قيس سعيّد يحاول إنعاش انتخابات 17 ديسمبر في تونس

قيس سعيّد يحاول إنعاش انتخابات 17 ديسمبر في تونس: حراك رئاسي لتنشيط الحملة

07 ديسمبر 2022
لاحظ المتابعون حركة غير مألوفة في النشاط الرئاسي (Getty)
+ الخط -

كثّف الرئيس التونسي قيس سعيّد من نشاطه الميداني خلال الفترة الأخيرة بشكل لافت، في خطوة وصفها معارضوه ومحللون بأنها محاولات لإنعاش الحملة الانتخابية التشريعية الباهتة، وسعياً لحشد الناخبين للإقبال على صناديق الاقتراع في 17 ديسمبر/ كانون الأول الحالي.

ولاحظ المتابعون حركة غير مألوفة في النشاط الرئاسي، من خلال تنقلات سعيّد وزياراته قبل أيام من ختم الحملة التشريعية التي يصفها خبراء الشأن الانتخابي بالضعيفة.

واعتبرت شبكة "مراقبون" أنّ نسق الأنشطة الميدانية للحملة الانتخابيّة ضعيف ويكاد يكون منعدماً في أيّامه الأولى، مؤكّدةً أنّ نسبة مهمّة من أنشطة الحملة التي تمّت ملاحظتها لم تكن مسجلة بالقاوائم المخصّصة للغرض، إما بسبب عدم تصريح المترشحين أو بسبب عدم تحيين القائمات من قبل الهيئة.

ولفتت في بيان لها، أمس الثلاثاء، إلى عزوف واسع عن استعمال الفضاءات المخصصة لتعليق البيانات الموجّهة للعموم من أغلب المترشحين، إضافة إلى عدم حضور وإلغاء عدد كبير من الأنشطة المسجّلة بقوائم أنشطة الحملة من قبل المترشحين.

وأوضحت أنّ أغلب الحملات كانت من صنف توزيع المطويات والتواصل المباشر مع الناخبين في الأسواق والأماكن العامّة، وأنّه تمّ اقتصار أغلب البرامج والوعود والبيانات الانتخابية على بعد محلي وجهوي.

وزار سعيّد، مساء أمس الأحد، مصانع تصنيع الأدوية، تزامناً مع الإضراب الذي يشنه القطاع والنقص الفادح للأدوية الذي يعيشه المواطن.

وكان سعيّد قد زار مصنعاً خاصاً لإنتاج الحليب، في الأول من أمس الإثنين، في منطقة صناعية بمحافظة نابل، في وقت تعرف السوق التونسية نقصاً حاداً في مادة الحليب المدعم، كما قام الرئيس بزيارة وزارة أملاك الدولة ووزارة الداخلية، وتجول في أسواق المدينة العتيقة، كما زار أيضاً مقر رئاسة الحكومة بالقصبة.

وتنقل سعيّد خلال نفس اليوم ذاهباً إلى المدرسة الصادقية، بعد أن زار ضريح النقابي فرحات حشاد، بمناسبة ذكراه السنوية، بحضور أمين عام اتحاد الشغل، في فترة تتسم فيها العلاقة بينهما بتوتر وفتور أكده الخطاب الأخير لأمين عام منظمة الشغالين.

واعتبر نائب رئيس حزب الإنجاز والعمل (مقاطع الانتخابات) أحمد النفاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "سعيّد يجري محاولة للخروج من العزلة الداخلية، من خلال قيادة حملة انتخابية لإنقاذ أجندته ومساره، بعد أن تأكد له ضعف الحملة الانتخابية التي يغيب عنها التنافس والحركية، فهذه الانتخابات تعرف 7 دوائر بصفر مترشح، و8 دوائر بمترشح وحيد، و10 دوائر بمترشحين اثنين فقط، وهو ما يؤكد غياب التنافسية".

وتابع أن "هذه الحملة تقاطعها كبرى القوى السياسية والمجتمع المدني وكل النخب، وبالتالي هو يحاول ملىء هذا الفراغ عبر خطاب الشعبوية وممارساته الشعبوية، قبل 10 أيام من انتخابات 17 ديسمبر/ كانون الأول".

وقال النفاتي: "نحن نتابع مهازل المترشحين خلال الحملة"، مشيراً إلى أن "هناك 101 مترشحا مهنته عامل يومي، أي أنهم عاطلون عن العمل، حسب أرقام الهيئة الانتخابية، فسعيّد أقصى النخب عبر المرسوم الانتخابي، فالمحامون والأطباء والمحاسبون والجامعيون الباحثون ملزمون بترك وظائفهم إذا رغبوا في الترشح، وهو إقصاء مباشر للنخب لفسح المجال أمام منظومة الشعبوية الجديدة".

وشدد النفاتي على أن "سعيّد لا يقوم بحملة انتخابية شخصية، وإن لم تكن له قائمات انتخابية، فإنه يقوم بحملة انتخابية لقانونه الانتخابي ومساره وبرلمانه المقبل، ولكامل منظومته التي احتكرها بمفرده، فكل الانتخابات تخصه، والبرلمان القادم هو برلمانه، والنواب القادمون لن يكونوا نواب شعب، بل نواب محليات، وسيكون مجموعة نواب يمثلون قراهم وحاراتهم ومدنهم".

وانتقد متابعون نشاطات الرئيس التي اعتبروها شعبوية مكشوفة، حيث قام بإعطاء شارة انطلاق مشروع قديم تم برمجته منذ سنة 2010 في مغازلة لأهالي محافظة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، الغاضبين بسبب غياب التنمية وتنكر السلطات لمطالبهم. 

إلى ذلك، استغرب نشطاء سياسيون من زيارة الرئيس إلى مقر هيئة الصلح الجزائي التي أحدثها بمرسوم منذ فترة، ولم يؤد أعضاؤها الذين عيّنهم اليمين لمباشرة أعمالهم.

في مقابل ذلك، بين رئيس المكتب السياسي لحراك 25 يوليو/ تموز عبد الرزاق الخلولي (داعم لسعيد)، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك استهدافاً للحملة الانتخابية، فقد لاحظنا مقاطع فيدوهات تثبت أن هناك من يتعمد ترذيل الحملة الانتخابية واستهداف هذا الجيل الجديد من السياسيين وإبرازهم على أنهم مهزلة".

وتابع الخلولي، لقد "تحرينا في هذه المقاطع التي تعود إلى انتخابات 2014 و2019، وهناك فيديوهات منشورة تم افتعالها من طرف أشخاص غير مترشحين، يقومون ويقولون أشياء غير منطقية لترذيل المسار الانتخابي".

واتهم الخلولي "أحزاب العشرية السابقة، وعلى رأسهم حركة النهضة وأتباعها، وجبهة الخلاص، بغرض إقناع الرأي العام بعدم انجاز هذه الانتخابات"، مؤكداً أن "هناك توظيفاً غير بريء، وغاية وهدف لن يبلغوه".

وبين أن "هذه الانتخابات سوف تنعقد في أحسن الظروف بهذا الجيل من السياسيين من أبناء تونس وشبابها، ممن تحملوا المسؤولية وترشحوا حتى نبني مؤسسة برلمانية".

وينتخب التونسيون يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول الحالي برلماناً جديداً طبقاً لأحكام الدستور الذي أقره الاستفتاء الذي أجري في يوليو/ تموز الماضي، بعد عام من تجميد الرئيس قيس سعيّد للبرلمان المنتخب عام 2019.

وسيتنافس 1052 مرشحاً في 151 دائرة انتخابية بالداخل، موزعة على 24 ولاية، وثلاثة مرشحين فقط في الخارج، بينما بقيت 7 دوائر بالخارج دون مرشحين.

المساهمون