فوز بايدن خبر أسود لتركيا

فوز بايدن خبر أسود لتركيا

10 نوفمبر 2020
تحدث بايدن سابقا عن نواياه بدعم المعارضة التركية لإسقاط أردوغان (سيدات سونا/فرانس برس)
+ الخط -

ترقبت أنقرة باهتمام نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي حظيت بتغطية مكثفة من وسائل الإعلام التركية، ولا سيما عملية فرز الأصوات بين الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، والمرشح الديمقراطي الفائز جو بايدن، مع التركيز على أن الأخير صاحب تاريخ سيئ جداً بالنسبة لتركيا، خصوصاً أن الرجل عراب فكرة تقسيم العراق إلى 3 مناطق كردية وسنية وشيعية، وهو عراب أكراد المنطقة بشكل عام، وكانت له تصريحات حادة تجاه تركيا تضمنت تهديدات طاولت الرئيس رجب طيب أردوغان، وحديثه في وقت سابق عن نواياه بدعم المعارضة التركية لإسقاط أردوغان. كما أن بايدن اتخذ مواقف مناوئة للسياسات الخارجية التركية في شرق المتوسط، والصراع التركي اليوناني.

ويأتي الاهتمام التركي بالشأن الأميركي لوجود قضايا مشتركة بين البلدين، منها الملف الكردي، وأزمة شراء أنقرة لمنظومة الصواريخ الروسية "إس 400"، ورفض بيعها مقاتلات "إف 35"، والملف السوري، والعلاقة مع روسيا، والموقف الأميركي من إيواء زعيم جماعة "الخدمة" فتح الله غولن، المطلوب رقم واحد في تركيا، وملف العقوبات الأميركية على مصرف "خلق بانك" التركي، إضافة إلى ملف معاقبة قتلة الصحافي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.

بايدن عراب فكرة تقسيم العراق وعراب أكراد المنطقة بشكل عام

هذه الملفات العالقة ومواقف بايدن، دفعت الإعلام التركي للميل أكثر لفوز ترامب، وهو ما ألمحت إليه مصادر تركية مطلعة لـ"العربي الجديد"، بأن تركيا كانت تفضّل فوز ترامب، على الرغم من المشاكل مع أنقرة التي رافقت فترة حكمه، إلا أنه كان متفهماً للمواقف التركية، وأعرب عن ذلك مراراً، فيما بايدن كان واضحاً في تصريحاته. لكن المصادر أضافت أن أردوغان تعامل مع رؤساء جمهوريين وديمقراطيين ما يجعل التعامل مع بايدن ممكناً، خصوصاً أن العلاقة بين الدولتين مؤسساتية.

على الرغم من ذلك، فإن التعليق الرسمي التركي حول نتائج الانتخابات الأميركية تأخر، وجاء أولاً عبر وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو الذي قال قبل حسم النتائج إن بلاده تنظر إلى علاقتها مع الولايات المتحدة على أنها فوق الأحزاب. من جهته، قال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي إن "أنقرة تتابع الانتخابات الأميركية من الخارج، من دون أن تفضّل مرشحاً على آخر، وتركيا ليست تركيا القديمة". وبخلاف هذين التصريحين، لم تصدر تصريحات رسمية مهنئة، واقتصرت التهنئة على زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض كمال كلجدار أوغلو، على الرغم من أن المعارضة رفضت تصريحات بايدن السابقة بدعمها للتخلص من أردوغان.

وتترقب الأوساط مواقف بايدن مع ترجيحات بأن يرث سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي شابتها علاقة متوترة مع أنقرة سببها الأساسي الوعود الأميركية التي لم تنفذ في سورية، ودعم الأحزاب الكردية، ومنها حزب "العمال الكردستاني" و"وحدات حماية الشعب" الكردية، فضلاً عن الخلاف حول جماعة "الخدمة" التي يتواجد زعيمها غولن في واشنطن، مع اتهام أنقرة للجماعة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية عام 2016. وكانت هناك اتهامات تركية غير رسمية بتواطؤ من إدارة أوباما بدعم الانقلاب. وكانت تصريحات بايدن السابقة بدعم المعارضة التركية لإسقاط أردوغان قد صبّت الزيت على نار العلاقات المشتعلة بين البلدين، ما يشي بمرحلة مضطربة، إلا في حال بدّل الرئيس الأميركي الجديد من تصرفاته تجاه تركيا بعد توليه الرئاسة إلى تقارب مع الحليف المهم في حلف شمال الأطلسي، واستعادتها مجدداً بعد السياسات الأميركية السابقة التي أدت إلى تقاربها من روسيا. فعلى سبيل المثال، أدى تعنّت إدارة أوباما في رفض بيع صواريخ "باتريوت" لتركيا، إلى دفع الأخيرة لشراء منظومة "إس 400" من روسيا، لتفرض واشنطن عقوبات عليها.

وتعليقاً على هذا الملف، رأى الكاتب والصحافي التركي حمزة تكين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن وصول بايدن إلى البيت الأبيض لن يكون له تأثير سلبي على تركيا كما يتصور البعض، مضيفاً "بالنسبة لأنقرة لا فرق بين ترامب وبايدن، فالسياسات الأميركية شبه ثابتة تجاه القضايا الكبرى في المنطقة، مثل سورية، ففي عهدي ترامب وأوباما بقي النظام السوري، كما أن دعم التنظيمات الإرهابية (الوحدات الكردية) شمال سورية لم يتغير لا في عهد الديمقراطيين ولا الجمهوريين". وتوقع تكين أن يعتمد بايدن سياسة أوباما نفسها تجاه تركيا، مضيفاً أنه "في حال استمرت واشنطن بدعم التنظيمات الإرهابية فلن تكون العلاقات جيدة، خصوصاً أن الملفات الخلافية عديدة، منها ملف سورية ودعم التنظيمات الكردية، وصولاً إلى العراق، والخلافات في شرق المتوسط، ونقاط النزاع في ليبيا، إضافة إلى تدخل واشنطن أحياناً في السياسة الداخلية التركية، لا سيما بعد الانقلاب الفاشل عام 2016". وتابع: "إذا كان بايدن حريصاً على علاقات جيدة مع تركيا، فعليه مسؤولية تغيير السياسات حول الملفات العالقة، وإلا فإن الخلافات ستزداد"، مؤكداً أن أنقرة "غير متخوفة من سياسات بايدن وعلى دراية وخبرة بالتعامل مع الديمقراطيين والجمهوريين، وتصريحات بايدن الإعلامية هي تصريحات انتخابية شعبوية لن يستطيع تطبيقها على أرض الواقع".

ملف منظومة "إس 400" من أبرز النقاط الخلافية بين الطرفين

من جهته، قال الكاتب والصحافي التركي الكردي فايق بولوط، لـ"العربي الجديد"، إن "بايدن ينتقد سياسات أردوغان بين الحين والآخر، لكنه غير دقيق في تصريحاته وفيها تهور، لكن بما أن العلاقات بين البلدين ستكون بشكل مؤسساتي فإنها ستشهد استقراراً أكثر مستقبلاً، مع توقع بعض التوترات في حال اتخاذ قرارات في مجلس الشيوخ والنواب ضد حصول أنقرة على صواريخ إس 400"، مضيفاً "فترة شخصنة العلاقات انتهت، وبعدما كانت الدبلوماسية تدور وتقتصر على ترامب وأردوغان خرج الأمر حالياً عن هذا الإطار". وتوقع أن "تضع واشنطن ثقلها مجدداً في الملف السوري، ما قد يؤدي إلى توتر ومشاكل جديدة، كما أن بايدن سيدعم الحركة الكردية، وهو ما يؤثر على السياسة التركية إزاء المناطق الكردية في سورية، لكن القاسم المشترك بين البلدين في سورية سيكون ملف إدلب، فواشنطن لن تقبل بعملية عسكرية واسعة ضد إدلب". وعن إمكان حصول تدخلات أميركية في الشؤون الداخلية التركية، شدد على أن هذا الأمر غير ممكن، "ولكن أميركا ستركز على مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير، وهي لا تستطيع دعم طرف بشكل مباشر، بل ستركز على مسألة الحريات، وإيجاد حل للمسألة الكردية".

المساهمون