مهند الساير لـ"العربي الجديد": أنهينا مشهداً كان يقوده الفاسدون في الكويت

04 يونيو 2023
الساير: مجلس 2022 هو مرحلة انتقالية (العربي الجديد)
+ الخط -

مجلس 2020 أقصى أول رئيس وزراء في الكويت

كتلة الـ4 لم تجامل أفرادها على حساب مبادئها

مرزوق الغانم نهج وليس شخصاً

تشهد الكويت يوم الثلاثاء المقبل انتخابات مجلس الأمة (البرلمان)، بعد إبطال انتخابات مجلس 2022، التي أُجريت في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي.

"العربي الجديد" قابل مرشح الدائرة الثالثة مهند الساير، وأجرى معه هذه المقابلة الخاصة، حول تقييمه لتجربته البرلمانية في مجلسي 2020 و2022، وعن تجربته خلالهما في العمل ضمن كتلة برلمانية، وعما يحمله كونه أحد المستجوبين الثلاثة الذين أطاح استجوابهم رئيس الحكومة السابق الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح من منصبه، وماذا يمثّل منصب رئاسة البرلمان المُقبلة، وما إن كان متفائلاً أم العكس من المشهد بعد الانتخابات؟


*كيف تقيّم تجربتك في مجلسي 2020 و2022؟

في البداية تجربة 2020 كانت لها أهداف. من وجهة نظرنا ووجهة نظر المجتمع، كانت هناك مجموعة في حقبة سياسية سيئة استمرت لمدة 8 سنوات، سيطرت على المشهد، ونحن على قناعة تامة أنها السبب الرئيسي في تردي البلد بكل مؤسساته ومقوماته. لذا كان هدفنا إقصاء هذه المجموعة لأننا نعلم أن مجلس الأمة مهما كان أداؤه جيداً، هو ليس مجلساً فنياً وإنما مجلس سياسي، مجلس يهيئ الظروف السياسية للحكومة حتى تعمل، عن طريق القوانين والاقتراحات وعن طريق التعاون أو المحاسبة والمراقبة. وحتى نستطيع تحقيق الأرضية المشتركة لتعمل الحكومة، كان لا بدّ من إقصاء الذين كانوا يسيطرون على المشهد طوال الـ8 سنوات، فلما تحقق الهدف بدأنا الصفحة الثانية في مجلس 2022.

الساير: إطاحة الشيخ صباح الخالد ليست انتصاراً لاسم أو لفرد، لكنّها انتصار للأمة

إذاً تقييمي لتجربة مجلس 2020، أولاً أننا والمجتمع والناس والإرادة الشعبية حققنا الهدف بإنهاء مشهد كان يقوده مجموعة من الفاسدين، وكانت فيه أحداث تاريخية استطعنا أن نؤكد من خلالها أن أي تعدٍّ على الدستور أمر غير قابل للنقاش.

ثانياً والأهم أن رئيس مجلس الوزراء (الشيخ صباح الخالد الصباح) عندما تعدى على الدستور، الذي هو استكمال لمشهد سابق من رؤساء الوزراء الذين سبقوه في بعض التجاوزات الدستورية، استطعنا إثبات أن التجاوز على الدستور في هذه الحقبة، يعني أول رئيس وزراء في تاريخ الكويت يُقصى عن طريق البرلمان، فكان هذا بالإضافة إلى الاعتصام التاريخي وانتهاء المشهد السابق نزولاً عند الرغبة الشعبية من قِبل القيادة السياسية. كلها أهداف تحققت مع المجتمع والناس والإرادة الشعبية خلال عام ونصف العام فقط. فباعتقادي أن مُراد الناس تحقق في مجلس 2020.

بالنسبة إلى مجلس 2022 هو مرحلة انتقالية، ولم نعتقد، ولم يعتقد الناس، أن إقصاء الفاسدين يكون بسهولة. والمؤكد أن له تبعاته ومنها أن يحاولوا تشويه المشهد، وهذا ما تحقق فعلاً في الشهور الستة الماضية. وجود المرحلة الانتقالية حتى نخلق الأرضية المشتركة بيننا وبين الحكومة نحو القيادة المجتمعية بالفعل لمؤسسات الدولة.

*كنت عضواً في كتلة برلمانية من مجلس 2020 إلى مجلس 2022، والتي بدأت بـ6 أعضاء وتراجعت إلى 4 أعضاء. كيف تنظر إلى هذه التجربة وهل حققت أهدافها؟
باعتقادي صلابة الكتلة، أي كتلة برلمانية، وتأثيرها بمدى مصداقيتها، وهذا بفضل رب العالمين، إذ عندما وُجدت قرارات فردية من أعضاء الكتلة بقية الأعضاء لم يجاملوهم، ما أعطى عند الناس انطباعاً بأن هذه الكتلة لا تجامل على حساب مبادئها حتى أقرب الناس لها.

في تجارب سابقة كان الاعتبار لرقم الكتلة على ما سواه، حتى تسيطر عليها المجاملات، إلى أن تنتهي الكتلة بسقوطها من أعين الناس، وهذا ما كان مهماً بالنسبة لنا؛ ألا نخسر ثقة الناس بنا. وأرى أن هذا سبب قوة الكتلة مع تناقص عددها، وإيمان الناس بأن المجاملة ليست محل نقاش بالنسبة لأعضاء الكتلة، والنتيجة كانت أن الذي حققناه بـ5 أعضاء لم نحققه بـ6 أعضاء، وما حققناه بـ4 أعضاء لم نحققه بـ5 أعضاء. كما استطعنا بـ4 أعضاء التنسيق العالي مع النوّاب، وهذا تأثير الكتلة، وهو الأهم من وجهة نظري.

*أنت واحد من ثلاثة أعضاء استجوبوا رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد ما أدى إلى الإطاحة به من منصبه لأول مرة من قِبل البرلمان، هل هذا يحمّلك عبئاً في التعامل مع رئيس الحكومة القادم؟

لا شك في أن هذا الانتصار اليوم ليس انتصاراً لاسم أو لفرد، لكنّه انتصار للأمة. في الوقت نفسه يحمّلك مسؤولية أنك لا تستخدم هذا السلاح لإقصاء أي شخص كان، يعني ليس الهدف أنك اليوم تدخل بسيرة ذاتية أنك أطحت برئيس الوزراء، وبالتالي تستخدم هذا السلاح مع كل الوزراء ومع كل رؤساء الوزراء.

هذا يحمّلك أن تكون أكثر جديّة في محاسبتك، وأيضاً أعتقد أنه يُعطي درساً لأي رئيس وزراء قادم على قدرة النواب على الإطاحة به من منصبه، وتُصبح هذه الفكرة إنذاراً له، وأنه مثلما غادر الشيخ صباح الخالد قد يكون هو هذا الشخص، ويُقصيه البرلمان كما أقصى الذي قبله.

وباعتقادي أن هذا لمصلحة المجتمع وانتصار له، انتصار لا يصحّ أن يُستخدم استخداماً سيئاً، ما يعني بالتأكيد زيادة عبء الحرص عليك ألا تستخدم هذه الأداة فقط لإحساسك أو شعورك أنك استطعت الإطاحة برئيس الوزراء.

*خضتم في المعارضة معركة ضد رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم للمطالبة برحيله أسفر عن حلّ مجلس 2020. الآن في ظل ترشحه لهذه الانتخابات، هل يمثّل لكم منصب رئاسة البرلمان المقبل معركة جديدة؟

سبق أن ذكرت أن مرزوق الغانم ليس شخصاً وإنما مرزوق الغانم نهج، نحن ليس عندنا خلاف مع أشخاص، نحن عندنا خلاف مع نهج، قد يذهب مرزوق اليوم ويأتي مرزوق آخر، باختلاف الاسم والشكل، والأهم من هذا كله ألا نُعيد النهج الذي كان موجوداً.

الساير: نحن ليس عندنا خلاف مع أشخاص، نحن عندنا خلاف مع نهج

وقد تكون عودته اليوم إلى المشهد أنه رأى في حكم المحكمة الدستورية بإعادة مجلس 2020 ثم الانتخابات المبكرة فرصة لأن يعود إلى المواجهة، وفرصة لنهجه أن يعود مرة أخرى إلى قيادة المشهد. وأنا بتصوّري أن المجلس القادم هو مجلس إما يعود إلى العهد السابق والنهج السابق، أو ينتصر عهد الناس وإصرار الناس على العهد الجديد بقيادتهم، وهذه معركة مفصلية. وأعتقد أن دخوله (الغانم) اليوم بهذه الطريقة هو محاولته الأخيرة للعودة إلى المشهد.

*هل أنت متفائل أم العكس من المشهد المقبل في الكويت، وما هي المؤشرات الأولية التي تدفعك لأي منهما؟

طبعاً التفاؤل واجب علينا، وأيضاً له مؤشرات، أولاً، اليوم لو رجعنا بالزمن سنتين، وقلنا للناس في اليوم الذي اختاروا فيه السلطة والحكومة مرزوق الغانم في رئاسة البرلمان، أنه بعد سنتين أو بعد سنة ونصف السنة سينتهي هذا المشهد، وسيخرج رئيس الوزراء ويُعلن عدم تعاونه مع الأشخاص المرفوضين شعبياً، ويخرج وليّ العهد (الشيخ مشعل الأحمد) باسم الأمير (الشيخ نواف الأحمد) ويقول خطابه التاريخي الذي منح فيه تعهدات تاريخية، وندخل مشهداً من دون تدخل الحكومة في التصويت على رئيس البرلمان ومن دون التدخل في التصويت على اللجان البرلمانية.

أعتقد أن ردة الفعل في ذاك الوقت تستحيل أن يتحقق بهذه السرعة كل هذا، لكن بفضل رب العالمين ثم الناس استطعنا أن نحققه بعد سنة ونصف السنة. هذا يعطيك مؤشرات على أنه لا وجود لشيء مستحيل متى ما كانت الإرادة الشعبية عندها العزيمة على أن تحقق مكاسب. وما زلت أرى أن الناس عندها هذا الوعي والإصرار، ما يعطيني تفاؤل بالمرحلة القادمة على أن تكون مرحلة تحقيق إنجاز للبلد.

ثانياً، أعتقد أن المشهد السابق له تأثيرات على المشهد المقبل، حيث رئيس الحكومة عليه ضغط بأنه لا بدّ أن ينجح حتى يستمر، وأن مجموعة قد يكون هدفها وشغلها الشاغل إقصاءه من المشهد بالحق أو بالباطل، يزيد على رئيس الحكومة، ويزيد على النوّاب أن يكونوا موضوعيين، لأنه في ذات الوقت لا يمكن نُدافع عن حكومة لا ترغب بالعمل، وهذا ما سيُجبر الحكومة ورئيسها على العمل. وسواء الإجبار أو الاختيار فإن نتيجته واحدة، ولا يعنيني رئيس الحكومة شخصياً، وبالنهاية النتيجة العمل مهما كانت أسبابه أو دوافعه. لذا باعتقادي أننا أمام مؤشرات التفاؤل بأن مرحلة العمل قادمة إن شاء الله.

مهند الساير في سطور:

مهند الساير من مواليد عام 1981، حاصل على ليسانس حقوق في عام 2004، وحاصل على ماجستير بالقانون الخاص وقانون العلوم الإدارية عام 2006. انتسب إلى جمعية المحامين الكويتية بعد تخرجه مباشرةً، وتقلد فيها منصب أمين السر، ثم منصب نائب رئيس مجلس الإدارة قبل عضويته في البرلمان.

كما تقلد عضوية عدد من مؤسسات المجتمع المدني، منها عضوية الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام. خاص انتخابات مجلس الأمة لأول مرة في 2016 ولم يحالفه الحظ بالنجاح، ونال عضوية البرلمان في الانتخابات التي تلتها عام 2020، بعدما حلّ ثالثاً بحصوله على 3565 صوتاً في الدائرة الثالثة، وعلى عضوية مجلس 2022 المُبطل أخيراً، وحصده المركز الرابع بـ5992 صوتاً.