ماذا تبقّى من المعارضة السورية؟

ماذا تبقّى من المعارضة السورية؟

04 يونيو 2023
تفقد المعارضة السورية تأثيرها في الشارع (Getty)
+ الخط -

تشهد الساحة السورية في الطرف المعارض حراكاً سياسياً مكثّفاً لمواجهة التحديات التي تهدد وجوده، وذلك بعد التوجّه العربي والإقليمي وحتى الدولي لتطبيع العلاقات مع النظام السوري على حساب إهمال القرارات الأممية الخاصة بالحل السياسي في سورية، وخصوصاً القرار 2254.

ويتوازى ذلك مع تهميش دور المعارضة السورية التي تفقد أهميتها شيئاً فشيئاً، وبشكل متسارع، لأسباب منها ما يتعلق بتركيبة هذه المعارضة، ومنها ما يرتبط بدور روسيا الحليف الأبرز للنظام، باللعب على وتر التشكيك بحجم تمثيل المعارضة، وصناعة معارضات ومنصات تتبنى الرؤية الروسية للحل في سورية، بهدف إشراكها ضمن الهيئات التمثيلية للمعارضة، بالإضافة إلى ضعف الكفاءة السياسية لدى معظم الجهات التمثيلية المعارضة.

وحملت تركيبة الجهات التمثيلية للمعارضة أسباب فشلها، ويبرز من تلك الجهات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، الذي لا يزال يمثل الجهة السياسية التمثيلية لقوى الثورة والمعارضة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي على الرغم من تراجع دوره بسبب تبعيته شبه الكاملة لتركيا، التي دخلت بمسار تطبيعي مع النظام، وبسبب انفصاله عن الحاضنة الشعبية للثورة السورية. كما أن تشكيلة الائتلاف تتألف من مكونات ليس لها وجود فعلي على الأرض وشخصيات همّها تكريس بقائها من دون أي فاعلية سياسية، بالإضافة إلى انفصاله عن الحامل العسكري للمعارضة، أي فصائل الجيش الوطني وحتى اصطدامه به أحياناً، الأمر الذي أفقده التأثير على الحاضن الشعبي للمعارضة والثورة، والقدرة على تطبيق أي من مخرجات الاتفاقات التي يوقعها.

كما تُعد الهيئة العليا للتفاوض الجسم التمثيلي المعني بالتفاوض مع النظام من خلال الأمم المتحدة بهدف تطبيق القرار 2254، ويشكّل الائتلاف الوطني أكبر مكوناتها بالإضافة إلى خمس كتل أخرى من بينها منصة موسكو المدعومة من روسيا. وعلى الرغم من أن الهيئة هي الجهة التمثيلية الوحيدة التي يمتلك العسكر كتلة ضمن مكوناتها، إلا أن هناك مناطق واسعة من سورية غير ممثلة بالهيئة (محافظة إدلب، وشرق الفرات). كما أنها لم تتمكن من تحقيق أي تقدّم في عملها، بل على العكس ساهمت بإفراغ القرار الدولي من مضمونه وحوّلته إلى تفاصيل سهّلت على النظام اللعب عليها. كما أن الدول التي تدعم النظام والدول العربية والإقليمية المتدخلة بالقضية السورية خلقت مسارات أخرى للحل أضعفت عمل الهيئة.

أما الجهة التمثيلية الثالثة فهي الحكومة السورية المؤقتة التي من المفترض أن تكون جهة تنفيذية، إلا أنها لم تتمكن بفعل ضعف الإمكانيات والتبعية المطلقة لتركيا من تحقيق شيء يذكر ولا تزال كياناً بلا فاعلية أو تأثير.

عدم جدية المجتمع الدولي في الوصول لحل جذري للقضية السورية، وعودة الكثير من الدول للتطبيع مع النظام في دمشق، بالإضافة إلى العوامل الداخلية التي ما زالت تساهم في إضعاف وتشتيت المعارضة السورية، عوامل من شأنها أن تشكل دافعاً إضافياً لتعويم النظام وإقصاء المعارضة من المشهد ما لم تبادر قوى المعارضة إلى تجميع قواها بجسم وخطاب موحد، بعيداً عن المصالح الشخصية، ما يعيد إليها شيئاً من بريقها ويعيدها للساحة الدولية.

المساهمون