قلق مصري من ناحية الغرب الليبي... وتمسّك بدعم باشاغا

قلق مصري من ناحية الغرب الليبي... وتمسّك بدعم باشاغا

01 مارس 2022
باشاغا في طرابلس في أكتوبر الماضي (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية خاصة، عن حالة من القلق تعيشها الإدارة المصرية، لشعورها بأن سيناريو تثبيت وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا رئيساً للحكومة الليبية، بات أقرب إلى الفشل، مع سيطرة رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد الدبيبة على الأوضاع في العاصمة طرابلس، واستحواذ قواته على المقار الحكومية والدواوين، إضافة إلى وضعه الدولي القوي، إذ أنه لا يزال رئيس الحكومة المعترف به دولياً.

الرهان على باشاغا خاسر

وقالت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، إن المشرفين على الملف الليبي في الإدارة المصرية، وتحديداً في جهاز المخابرات العامة "لا يزالون يتمسكون بسياستهم في ما يتعلق بالأزمة الليبية، وذلك على الرغم من شعورهم بالقلق تجاه الأوضاع في الجارة الغربية".

وكشفت أن هذا يحدث "على الرغم من تلقّي المسؤولين عن الملف في جهاز المخابرات العامة، نصائح من قبل جهات في الدولة مثل هيئة الأمن القومي (تابعة للمخابرات العامة)، ووزارة الخارجية، تفيد بضرورة تبني رؤية واستراتيجية مختلفة في السياسة المصرية تجاه ليبيا".

وأشارت إلى أن "تلك الجهات قدمت تقارير تفيد بأن الرهان على وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا قد يكون رهاناً خاسراً آخر، مثل الرهان السابق على اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلا أن المسؤولين في الجهاز يصرون على دعم باشاغا".


الدبيبة يريد انتخابات في يونيو المقبل وباشاغا بعد 14 شهراً

وقالت المصادر إن "رئيس الوزراء الليبي الحالي عبد الحميد الدبيبة، لديه برنامج واضح لإدارة الأوضاع في ليبيا، وأهم عناصره هو تأكيده على إجرائه الانتخابات البرلمانية الليبية في يونيو/حزيران المقبل، بينما وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني السابقة فتحي باشاغا والذي أعلن البرلمان الليبي عن تكليفه بتشكيل الحكومة، في 10 فبراير/شباط الماضي، لم يحدد زمناً معيناً لإجراء الانتخابات، وقال إنها ستجرى بعد 14 شهراً، وهو ما يهدد بدخول البلاد في سيناريو فوضوي دموي كما حدث في السابق".

ولفتت المصادر إلى أنه "على الرغم من أن باشاغا يعد شخصية قيادية ومؤثرة في الغرب الليبي على الصعيدين العسكري والسياسي، إلا أن رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة يعد أيضاً شخصية قيادية قوية، ويتمتع بدعم من القوات العسكرية في العاصمة طرابلس، وفوق ذلك كله يحظى بدعم واعتراف دولي، خصوصاً من الأمم المتحدة، وتركيا صاحبة النفوذ الواسع في ليبيا".

وأشارت المصادر إلى أنه "بينما يتسابق الدبيبة وباشاغا من أجل الحصول على الدعم الشعبي والتأييد، لا سيما بين سكان مدينة مصراتة، مسقط رأسيهما ومعقل أبرز المجموعات المسلحة، التي تسيطر على طرابلس، ووسط مخاوف من احتدام معارك مسلحة في المدينة، تم حشد بعض المليشيات المسلحة داخل العاصمة الداعمة للدبيبة، تزامناً مع اجتماع عقده باشاغا، يوم السبت الماضي، مع عدد من قادة مليشيات مدينة مصراتة في المنطقة الغربية، بالإضافة إلى قياداتها الاجتماعية".

وفي هذا السياق، قالت المصادر "إنه على ما يبدو، وفقاً لتقديرات أجهزة مصرية، فإن رئيس الحكومة الحالي يسيطر بشكل أكبر على الوضع الميداني داخل مدن الغرب الليبي، لا سيما مع الدعم التركي الذي يتلقاه على الصعيدين الأمني والعسكري".

واعتبرت أنه "بالنسبة إلى الموقف التركي من الأوضاع في ليبيا فإنه لم يتغير، إذ لا يزال داعماً لحكومة الدبيبة المعترف بها دولياً. وهو ما كان إحدى نقاط الاختلاف مع مصر في المفاوضات التي عقدت قبل فترة، لكن الجديد الآن هو التقارب بين تركيا ودولة الإمارات، ومدى التفاهم الذي وصل إليه البلدان في ملفات عدة بينها ليبيا".

وأوضحت المصادر أن "ذلك التفاهم قد يوفر دعماً إضافياً لحكومة الدبيبة، في مقابل محاولات البرلمان الليبي الدفع بفتحي باشاغا لرئاسة الحكومة".

وأكدت المصادر أن "التقارب التركي الإماراتي الأخير والتفاهم بينهما في الملف الليبي، أزعج المسؤولين المصريين بشكل كبير، وولّد لديهم شعوراً بأن الإمارات تخلت عنهم في مقابل مصالحها مع تركيا".

وفي مقابل ذلك، قالت المصادر إنه "بالنسبة إلى علاقات مصر في الخليج العربي، لا تزال السعودية هي الأقرب للرؤية المصرية في ما يتعلق بالملف الليبي، لأن الرياض تقف بوضوح وراء الدعم المصري لفتحي باشاغا".

وقالت مصادر إعلامية من داخل المجموعة "المتحدة" التابعة للمخابرات العامة المصرية، المالكة لمعظم القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية في البلاد، إن تعليمات صدرت للمسؤولين في تلك المؤسسات بضرورة توفير تغطية إعلامية "قوية" لأنشطة باشاغا، لا سيما إعلان مكتبه "الانتهاء من وضع التشكيلة الحكومية، وإحالتها لمجلس النواب"، يوم الخميس الماضي.

الأزمة الدبلوماسية الليبية ـ المصرية

ويأتي ذلك، فيما وقعت ما تشبه الأزمة الدبلوماسية بين كل من مصر وليبيا، أول من أمس الأحد، بعد استدعاء وزارة الخارجية والتعاون الدولي الليبية القائم بأعمال السفارة المصرية في طرابلس تامر مصطفى، بسبب ما وصفه بـ"الاستخفاف بالسيادة الليبية" عبر وسائل الإعلام المصرية.

وكان المذيع عمرو أديب قد شبه في برنامجه الذي يذاع على قناة "أم بي سي مصر" السعودية، الوضع بين مصر وليبيا كالوضع بين روسيا وأوكرانيا، الأمر الذي اعتبرته طرابلس إساءة للدولة الليبية.

وأبلغت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش القائم بأعمال السفارة المصرية احتجاج الحكومة الليبية على التصريحات التي وصفتها الوزيرة بـ"المسيئة"، والصادرة عن أحد الإعلاميين المصريين، والتي استخف فيها بالسيادة والحكومة الليبيتين، بتشبيه ما يحدث بين أوكرانيا وروسيا بالعلاقة التي تربط مصر وليبيا.


طرابلس استدعت القائم بأعمال السفارة المصرية احتجاجاً

من جهته، رفض المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد حافظ التعليق على بيان الخارجية الليبية، حول ما ورد على لسان أحد الإعلاميين المصريين بشأن العلاقة بين البلدين، لكنه في الوقت ذاته ذكر في بيان نشرته الوزارة عبر صفحتها على "فيسبوك"، أن "كافة وسائل الإعلام والصحف والقنوات المصرية والأجنبية تعمل في مصر بحرية كاملة، وأنها تُعبر عن وجهة نظرها إزاء مختلف القضايا".

كما شدّد على أن "الموقف الرسمي لمصر يتم التعبير عنه من خلال البيانات الصادرة عن الحكومة المصرية"، مؤكداً في الوقت نفسه أن علاقة مصر بليبيا على مدار السنوات الماضية "اتسمت بالحرص على الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها وتلبية إرادة شعبها من دون تدخل خارجي".

وأضاف البيان أنه "من الأحرى على كافة الأطراف تركيز جهودها من أجل إذكاء هذه المبادئ وتعضيدها من خلال القنوات الرسمية والاتصالات التي تجمع مصر بكافة الأطياف السياسة الليبية".