فوضى الهروب من كابول... وإدارة بايدن تحاول تهوين الهزيمة

16 اغسطس 2021
فوضى داخل مطار كابول (شكيب رحماني/فرانس برس)
+ الخط -


كان أمس الأحد من المحطات الدرامية الأبرز في تاريخ الحروب الأميركية. ما جرى في العاصمة الأفغانية كابول هزّ واشنطن. انهيار البناء الأفغاني بهذه السهولة بعد 20 عاماً من الاستثمار فيه، كان "صدمة للنظام الأميركي وهزيمة لقواتنا العسكرية"، كما قال الأدميرال السابق جيمس ستافريدس.
فوضى ترحيل الدبلوماسيين وباقي الأميركيين مع بعض الأفغان بالمروحيات إلى مطار كابول معطوفة على فرار الرئيس الأفغاني أشرف غني، ليست أقل من عملية هروب المرعوب بعد هزيمة وصفها السفير السابق رايان كروكر بأنها "أسواء من مغادرة العاصمة السابقة لجمهورية فيتنام الجنوبية، سايغون"، بنهاية حرب 1975.
الإدارة التي كشفتها التطورات الفاضحة، تولى وزير الخارجية أنتوني بلينكن الدفاع عنها خلال مقابلات أجراها، أمس، مع عدد من شبكات التلفزة، لكنه كان في موقف صعب. مرافعاته ودفاعاته كانت غير متماسكة ومتناقضة وغير خالية من المغالطات التي زادت من انكشاف الخطأ في قرار الانسحاب من أفغانستان.

حاول بلينكن رمي الكرة في ملعب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب على أساس أن الرئيس جو بايدن ورث توقيعه على اتفاق الانسحاب وما كان عليه سوى التقيد به. وهذا غير دقيق لأن الاتفاق ليس بين دولتين ولا هو من النوع الموافق عليه من قبل الكونغرس. كذلك تذرعه بأن القوات الأفغانية "لم تقاتل"، لا يستوي كحجة، لأنه كان على الإدارة أن تكون على معرفة بمثل هذا العطب في صفوف قوات خضعت للتدريب الأميركي مدة 20 عاماً.
والمحرج أكثر أنه سبق لبايدن كما للوزير بلينكن أن أعربا عن اعتقادهما بأن القوات الأفغانية "الأكثر عدداً وتجهيزاً قادرة على الوقوف بوجه طالبان"، على الأقل لعدة أشهر وبأنه "من المستبعد سقوط الحكومة". 
ومن هنا كان السؤال الأهم: لماذا جاءت تقديرات الإدارة الأميركية مغلوطة من كافة النواحي؟ حتى أن خطة ترحيل المدنيين بدت مضطربة وسادتها الفوضى. 
في بداية الأسبوع الماضي، شددت الخارجية الأميركية على لسان المتحدث الرسمي نيد برايس، على أن تقليص عدد الدبلوماسيين في السفارة الأميركية بكابول ليس سوى تدبير احتياطي يترافق مع انسحاب القوات الذي اقترب من نهاياته. وأكّد أنه لن تكون هناك عملية إخلاء تام. 
وإذ بعد أيام قليلة ينقلب الموقف ويبدأ الرحيل الكامل وبما كشف عن غلط كبير في توقعات الإدارة التي اضطرت إلى إرسال قوات من جديد، حوالي 3 آلاف جندي ثم ارتفع العدد إلى 5 آلاف ثم 6 آلاف، لحراسة المطار وتأمين الحماية للأفراد وعملية انتقالهم من مجمّع السفارة. فالأولوية الآن لدى البيت الأبيض هي تأمين سلامة عودة المدنيين.
من التكهنات أن الخطأ في الحسابات يعود إلى "خلل" أو "نقص" في معلومات المخابرات عن أجواء القوات المسلحة الأفغانية كما عن تحركات قوات "طالبان" وخططها. 

وثمة اعتقاد آخر يربط الانفراط بعدم توفر "إرادة القتال التي لا يمكن شراؤها" لدى الجيش الأفغاني، حسب الجنرال السابق جيمس كلابورن، والتي كان يجري التعبير عنها بحالات الفرار من الخدمة العسكرية والهروب بالسلاح المتوفر.
الرئيس بايدن فجأة وجد نفسه لوحده. الشعور بالضيق من الانسحاب ومضاعفاته، شمل مختلف الأوساط وخاصة الحزبين(الديمقراطي والجمهوري) في الكونغرس، وإن بدرجات مختلفة. 
طبعاً الجمهوري سارع إلى توظيف الهزة إلى أقصى الحدود ضد الرئيس واتهامه بأنه فرّط بمصالح أميركا ومكانتها. لكن بايدن يستقوي بدعم شعبي واسع في انسحابه، بنسبة 72%، ولو أن ما حصل نكسة "موجعة" وقد لا تكون بدون كلفة، ليس عسكرياً فقط بل على الصعيد الجيوستراتيجي أيضا.
الصين في هذا المجال "ستكون الرابح الأول" حسب ستافريدس. ولا يستبعد أن تصبح الشريك التنموي لـ"طالبان"، في حال ما تصرفت الحركة بانفتاح مختلف هذه المرة واختارت التعاون مع طرف خارجي وازن تحتاج لدعمه. هذا إذا تمكنت من توحيد صفوفها وتجاوز الخلافات بين تكتلاتها التي "قد تحتدم النزاعات فيما بينها".

المساهمون