صواريخ إيرانية برسائل متعددة

صواريخ إيرانية برسائل متعددة

26 فبراير 2023
استهدفت إسرائيل مربعاً أمنياً إيرانياً في حي كفرسوسة في قلب دمشق (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

جاء إعلان إيران نيّتها تزويد النظام السوري بمنظومة دفاع جوي إيرانية الصنع كرد مباشر على استهداف إسرائيل مربعاً أمنياً إيرانياً في حي كفرسوسة في قلب العاصمة السورية دمشق. ويشير ذلك إلى أهمية الهدف الذي تم ضربه بالنسبة لطهران، وإلى انزعاجها من حليفتها روسيا التي سمحت لإسرائيل بتنفيذ مثل تلك الضربة.

هذا الأمر ربما دفع إيران لتغيير مستوى الصراع بينها وبين إسرائيل على الأراضي السورية، بالاعتماد على دفاعات جوية إيرانية الصنع للتصدي للهجمات، بدلاً من الاعتماد على وسائط الدفاع الجوي للحليف الروسي الذي تتم الضربات الإسرائيلية على سورية بالتنسيق معه، والذي تربطه اتفاقية مع الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 2018 بهذا الخصوص.

لكن توقيت وظروف الإعلان الإيراني عن تزويد النظام السوري بمنظومة الدفاع الجوي تحمل العديد من الرسائل لأطراف مختلفة. بالنسبة للجانب الإسرائيلي، ربما يؤشر هذا القرار إلى تغير في مستوى النشاط الإيراني في سورية، الذي تراه إسرائيل مصدر خطر عليها، إلى ما هو أبعد من تهريب شحنات الأسلحة عبر الأراضي السورية، وإنشاء مستودعات ونقاط تمركز إيرانية في سورية، ما يستوجب وجود مثل هذه المنظومة لحماية تلك النشاطات.

في المقابل، يعبّر الإعلان الإيراني عن تراجع ثقة طهران بحليفها الروسي، خصوصاً لناحية تهميش دور طهران ضمن مسار أستانة، كضامن للنظام إلى جانب موسكو، واقتصار الكثير من مخرجات هذا المسار على توافقات ثنائية بين الضامن التركي والروسي. كما دخلت روسيا وسيطاً في تطبيع العلاقات التركية مع النظام، مهملة مصالح الجانب الإيراني في هذا المسار. وبالتالي، فإن دخول منظومة دفاع جوي إيرانية الصنع يعزز من الوجود الإيراني في سورية ويجعل منها رقماً صعباً في أي معادلة تخص سورية قد يدخل بها الجانب الروسي.

أما الرسالة الأهم التي يوجهها هذا الإعلان الإيراني، فهي باتجاه مروّجي التطبيع من الدول العربية مع نظام بشار الأسد، في الفترة اللاحقة للزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية، وبعد زيارة الأسد إلى سلطنة عمان التي عادة ما تلعب دور الوسيط في أي مبادرات قد تطرح في المنطقة.

وتمثّل خطوة طهران رداً واضحاً وصريحاً على كل الأفكار التي تُطرح على أساس تحفيز النظام من خلال إعادته إلى محيطه العربي وتقديم دعم مالي ومحفزات سياسية بشكل تدريجي مقابل تخليه التدريجي عن إيران وخروجه من عباءة هيمنتها. وبالتالي فإن الرسالة الإيرانية بهذا الصدد واضحة بأن النظام لا يمكنه التخلص من هيمنة طهران على قراره، وأن التمدد الإيراني في سورية سيستمر بشكل تصاعدي.

كل تلك المؤشرات تجعل من قرار تزويد إيران للنظام السوري بمنظومة صواريخ قراراً سياسياً أكثر منه مجرد صفقة عسكرية يبرمها النظام مع حليف استراتيجي له.