ماذا يُعدّ حفتر؟

21 أكتوبر 2021
تراجع حديث حفتر عن رغبته في خوض الانتخابات (Getty)
+ الخط -

في حادث مفاجئ كما وصفه مراقبون ليبيون، أطلق معسكر اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أول من أمس الثلاثاء، مناورة عسكرية باسم "رعد 2021"، قادها نجل حفتر، خالد، وشاركت فيها قوات ذات تدريب خاص لـ"لمحاربة التنظيمات الإرهابية". لكن اللافت في المناورة، مشاركة مقاتلات "ميغ 29" الروسية. 

خلال المناورة، التي شارك فيها "القائد العام" المكلف من حفتر، عبد الرزاق الناظوري، أعلن خالد حفتر وصول سرب من مقاتلات "ميغ 29"، مضيفاً أنها ستشارك في "استهداف معسكرات إرهابية". وبغض النظر عما إذا كانت المناورة رسالة تحذير عسكرية لخصوم حفتر، إلا أن إعلان معسكره عن امتلاك مثل تلك الطائرات هو ما دفع مراقبين إلى وصفها بالمفاجئة. فبالإضافة إلى كونها سلاحاً جوياً متطوراً، فإن الـ"ميغ 29" هي نفسها التي أعربت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، في مايو/أيار 2020، عن خشيتها من وصولها إلى ليبيا، في إطار سعي موسكو لدعم مرتزقة شركة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة بها.  

لكن المتابع قد لا يجد في هذا الحدث العسكري أي مفاجأة، باستثناء غياب حفتر شخصياً عنه. ففرص معسكر حفتر للبقاء في المشهد الليبي تتضاءل كل يوم، ويحدث ذلك منذ انكسار عدوان اللواء المتقاعد على العاصمة طرابلس منتصف العام الماضي. أما الجديد المتعلق بظهور سلاح روسي متطور، فيرتبط بتطورات الموقف الأميركي في الملف الليبي وذهاب واشنطن للإعلان صراحة عن اتجاهها لمعاقبة حلفاء موسكو في ليبيا وداعمي استمرار وجودها، وهو الاتجاه الذي ترجمه قانون استقرار ليبيا، الذي صادق عليه مجلس النواب الأميركي في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، وطالب بشكل واضح بمعاقبة داعمي تدخل القوة الأجنبية في ليبيا، وسمّى روسيا من بين تلك القوى بشكل أوضح. 

من دون عناء في التفكير، سيقع حفتر وشركاؤه المحليون تحت طائلة عقوبات القانون الأميركي، ولذا يبدو أن معسكر حفتر لم يعد له من خيار سوى إعلان المواجهة. لكن السؤال هو: هل تم ذلك باتفاق واضح مع موسكو؟ خصوصاً أن الوجود الروسي العسكري في ليبيا، بدأت حلقة الحصار تضيق عليه شيئاً فشيئاً، وسط مطالب دولية بضرورة مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا. 

مجاهرة خالد حفتر بحصول معسكر أبيه على سلاح روسي متطور، وإشراكه في المناورة التي لا توجد أسباب عسكرية أو أمنية تستدعيها في الوقت الحالي، لا يحتمل أي تفسير آخر سوى إعلان أن حفتر شريك أساسي للروس، وقد يزيد من دعم هذا الاحتمال تركيز الزيارات الأميركية الرسمية، ومنها زيارة قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند، إلى طرابلس (نهاية سبتمبر/أيلول الماضي)، وإهمال أميركي واضح لمعسكر حفتر خلال الآونة الأخيرة. 

ولا يعدو كل ذلك محاولة تحليل لما بين سطور، حول قد يُكتب في صفحة مستقبل معسكر حفتر، لكن عنوان تلك الصفحة سيبقى غائباً إلى حين تحديد حفتر لموقفه الواضح. فغيابه عن الساحة منذ أن كلّف الناظوري بتولي مهماته مؤقتاً، في 23 سبتمبر الماضي، يجعل التكهن بخطواته المقبلة غير ممكن، فالحديث عن رغبته في خوض الانتخابات تراجع، خصوصاً مع الارتباك الذي تعيشه العملية الانتخابية، لاسيما أن مناوراته من خلال مجلس النواب واجهها الفشل، ومطالب مثوله أمام القضاء الأميركي لمواجهة تهم تورطه في انتهاكات كبيرة تتزايد. فماذا يُعدّ حفتر؟ هل هي قفزة جديدة في الهواء، أم أنه قرّر الانحياز الواضح إلى جانب موسكو ضد واشنطن لخلط كل أوراق المشهد؟