هذه أبرز تفاهمات أعيان المنطقة الشرقية ومصراته لتنفيذ توصيات الغردقة

ليبيا: هذه أبرز تفاهمات أعيان المنطقة الشرقية ومصراته لتنفيذ توصيات "الغردقة"

13 أكتوبر 2020
توافق الوفدين على بنود عديدة على طريق بناء الثقة بين الطرفين (فرانس برس)
+ الخط -

أنهى وفد من أعيان المنطقة الشرقية في ليبيا مساء أمس الاثنين، زيارة لمدينة مصراته التقى خلالها أعيان المدينة، لبحث عدة ملفات متصلة بالصراع الحالي القائم في البلاد.

وبحسب فرج بن سعيد، أحد أعضاء وفد المنطقة الشرقية، فقد بحث اللقاء مع أعيان مجلس حكماء مصراته على مدار يومين ملفات أسرى الحرب والمعتقلين من الطرفين، في خطوة أولى لبدء عمليات تبادلهما.

وأشار بن سعيد في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن مباحثات اللقاء بين الطرفين سادتها أجواء من التفاؤل والتفاهم، مضيفاً أن "اللقاء انتهى إلى تشكيل لجان مشتركة من الطرفين للإشراف على تنفيذ عدد من توصيات اللجان الأمنية التي التقت في مدينة الغردقة المصرية"، الشهر الماضي.

وأوضح أن اللجان التي سيتم تشكيلها "في القريب العاجل، ستشرف على فتح الطرقات البرية المقفلة بين الشرق والغرب والمطارات"، متابعاً "بحثنا أيضا ملف النازحين والمهجرين بسبب الحرب من كلا الطرفين، وهناك تفاهمات جيدة جدا بشأن إمكانية عودة كل النازحين إلى مناطقهم".

اللجان التي سيتم تشكيلها "ستشرف على فتح الطرقات البرية المقفلة بين الشرق والغرب والمطارات"

 

 لكن بن سعيد استدرك بالقول إن حلحلة الملفات المتعلقة بتبادل الأسرى وفتح المسارات البرية والجوية تمهد لبناء جسور الثقة لتناول قضية النازحين والمهجرين، التي تعتبر الأكثر حساسية وتحتاج لضمانات كبيرة لعدم التعدي على العائدين من النازحين في مناطقهم.

وانتهى لقاء اللجان الأمنية الليبية المشتركة في مدينة الغردقة المصرية، الشهر الماضي، إلى عدة توصيات، كشف عنها بيان للبعثة الأممية التي رعت اللقاء وقتها، منها الإفراج الفوري عن المحتجزين على الهوية دون أي شروط أو قيود.

وتضمنت التوصيات أيضا اتخاذ التدابير العاجلة لتبادل الأسرى جراء العمليات العسكرية عبر تشكيل لجان مشتركة من طرفي القتال، كما شملت التوصيات إيقاف حملات التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية واستبداله بخطاب التسامح والتصالح ونبذ العنف والإرهاب.

ومن بين توصيات لقاء الغردقة الإسراع في فتح خطوط المواصلات الجوية والبرية بما يضمن حرية التنقل للمواطنين بين كافة المدن الليبية، ونقل التصورات التي وضعها المشاركون في لقاء الغردقة بشأن الترتيبات الأمنية في المنطقة الوسطى إلى اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، مع نقل تحديد مهام وصلاحيات حرس المنشآت النفطية، بما يضمن انتظام عملية إنتاج وتصدير النفط.

ورغم التفاؤل الكبير الذي ساد لقاءات الوفدين في مصراته، إلا أن أهم توصيات لقاء الغردقة يبدو أنه موكل للجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 التي حددت البعثة الأممية، السبت الماضي، موعد اجتماعها في جنيف في الـ19 من الشهر الجاري، ويتعلق اجتماعها باعتماد التصورات التي وضعتها اللجان الأمنية، خلال لقائها في الغردقة، بشأن تحديد نقاط انسحاب القوتين، مليشيات حفتر وقوات حكومة الوفاق، شرق وغرب مدينة سرت وتشكيل قوة شرطية مشتركة لتأمين المدينة.

أهم توصيات لقاء الغردقة يبدو أنه موكل للجنة العسكرية المشتركة 5 + 5

 

وكانت مصادر ليبية قد كشفت في تصريح سابق لـ"العربي الجديد" عن أن مسودة الترتيبات الأمنية، وفق تصور اللجان الأمنية المجتمعة في الغردقة الشهر الماضي، تتضمن انسحاب طرفي الصراع، مليشيات حفتر وقوات حكومة الوفاق، من سرت لمسافة تقارب 150 كم، حيث ستتواجد الأولى في منطقة بن جواد، شرق سرت، والثانية في منطقة الهيشة غرب سرت. 

كما أوضحت أن كلا الطرفين سيبقي على نصف قواته من المقاتلين مع سحب الأسلحة الثقيلة للطرفين إلى مواقع خلفية أخرى، في خطوة أولى لتمكين قوات شرطية بمشاركة وزارتي الداخلية بحكومة الوفاق والحكومة الموازية شرق البلاد لتأمين منطقة سرت. 

إجراءات مهمة لبناء الثقة

ويشير إعلان المؤسسة الوطنية للنفط، الأحد الماضي، عن رفعها لحالة القوة القاهرة عن حقل الشرارة، أكبر حقول البلاد النفطية، إلى تقدم في مسألة المقاتلين المرتزقة لدى الطرفين، بحسب المحلل السياسي الليبي مروان ذويب.

وأوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المؤسسة أكدت في عدد من بياناتها السابقة أن قرارها بشأن فرض القوة القاهرة على مواقع نفطية جاء بسبب انتشار مقاتلين مرتزقة، وتحديدا مرتزقة فاغنر، فيها، مشددة على أنها لن ترفع القوة القاهرة إلا بعد إخلاء المواقع من مظاهر التسلح.

ويرى ذويب أن توافق الوفدين في مصراته على تبادل الأسرى وإطلاق سراح المختطفين على الهوية وفتح المواصلات البرية والجوية هو إجراء مهم في طريق بناء الثقة بين الطرفين سيمهد لأهم الملفات المتعلق برجوع النازحين والمهجرين بسبب الحرب، معتبرا أن حساسية الملف هي السبب الذي حدا بالبعثة الأممية لإسناد تنفيذ توصيات الغردقة إلى لجان اجتماعية وقبلية في المرحلة الأولى.

ويلفت المحلل السياسي إلى أن عودة النازحين والمهجرين قسرا تتطلب ضمانات اجتماعية وتعهدات قبلية بعدم المساس بالعائدين، مشيرا إلى وجود أكثر من عشرة آلاف أسرة مهجرة من بنغازي في مصراته وطرابلس منذ أربع سنوات، بالإضافة لحلفاء حفتر من ترهونة، الذين نزحوا إلى مناطق الشرق إثر انكسار قواته في يونيو/حزيران  الماضي.

على صعيد منفصل، لا يزال ممثلون ليبيون عن مجلسي الدولة والنواب والهيئة التأسيسية لصياغة الدستور يناقشون، خلال لقاءاتهم الحالية في القاهرة، إمكانية التوصل إلى قاعدة دستورية توافقية للخروج إلى مرحلة انتخابات عامة في أقصر وقت، بعد أن اختلفت الآراء بشأن مسودة الدستور التي أعلنت عنها الهيئة التأسيسية، منتصف عام 2017، حول عدد من موادها.

وإزاء تأجيل مجلسي الدولة والنواب لجلساتهما بشأن المصادقة على اتفاق ممثليهما في لقاءات بوزنيقة، المقرر عقدها الأسبوع الجاري، وفق مصادر ليبية مسؤولة، يقول الأكاديمي الليبي ياسين العريبي إن البعثة الأممية تسير وفق خططها السابقة، ولكنها عملت على خلق مسارات جديدة لتسهيل عملية الوصول إلى حلول للملفات العالقة، من لقاء الغردقة إلى لقاءات بوزنيقة ومونترو والقاهرة إلى لقاء تونس الشهر المقبل.

حلفاء حفتر: خطوات إلى الوراء

ورغم إقرار العريبي خلال تصريحاته لـ"العربي الجديد"، بجدية خطوات البعثة الأممية، إلا أنه يعتقد أن الجديد في جهود الحل الحالية هو الانخراط الأميركي الكبير، الذي فرض نوعا من الإجماع الدولي على ترك خلافاته في الملف الليبي.

وبحسب العريبي، فإن أهم العوامل المساعدة للمساعي الأميركية في الملف الليبي، هو انكسار حملة حفتر العسكرية على طرابلس واستحالة الحل العسكري، ما أقنع حلفاء حفتر بالتراجع خطوات إلى الوراء، مشيرا إلى أن الرؤية الأميركية نجحت في إشراك دول الجوار الليبي في جهود البحث عن حلول للملف الليبي.

وتابع: "استضافة مصر لأكثر من لقاء سواء على الصعيد الأمني أو الدستوري، وتونس بالتنسيق مع الجزائر لاستضافة المنتدى السياسي، خلق خطوات أبعدت بشكل كبير تأثير الدول الإقليمية والأوروبية في الملف الليبي، وتركت هامشا كبيرا لحراك دول الجوار الأكثر معرفة بتفاصيل الأزمة في ليبيا".

ورغم ذلك لا يرى العريبي في المسارات الحالية إلا ممهدا لعملية انتقالية جديدة لا تتواجد بها ضمانات كبيرة لخروج البلاد من أزمتها، معتبرا أن ملف السلاح أكبر الملفات وأكثرها حساسية وعلاقة بالميدان الذي لا يزال متوترا.

وإن يرى العريبي أن لقاءات الممثلين الاجتماعيين عن الشرق ومصراته "خطوة مهمة لخلق أجواء من الثقة تقطع الطريق أمام الراغبين في حرب جديدة"، في إشارة للتحشيدات العسكرية من جانب حفتر في منطقة الجفرة، إلا أنه يرى أن عدم بحث الأطراف الليبية والبعثة الأممية لملف السلاح وما يتعلق به من مقاتلين وتشكيلات مسلحة منتشرة بشكل واسع "يعني استمرار الأزمة، فهذا الملف هو الملف الرئيسي والملفات الأخرى توابع له".

 

 

المساهمون