يبدأ وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، اليوم الخميس، زيارة رسمية للعاصمة التركية أنقرة، يلتقي خلالها نظيره التركي، مولود جاووش أوغلو، إضافة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقد حُدِّد موعد الزيارة عقب انعقاد الجولة الـ62 للمباحثات الاستكشافية بين البلدين، التي عُقدت الشهر الماضي.
وحلّ ديندياس في مدينة إسطنبول أمس الأربعاء، حيث التقى بطريرك الروم الأرثوذكس في إسطنبول بارثولوميوس، في مقر القنصلية اليونانية العامة بالمدينة.
وصرح بارثولوميوس بأن اللقاء "بحث صلاحيات الأساقفة في اليونان مع تمتع البطريركية بصلاحيات في بعض مناطق اليونان، وجزيرة كريت ومناطق أخرى".
من ناحيته، قال ديندياس: "سألتقي غداً (الخميس) بصديقي مولود جاووش أوغلو، أعتقد أنه سيكون لقاءً جيداً"، لكن ديندياس عقب الزيارة عاد إلى اليونان للمشاركة عبر تقنية الفيديو كونفرانس باجتماع لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما سبّب تأجيل الزيارة التي كانت مقررة أمس، ليعود مجدداً إلى تركيا صباح اليوم من أجل عقد لقاءاته التي تكتسي أهمية لكونها تأتي بعد توترات في علاقات البلدين.
ونقلت مصادر دبلوماسية أن جاووش أوغلو سيلتقي في وقت مبكر اليوم الخميس، مع الجانب الشمالي من قبرص، قبيل العودة إلى أنقرة لعقد اللقاء مع نظيره اليوناني.
وتأتي الاجتماعات التركية اليونانية في أنقرة بعد يوم واحد من لقاء رئيس الوزراء اليوناني كريكوس ميتشوتاكيس، مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة.
ومن المنتظر نتيجة للتطورات الحاصلة، والرسائل الإيجابية بين أطراف الصراع في شرق المتوسط بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا، أن يجري تناول الملفات المتعلقة ببحر إيجة وشرق المتوسط، والتوتر الحاصل في المنطقة، والحدود البحرية، فضلاً عن عمليات التنقيب عن النفط والغاز التي أشعلت توترات في علاقات البلدين خلال السنوات الأخيرة.
ويأتي اللقاء في وقت تتحسن فيه علاقات تركيا مع الأطراف المعنية شرق المتوسط، وهي دول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا، وكذلك مصر، مع تبادل للرسائل الإيجابية، وتقدم الحل السياسي في ليبيا. وكل التطورات الحاصلة قبيل اللقاء، تشير إلى أن هذا الاجتماع قد يفضي إلى تأسيس لحسن النيّات بين البلدين، تمهيداً لحل الخلافات، والوصول إلى توافقات في الملفات العالقة.
وكانت اليونان قد عبّرت عن انزعاجها من اتفاقية تحديد حدود صلاحيات النفوذ البحري بين تركيا وليبيا، وطالبت بإلغائها، وهو المطلب الذي قوبل برفض تركي وليبي، فيما عملت أنقرة على اتفاق مماثل مع القاهرة قوبل بدوره برفض أنقرة. وتطالب اليونان بعقد اتفاقية مماثلة مع ليبيا، وهو ما رفضه الدبيبة، لأن حكومته لا تملك صلاحية إبرامات اتفاقيات مماثلة.
ومع كل التوتر الحاصل في المنطقة، قادت ألمانيا مساعي للتوسط بين اليونان وتركيا، وتكلل ذلك بانعقاد جولتين استكشافيتين بين البلدين خلال الفترة الماضية بعد انقطاع استمر خمس سنوات، ضمنها جولة بإسطنبول في يناير/ كانون الثاني الماضي، وأخرى في اليونان الشهر الماضي.
وتعود آخر زيارة لوزير الخارجية اليوناني لتركيا إلى أواخر عام 2019، وشملت زيارة بطريركية الروم الأرثوذكس في إسطنبول بمناسبة احتفالات عيد الميلاد، وجاءت الزيارة بعد لقاء مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر المناوئ لتركيا. وعقب زيارة إسطنبول، أجرى ديندياس جولة شملت مصر والسعودية والإمارات.
وشهد العام الماضي إعلاناً متبادلاً بين الجانبين بخصوص "آلية نافتكس" للبحث الزلزالي في شرق المتوسط، وأرسلت تركيا سفينة "عروج ريس" للأبحاث، ورافق ذلك تطورات في ليبيا باستعادة حكومة الوفاق الوطني زمام المبادرة وتأمين العاصمة طرابلس ووصول قواتها إلى تخوم سرت، ليوقَف إطلاق النار. وأشعلت هذه التطورات كذلك توتراً بين أوروبا وتركيا، وكانت اليونان رأس حربة المواجهة الأوروبية مع تركيا، إلى جانب فرنسا.
واستضافت إسطنبول الجولة الـ61 من المحادثات التركية اليونانية في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد سنوات من الانقطاع. وشارك في المحادثات من الجانب التركي نائب وزير الخارجية سادات أونال، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن، ومدير الشؤون السياسية الثنائية والبحرية والجوية والحدود في الخارجية تشاغطاي أرجييس، ونائبه باريس كالكاوان.
ومن الجانب اليوناني، شارك في المحادثات السفير المتقاعد بافلو أبوستوليديس، والمدير العام لوزارة الخارجية، السفير ألكساندروس كويو، وسكرتير الأمين العام للخارجية إفيغنيا كانارا.
يُشار إلى أن اللقاءات الاستكشافية بين تركيا واليونان انطلقت لأول مرة عام 2004، واستمرت إلى عام 2016، وعقد خلالها نحو 60 لقاءً، كان الهدف منها تبادل وجهات النظر حول القضايا الخلافية، في محاولة لإحداث اختراق في المسائل العالقة. وعادة ما يُلجأ إلى اللقاءات الاستكشافية عند استعصاء حل الخلافات من طريق اللقاءات الرسمية المباشرة على المستوى العالي بين الدول، لتكون هذه اللقاءات حلقة وصل دائمة على أمل إحداث اختراق.