صواريخ المقاومة في غزة تثبت معادلة "وحدة الساحات"

صواريخ المقاومة في غزة تثبت معادلة "وحدة الساحات"

24 فبراير 2023
عم الإضراب غزة حداداً على شهداء نابلس (محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -

عادة ما يقف قطاع غزة مع الضفة الغربية والقدس المحتلة في مواجهة اعتداءات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي، في سياسة تتبناها فصائل المقاومة للتأكيد على وحدة أرض فلسطين ومنع الاحتلال من الاستفراد بأي من الساحات.

وخلال السنوات الماضية، كانت جرائم وعدوان الاحتلال في الضفة والقدس تنتهي بمواجهة وتصعيد مفتوح مع المقاومة في غزة، رغم محاولة إسرائيل المستمرة لعزل المناطق الفلسطينية عن بعضها.

عبد اللطيف القانوع: المقاومة في غزة لن تصبر طويلاً على جرائم الاحتلال

وفجر أمس الخميس، قصفت فصائل المقاومة في غزة المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع ومدينة عسقلان المحتلة برشقة صاروخية، رداً على العدوان الإسرائيلي على مدينة نابلس أول من أمس الأربعاء، الذي أسفر عن استشهاد 11 فلسطينياً وإصابة أكثر من 100 بجروح مختلفة.

وعقب إطلاق الصواريخ من غزة، شنت طائرات الاحتلال غارات عنيفة على مواقع متفرقة في القطاع، لتتوسع دائرة التوتر وتنتقل من أقصى شمالي الضفة إلى غزة، حيث عمّ الإضراب الشامل، بالإضافة إلى كافة الأراضي الفلسطينية، حداداً على أرواح شهداء نابلس.

المقاومة في غزة تراقب جرائم العدو

وكان أبو عبيدة، المتحدث باسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الجناح المسلح لحركة حماس، قال، في بيان مساء الأربعاء الماضي، إن "المقاومة في غزة تراقب جرائم العدو المتصاعدة تجاه أهلنا في الضفة المحتلة، وصبرها آخذ بالنفاد".

تقارير عربية
التحديثات الحية

هذا الارتباط بين الضفة والقدس من جهة وغزة من جهة أخرى، والذي ظهر مساء الأربعاء الماضي، كان توج في معركة "سيف القدس" في العام 2021. آنذاك، استهدفت المقاومة الفلسطينية في غزة برشقات صاروخية مدن الاحتلال، رداً على الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية المستمرة في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى بشكل خاص.

واستمرت المعركة، حينها، 11 يوماً، قصفت خلالها المقاومة مدن الاحتلال بمئات الصواريخ، ما أدى لمقتل 13 إسرائيلياً، فيما ارتكب جيش الاحتلال مجازر، مع سقوط 200 شهيد ومئات الجرحى. وإضافة إلى الرد من غزة، فإن فصائل المقاومة تراهن على اندلاع انتفاضة ضد الاحتلال في الضفة والقدس، لإدراكها التأثير الكبير والمباشر للتحركات الثورية الشعبية والمسلحة في هذه المنطقة على الاحتلال.

المقاومة حاضرة لتثبيت معادلة وحدة الساحات

وقال المتحدث باسم "حماس" عبد اللطيف القانوع إن "الاحتلال الصهيوني يحاول يائساً في كل مرة الانفراد بإحدى ساحات شعبنا، وهو ما لن تمرره المقاومة، وكانت حاضرة بالرد وتثبيت المعادلة".

وأضاف القانوع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الإضراب الشامل والفعاليات ورد المقاومة في غزة تبرهن على التحام القطاع بالضفة والقدس، ويؤكد وحدة شعبنا الميدانية، وأن معادلة سيف القدس ما زالت حاضرة".

وشدد على أن "المقاومة الفلسطينية في غزة لن تصبر طويلاً على جرائم الاحتلال الصهيوني وحكومته الفاشية ضد شعبنا، وستظل درعه الحامي وسيفه الضارب دفاعاً عن أرضنا ومقدساتنا". وأكد أن "الشعب الفلسطيني موحد في كل أماكن وجوده دفاعاً عن نفسه ومقدساته وأرضه، ولن ينجح الاحتلال في الانفراد أو فصل ساحات شعبنا".

وحذر من أن "المقاومة الفلسطينية ستظل حاضرة للدفاع عن شعبنا، ولن تسمح للاحتلال الصهيوني بالتمادي والغطرسة في استهداف شعبنا".

فلسطين ساحة واحدة

من جانبه، اعتبر مسؤول المكتب الإعلامي في حركة "الجهاد الإسلامي"، داود شهاب، أن "سياسة الاحتلال بفصل غزة عن الضفة قديمة جديدة، ولكن نحن نقول فلسطين ساحة واحدة، ومعركة شعبنا واحدة تماماً، كما أرضه واحدة. وهذه بمثابة عقيدة قتالية، ونهج تسير عليه المقاومة الفلسطينية".

مصطفى إبراهيم: وحدة الساحات ظهرت بشكل واضح في معركة سيف القدس

وقال شهاب لـ"العربي الجديد": "نحن اليوم نؤكد أن من حق المقاومة أن ترد على أي عدوان يستهدف شعبنا في أي مكان". واعتبر أن "المقاومة لم ترد على جريمة نابلس، وما قامت به فجر اليوم (أمس) رسائل تحذير وإنذار لحكومة العدو، بأن عليها أن تتوقف عن انتهاكاتها وحربها على الضفة، وأن وجع نابلس يؤلم غزة وأهلها ويستفز المقدسيين ويستنفر جنين".

وأضاف: "هذه هي المعادلة، أننا لا نلقي بالاً لأي صفقات سياسية أو تحركات لا توفر لشعبنا الأمن، أو تكون مجرد غطاء للعدو لتمرير مخططاته". وتابع: "نحن نقول لكل العالم، من شرقه إلى غربه، إننا سنواصل القتال على الأرض، وفي كل مكان، من أجل حرية شعبنا واستعادة حقوقنا".

من جهته، قال المحلل السياسي مصطفى إبراهيم إن "إسرائيل حاولت أن تعزل غزة عن الضفة والقدس في جميع النواحي، لكن جاءت عملية سيف القدس لتثبت أن الفلسطينيين يستطيعون توحيد ساحاتهم".

وأضاف إبراهيم، لـ"العربي الجديد": "وحدة الساحات ظهرت بشكل واضح في معركة سيف القدس، حيث استجابت غزة للضفة والقدس، واستجاب الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948 للعدوان على غزة بهبة شعبية غير مسبوقة".

وتابع: "بعد انتهاء عملية سيف القدس، حاولت الحكومة الإسرائيلية تعميق الفصل، وعدم ربط الساحات الفلسطينية، عندما عرضت تخفيف الحصار عن غزة، واشترطت عدم التدخل بما يجري في الضفة والقدس".

ورأى المحلل السياسي أن إطلاق الصواريخ فجر أمس الخميس، والإضراب في غزة، أثبتا أن الشعب الفلسطيني موحد في مواجهة الاحتلال. وذكر أن المقاومة أرادت أن ترسل رسائل من خلال إطلاق الصواريخ بأنها لن تصمت على ما يجري بالضفة، والتأكيد على أن الدم الفلسطيني واحد.

وأكد إبراهيم أن إسرائيل فشلت في فصل قطاع غزة عن الضفة والقدس، لأن الفلسطينيين يدركون أن مصيرهم واحد، وهويتهم واحدة، وهدف التخلص من الاحتلال يوحدهم دائماً. واعتبر أن العزل الجغرافي لا يمنع التقارب الوجداني والوطني عن باقي مكونات الوطن الفلسطيني، سواء في الضفة أو أراضي الـ48.

وشدد على أن المطلوب في المرحلة المقبلة استمرار توحيد الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام السياسي، لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية اليومية.