوزن السياسي والاقتصادي الكبير للجالية المغربية الموجودة في فرنسا وتغلغل أفرادها في أعماق الدولة العميقة الفرنسية أديا إلى حاجة فرنسا العميقة للدور المغربي في تدبير الشأن الداخلي الفرنسي، خصوصا أن الجالية المغربية نشيطة في عدد من مساجد فرنسا".
ويعتقد أن زيارة وزير الداخلية الفرنسي إشارة إيجابية إلى أن العلاقات المغربية الفرنسية عادت إلى سابق عهدها، وأن جو التوتر وسوء الفهم تم تجاوزهما، خصوصا أن زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى فرنسا وزيارة ماكرون إلى المغرب منتظرتان في أوساط المهتمين في البلدين.