شلل في الخرطوم في الذكرى الثانية لبدء اعتصام القيادة العامة

06 ابريل 2021
ما زال السودانيون يتساءلون حول مدى تحقيق الثورة أهدافها (فرانس برس)
+ الخط -

 

أصيبت الحياة في وسط الخرطوم، اليوم الأحد، بشلل شبه تام، بعد إغلاق الجيش السوداني كل الطرق المؤدية إلى مقر قيادته العامة، مع مرور عامين على الذكرى الثانية لبدء اعتصام القيادة، في السادس من إبريل/ نيسان 2019، حيث لا يزال السودانيون يتطلعون إلى تحقيق الشعارات والمطالب التي خرجوا من أجلها، بما في ذلك محاسبة المتورطين في إراقة الدماء.

وبينما تمر الذكرى هذا العام بنوع من الهدوء، يعتري كثير من الثوار والسودانيين عامة، شعور بخيبة أمل كبيرة لعدم تحقيق كثير من المطالب من جهة، وللإخفاق والتباطؤ في تحقيق العدالة بحق المتورطين في فض الاعتصام من جهة أخرى.

على هذا النحو، لم يُعلن خلال الذكرى الثانية عن أي مظاهر احتفالية، أو تنظيم مواكب، وبدا اليوم اعتياديًا إلى حد كبير، باستثناء خطوة الجيش بإغلاق الطرق، فيما خرجت تظاهرة واحدة محدودة وعفوية، وسط الخرطوم، واكتفى تجمع المهنيين السودانيين، العنصر الأهم في الحراك الثوري، ببيان نشره على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيا فيه ثورة ديسمبر، وأكد أن القوى الفاعلة خضعت لابتزاز المجلس العسكري وحلفائه.

 

من صرخة عفوية إلى احتجاج منظم

اندلعت شرارة الثورة ضد نظام البشير في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018  بصورة عفوية في عدد من المدن خارج الخرطوم، ضد غلاء الأسعار، وندرة السلع الضرورية، قبل أن يتبناها رسمياً تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، وينقلها إلى الخرطوم، عبر الأدوات السلمية، للمطالبة بذهاب النظام، وتشكيل سلطة مدنية، لفترة انتقالية تعقبها انتخابات عامة.

وبعد اتساع رقعة التظاهرات والإضرابات في الأشهر الثلاثة الأولى، توجهت قوى إعلان الحرية والتغيير، بدعم من "تجمع المهنيين السودانيين"، بموكب في السادس من إبريل/ نيسان 2019 إلى مقر قيادة الجيش لتسليم مذكرة تطالبه بالانحياز للثورة، وتنحية النظام.

وتمكن الثوار رغم الانتشار الأمني الكثيف على مداخل القيادة العامة، والحواجز الأمنية المتعددة لقوات الشرطة والأمن، من الوصول إلى مدخل القيادة العامة، والاقتراب من مقر إقامة الرئيس المخلوع عمر البشير، بحماية ومساندة من صغار الضباط والجنود، الذين أعلنوا انضمامهم للثورة.

 

وبعد الاختراق، قرر القادة الميدانيون للتظاهرات تحويلها إلى اعتصام في محيط القيادة العامة، عقب السيطرة على كل مداخله، والمقرات الحكومية القريبة، كما نصبوا خيامهم وأنشأوا مستشفى وإذاعة داخلية ومسرحاً ومقرات للإمداد الغذائي والمائي.

وسرعان ما وصل عدد المشاركين في الاعتصام إلى ملايين الأشخاص، ما دفع قادة الجيش والأجهزة الأمنية داخل نظام البشير، إلى الإطاحة به في 11 إبريل/ نيسان 2019 بقيادة الفريق أول عوض بنعوف، النائب الأول للرئيس البشير.

لكن الأحداث لم تتوقف عند الإطاحة بالبشير، إذ أعلن المعتصمون رفضهم للمجلس العسكري الذي سارع بنعوف إلى تشكيله، ما أجبره على الاستقالة في اليوم التالي، ليتم تشكيل مجلس عسكري جديد برئاسة الفريق عبد الفتاح البرهان وعضوية 9 آخرين.

بعد ذلك وجد الثوار أنفسهم مرغمين على القبول بالمجلس العسكري الذي تكشفت رغبته في الانفراد بسلطة تحظى بدعم خارجي. وفشلت المفاوضات بينه وبين قوى إعلان الحرية والتغيير لتسليم السلطة، قبل أن يقدم المجلس بطريقة أو بأخرى، على فض الاعتصام في الثالث من يونيو/حزيران 2019 في عملية كلفت أكثر من 100 قتيل ومئات المصابين وعشرات المفقودين.

 

ما بعد المجزرة

لم يستسلم المحتجون السودانيون بعد واقعة فض الاعتصام، وأعاد الثوار زمام المبادرة في الثلاثين من يونيو/حزيران 2019 لمحاصرة المجلس العسكري، الذي رضخ أخيراً بالقبول بتعيين وزراء مدنيين ومجلس سيادة ذي صلاحيات رمزية، مع القبول بتشكيل لجنة تحقيق وطنية، للتحقيق بفض الاعتصام وتقديم المتورطين للمحاكمة.

في الذكرى الثانية لبدء الاعتصام، ما زال السودانيون يتساءلون حول مدى تحقيق الثورة أهدافها، في ظل انفلات أمني أودى بحياة 50 شخصًا على الأقل في دارفور، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، والإحساس باستمرار هيمنة العسكر على الحكم الذي كان أحد تجلياته الانفراد بقرار التطبيع مع إسرائيل، والتوصل لاتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان، إضافة إلى البطء في عمل لجنة التحقيق في فض الاعتصام.

المساهمون