سورية: فرار راجي فلحوط واستسلام أغلب أفراد مجموعته بعد اشتباكات دامية في السويداء
تمكنت فصائل محلية بمحافظة السويداء، جنوب شرقي سورية، على رأسها "حركة رجال الكرامة"، من القضاء على مجموعة راجي فلحوط المدعوم من شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للنظام السوري.
وتمكن فلحوط من الفرار عقب مقتل واستسلام أغلب أفراد مجموعته المسلحة بعد اشتباكات مسلحة بدأت ظهيرة أمس الثلاثاء، وخلفت كحصيلة أولية أكثر من ثلاثين شخصاً بين قتيل وجريح.
وبدأ التوتر السبت الماضي بعد مداهمة مجموعة فلحوط متجراً في مدينة شهبا، واختطاف الشاب جاد حسن الطويل، بذريعة تلقيه تمويلاً من الخارج. وفور وصول نبأ اختطافه، اجتمع العشرات من عائلة الطويل، التي تعد أكبر عائلات مدينة شهبا وريف السويداء الشمالي، وقرروا إغلاق طريق دمشق السويداء، واحتجاز ضباط من قوات النظام، للضغط على فلحوط، الذي ردّ بعمليات خطف عشوائية للمدنيين من أهالي شهبا، ومن عائلة الطويل تحديداً، وفق ما أفاد أحد أبناء العائلة ويدعى سمير الطويل "العربي الحديد".
وكشف الطويل أن وساطات أجريت بين العائلة وفلحوط لإطلاق سراح المحتجزين من الجانبين وفتح طريق دمشق السويداء، بعدما تعطلت حياة المارة ليومين متتاليين.
وبلغ عدد المدنيين الذين خطفهم راجي فلحوط من أهالي شهبا يوم السبت تسعة أشخاص، وفق ما نقلته شبكة "السويداء 24"، ومساء الأحد أطلق سراح ثمانية منهم، باستثناء جاد الطويل، مقابل إطلاق عائلة الطويل سراح ضباط النظام وفتح طريق دمشق السويداء. ونص الاتفاق على أن يقوم فلحوط بالإفراج عن جاد عند إتمام تنفيذه، لكنه نقض الاتفاق، وعاد يوم الإثنين ليخطف مدنيا من عائلة الطويل، وكرر عملياته بخطف ثلاثة طلاب من أهالي شهبا، يوم الثلاثاء.
تمادي راجي فلحوط، المعروف بتبعيته لشعبة المخابرات العسكرية، في إذلال الأهالي لفرض سطوته عليهم، أدى لانتفاضة شعبية، يوم الثلاثاء، انطلقت من مدينة شهبا وعدة قرى قريبة. وتجمع مئات المقاتلين على طريق دمشق السويداء، بالإضافة إلى فصائل مسلحة، على رأسها "حركة رجال الكرامة"، وهاجم المحتشدون دون تنسيق مسبق بينهم مقر مجموعة راجي فلحوط، وتمكنوا خلال ساعات معدودة من السيطرة عليه، وقتل وأسر عدد من أفراد المجموعة.
وأمام هذا السخط الشعبي، فر فلحوط إلى منزله، الذي يتخذه كمقر عسكري داخل بلدة عتيل، وفق ما أفاد أحد سكان البلدة "العربي الجديد". وأضاف المصدر ذاته أن أزيز الرصاص سمع في عتيل، مساء أمس الثلاثاء، بعدما حاول فلحوط مقاومة المقاتلين واستخدام المخطوفين لديه كدروع بشرية. وقد تمكنت الفصائل المحلية في نهاية المطاف من إلقاء القبض على مجموعة من عناصر مجموعة فلحوط، فيما فر الأخير إلى جهة مجهولة، بعد اشتباكات عنيفة صباح اليوم الأربعاء.
وقال مسؤول الجناح الإعلامي في "حركة رجال الكرامة"، الذي يفضل الإشارة إليه باسمه المستعار "أبو تيمور"، لـ"العربي الجديد"، إن الحركة نفذت هجوماً على مقر مجموعة راجي فلحوط، غربي بلدة سليم، على طريق دمشق السويداء، بالتعاون مع شباب مدينة شهبا وآل الطويل، والفصائل المحلية من الريفين الشرقي والغربي، وأدى الهجوم إلى مقتل ستة عناصر، يوم الثلاثاء، وأسر ستة آخرين، بعد السيطرة على المقر وإحراقه.
وأضاف أن الحركة كانت مؤازرة لقرار أهالي الجبل باستئصال هذه المجموعة المسلحة، التي أوغلت بالخطف والانتهاكات ضد المدنيين، وقال إن "دعم جهة أمنية محددة لمجموعات مسلحة وتحويلها إلى سلطة أمر واقع على المجتمع جعلها تنصب نفسها قاضياً وجلاداً، رغم السجل الحافل بالانتهاكات من قتل وخطف وتعذيب، وهو سلوك أمني استفز جميع أهالي المحافظة".
إثر تلك التداعيات، كان لافتاً إصدار الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، تعميماً إلى أهالي السويداء دعاهم من خلاله إلى النفير العام، طالباً مشاركة أهالي المحافظة في التصدي للعصابات المدعومة من الأمن العسكري، وهو ما يعد نقطة تحول في الانتفاضة المسلحة بإضفاء شرعية دينية ومجتمعية عليها، بعدما كانت بعض الأطراف تحاول التسويق أن ما يحصل هو حرب أهلية.
ولإثبات تورط جهاز الاستخبارات العسكرية في دعم جماعة راجي فلحوط، نشرت شبكة "الراصد" المحلية صوراً لبطاقة أمنية مؤقتة من "الفرع 217" تعود لفلحوط، قالت إن الفصائل المقاتلة عثرت عليها في أحد مقراته.
كما بثت شبكة "السويداء 24" المحلية مقاطع فيديو لاعترافات أسيرين من جماعة فلحوط، تحدثا عن دور الأمن العسكري في عملية التجنيد لصالح راجي فلحوط، الذي يمنحهما رواتب شهرية تراوح ما بين 400 و500 ألف ليرة سورية، ويوزع على عناصره المخدرات، وفق الاعترافات.
وكان راجي فلحوط قد تنقل بين عدة فصائل موالية للنظام بين 2016 حتى 2018، حيث أسس فصيلاً خاصاً، أطلق عليه اسم "قوات عتيل الكرامة"، وانتهج سلوكاً مليئاً بالعنف والانتهاكات، بحسب الناشط ربيع الخطيب، الذي أشار إلى أنه تلقى دعماً غير محدود من جهاز المخابرات العسكرية، ثم أسس فصيل "حركة قوات الفجر"، في عام 2022، وفتح باب التجنيد بدعم من شعبة المخابرات العسكرية، التي كانت تظن أنها ستفرضه على أهالي المحافظة.