عيد غزة... ما يبكي وما يشرّف

عيد غزة... ما يبكي وما يشرّف

10 ابريل 2024
في خانيونس التي دمرها الاحتلال (أحمد حسبالله/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عيد الفطر يأتي للمسلمين وسط مشاعر مختلطة بالحزن والمرارة بسبب الأوضاع في غزة وفلسطين المحتلة، حيث تعاني من عدوان استمر لستة أشهر، مما أثر على الفرحة بالعيد.
- الشعوب العربية والمسلمة قدمت دعماً ملموساً لغزة من خلال التظاهر، جمع التبرعات، ومقاطعة السلع الداعمة لإسرائيل، رغم الأزمات الداخلية والاقتصادية التي تواجهها.
- الأنظمة العربية بقيت بعيدة عن تلبية الواجب تجاه القضية الفلسطينية، مما يثير تساؤلات حول موقفها السياسي والتاريخي، بينما تستمر المقاومة والصمود الفلسطيني رغم الظروف الصعبة.

يأتي عيد الفطر، وفي الحلق غصّة وفي الفم مرارة. الملايين من المسلمين والمؤمنين بالحق والإنسانية، لا تجد الفرحة إلى قلوبهم سبيلاً، والحدث جلل والمأساة أكبر من أن يتم استيعابها في غزة ومدن فلسطين المحتلة، بعد ستة أشهر من العدوان الذي نهج سياسة الأرض المحروقة، فأحرق أخضر غزة ويابسها.
لم تترك الشعوب العربية والمسلمة المعنية بعيد الفطر غزة وحدها منذ اللحظة الأولى للعدوان، وقد بذلت ما في وسعها بقدر ظروفها، دعماً وتأييداً لغزة وشعبها، إذ خرجت إلى الشارع وتظاهرت دعماً للمقاومة واستنكاراً لكل تطبيع، وبذلت المال والجهد لجمع حاجيات الغزّيين، ونشطت الفعاليات الشعبية لإيصال هذه المساعدات الواجبة بكل الطرق الممكنة، وقاطعت (الشعوب) ما أمكن من السلع والبضائع المنتجة من الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وجمعت الزكوات خصيصاً لسكان غزة، برغم أن أغلب هذه الشعوب العربية ترزح إما تحت أنظمة حكم متسلطة، أو تعيش على مآسي الاحتراب الداخلي والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.

لكن الأنظمة الحاكمة، بدون استثناء يذكر، كانت أبعد مما يقتضيه الواجب، وتستدعيه الضرورة والمرحلة. لم يكن ولن يكون موقف مؤسسات الحكم العربي جديراً بالاحترام، عندما يوضع في أي مرحلة لاحقة تحت معيار الفحص السياسي والتاريخي، وستطرح الأجيال المقبلة أسئلة كثيرة بشأن هذا الموقف. وفي الواقع، حتى إسرائيل نفسها لم تكن تحلم أن يكون الموقف العربي على ما هو عليه من التردّد والارتباك والخذلان، ولو قدّر لإسرائيل أن تصنع بنفسها وتفصّل موقفاً عربياً، ما كانت لتصنعه على النحو الذي هو عليه من العمى والتنكّر للحالة الفلسطينية.

لا يُفهم من هذا القول تجاهل بعض المساعي والجهود التي بذلتها الجزائر ودول عربية أخرى بشأن وقف مأساة غزة، لكنها تبقى معتلّة، طالما أنها لم تف بالغرض ولم تؤد إلى حسم الموقف وإنفاذ وقف العدوان، وأقل بكثير مما كان يجب فعله عربياً وإسلامياً، أمام هذا الجنون الإسرائيلي غير مسبوق. وأمام هذا الواقع العربي، يبرز سؤال قد يبدو جديراً بالطرح فعلاً، هل بالغت المقاومة، وهي تخطّط لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، في توقّع موقف عربي مساند وداعم، أكثر صرامة وصلابة على المستوى السياسي مما تكشفت عليه الوقائع؟

إذا اعتبرنا أن هجوم 7 أكتوبر كان الجزء التنفيذي من المشروع الكامل للمواجهة التي حدّدت المقاومة توقيتها، وأبعادها المختلفة، فإن المقاومة لم تكن لتراهن على هذا الموقف العربي بأي حال، خصوصاً وهي تدرك العوامل التي تحكم هذا القرار العربي المصادَر من المهندس الدولي، أو المعطوب بحكم الظروف الهشة داخلياً لغالبية الأنظمة العربية، أو المائع بحكم توجّه دول نحو خيار التطبيع ومناوأة المقاومة بدلاً من مناوأة الاحتلال. كُتِب على الفلسطينيين أن يكون عيدهم هكذا، فيه من المقاومة والصمود ما يسر ويشرّف، ومن المأساة ما يبكي فعلاً ويحزن قولاً، فبأي حال عدت يا عيد.

المساهمون