اختتم رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، اليوم الثلاثاء، زيارته لليبيا بعد لقاءات أجراها مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، ويُنتظر أن يصل قائد "قوات الدعم السريع"، محمد حمدان دقلو "حميدتي"، إلى طرابلس مطلع الأسبوع المقبل.
وجاءت زيارة البرهان في إطار مساعٍ تطمح إليها حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي للوساطة بين الأطراف المتنازعة في السودان، في وقت أكدت فيه مصادر حكومية ليبية أن شكل المبادرة التي تسعى طرابلس لها لم تتشكل ملامحها بعد.
وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" أن المنفي والدبيبة متفقان على الانطلاق من مبدأ أساسي في المبادرة الليبية، وهو إقناع طرفي النزاع في السودان بضرورة وقف إطلاق النار، ليكون قاعدة أولى للانطلاق نحو مناقشة بقية الشواغل في الأزمة السودانية، لكنهما فضلا الاستماع إلى القادة السودانيين قبل إعلان أي خطوة، ومن هنا تأتي زيارة البرهان لطرابلس التي ستليها زيارة حميدتي.
وأضافت المصادر نفسها أن البرهان استعرض خلال لقائه المنفي والدبيبة، أمس الاثنين، الوضع في السودان وموقف الجيش السوداني من المبادرات السابقة التي قدمها أكثر من طرف إقليمي ودولي، واتهم البرهان "قوات الدعم السريع" بتعمد خرق أيِّ مساعٍ للتهدئة، مذكراً بعدم التزامها بنود إعلان جدة في مايو/ أيار من العام الماضي.
وقال أحد المصادر، وهو دبلوماسي بإدارة الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية بطرابلس، إن البرهان ألمح خلال حديثه مع المنفي إلى قبوله بجلوس ممثلين عنه مع قادة "الدعم السريع" برعاية ليبية، شرط وجود ضمانات بالتزام "الدعم السريع" نتائج أي حوار، لكنه رفض في ذات الوقت أي حوار يساوي بين الجيش و"الدعم السريع" التي وصفها بــ"المليشيا المجرمة".
ولم يُشِر المنفي والدبيبة أمس إلى المساعي القائمة من جانبهما للتوسط بين أطراف النزاع السودانية، حيث اكتفى المنفي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع البرهان، بالحديث عن تناول القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يؤدي إلى إحلال السلام والاستقرار في السودان والمنطقة، فيما قال المكتب الإعلامي للحكومة، في بيان مقتضب، إن الدبيبة والبرهان ناقشا عدداً من الملفات الإقليمية والدولية المشتركة بين البلدين.
ومن جانبه، ثمّن البرهان، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع المنفي، الموقف الليبي الذي عبّر عنه المنفي في المحافل الإقليمية والدولية تجاه القضية السودانية، الداعم لوحدة السودان وأمنها القومي ورفض التدخلات السلبية في البلدين، مشيراً إلى احتضان ليبيا آلاف الأسر النازحة من السودان على أراضيها.
واعتبر البرهان أن الزيارة ستكون فاتحة للعلاقات بين البلدين من مختلف القوى في السودان، اقتصادياً وسياسياً.
وسبق أن أجرى الدبيبة اتصالاً هاتفياً بقائد "قوات الدعم السريع" في السودان، أكد خلاله ضرورة تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية لإحلال السلام والاستقرار، ودعاه إلى زيارة ليبيا.
وفيما لم ترشح أي معلومات عن الإشارة إلى تورط اللواء المتقاعد خليفة حفتر في دعم "قوات الدعم السريع" خلال لقاءات البرهان بالقادة في طرابلس، لم يصدر أي موقف من جانب قيادة حفتر حيال المساعي في طرابلس للتوسط بين أطراف النزاع السودانية، ولا سيما أن حميدتي يتلقى دعماً عسكرياً من جانب حفتر.
وبالإضافة إلى الحدود المشتركة مع السودان، يعاني جنوب ليبيا من فراغ أمني كبير ومن غياب لسيطرة المؤسسات الرسمية وخدماتها. واستغلت العديد من الحركات الأفريقية المسلحة هذا الفراغ للتوزع فيه، بحثاً عن نقاط تمركز تنطلق منها لمعارضة السلطات الرسمية في بلدانها، ومنها أعداد غير معروفة من مسلحي "الجنجويد"، الذين انبثقت منهم "قوات الدعم السريع" بقيادة حميدتي.
وسبق أن نفت قيادة حفتر تقديمها أي دعم لـ"الدعم السريع" على خلفية تداول وسائل إعلام دولية أنباءً بشأن نقله عتاداً ومعدات عسكرية جواً إلى المناطق القريبة من الحدود مع السودان لدعم قوات حميدتي.
وكان "العربي الجديد" قد كشف في 20 إبريل/ نيسان 2023 عن تسيير رحلتين جويتين محملتين بعتاد عسكري من قاعدة الخروبة المحاذية لمعسكر حفتر في الرجمة إلى قاعدة الجفرة، أهم قواعد حفتر في وسط جنوبي البلاد، قبل أن تتوجه إلى مطار الكفرة، قرب الحدود مع السودان.
ويتركز وجود "الجنجويد" في الجنوب الليبي منذ أعوام كحلفاء لحفتر، وانضموا للقتال في حروبه العديدة، ولا سيما في هجومه على العاصمة طرابلس في 2019 و2020، بالإضافة إلى تأمين مواقعه العسكرية والحيوية في الجنوب الشرقي للبلاد.