شباب يشهدون: أردنا الالتحاق بالجهاد

04 فبراير 2015
(Getty)
+ الخط -

عرضت قناة "فرانس 5" ليل أمس وثائقيًا تحت عنوان "الشباب في مواجهة الإسلام الراديكالي" للمخرجة كلاريس فيليتان التي التقت بعدد من الفرنسيين العائدين من سورية (والذين يرغبون في خوض التجربة) والذين تتراوح أعمارهم بين الـ15 والـ18 سنة.

انتظر عدد كبير من الفرنسيين الوثائقي، خصوصًا بعد تزايد أعداد "الجهاديين المحليين" المتوافدين إلى سورية، إضافة إلى عودة البحث في مدى تمكّن الخطاب الاصولي وأثره في الفرنسيين لا سيما بعد أحداث "شارلي ايبدو" وما تركته من تبعات.

ويسجّل الوثائقي شهادات لأربعة قاصرين فرنسيين، منهم اليهودي والمسيحي والمسلم ومنهم اللاديني أو الملحد، ويركّز على حيّز مهم من شخصية الفئات المستهدفة من قبل "الشبكات الجهادية" وهو تميّز هؤلاء وعدم قدرتهم على إثبات وجودهم في النطاق المحلي: العائلة، المدرسة، الحي...

ويتحدث سامي (15 عاماً) بشغف وخوف في آن واحد، عن رغبته السابقة في خوض تجربة قتالية في سورية. ويقول إنه "أعجب بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وأراد أن يذهب للقتال معهم لإعلاء راية الإسلام والانتصار على الكفار". لكنه سرعان ما عاد وهرب بعد محاولته الالتحاق بأحد المعسكرات.

أما نورا (15 عاماً) فكانت تعيش حياة طبيعية أيضاً، إلى أن اعترض طريقها وهي ذاهبة إلى ثانويتها مجموعة من الإسلاميين وعرضوا عليها أن تعمل في ميتم للأطفال في سورية.

وتقول مخرجة الوثائقي إنّها واجهت صعوبات في البداية لإقناع هؤلاء الشباب بتصوير شهاداتهم لكنها نجحت في النهاية في أن تحوز على ثقتهم وتضيف "هؤلاء الشباب رائعون، أذكياء وموهوبون.. سامي كان دائمًا عريف الصف ورفاقه يحبونه كثيرا وحياته الاجتماعية كانت أكثر من إيجابية". وفي تعليقها على إحدى الشهادات لقاصرة تلقّت اتصالات عديدة عبر شبكة الانترنت تدعوها إلى الالتحاق بـ"الأخوات المسلمات في بلاد الشام"، تقول فيليتان: "تبدو طريقة غسل الدماغ تلقينية بشكل كامل وتعتمد على إعلاء الحس الإنساني وتجسيده كفعل دلالي للإجابة عن أسئلة هؤلاء القاصرين التي تتعلق بالوجود والذات".

والوثائقي لا يبدو نقلًا عاديًا لشهادات واقعية لقاصرين وقاصرات فرنسيين، إنما محاولة ما لشرح هذا التشظي الهوياتي الذي ينتجه الخطاب الأصولي ومدى قدرته على خرق البيئة الشبابية التي تبحث عن الأمان والنجاح.

وتأتي المجموعات الأصولية وتركّز على فقدان الذاكرة هذا لتعطي للشباب إحساس القُدسية في حال دخلوا في هذه المجموعات. يُعيد الخطاب الأصولي تحديد علاقة الشاب مع نفسه ومع الآخرين. ويعتبر الخطاب الأصولي كسائر إيديولوجيات الانقطاع التي ترتكز على تمجيد المجموعة: الرئيس والشيخ الروحي يغرسان العقيدة في نفس المجموعة من خلال التركيز المُكثّف على النقاط المختلفة الكامنة مع الأشخاص الموجودين في العالم الخارجي وتكثيف التركيز على النقاط المتشابهة مع أعضاء الفريق.

ولهذا السبب يقولون للشباب إن ما يشعرون به ليس شعوراً شخصياً وإنما شعور المسلمين، وبالتالي تضمحلّ الهوية الشخصية، ويصبح "الأنا" نحن والشاب لا يعُود يُفكر أو يحسّ بأي شعور. ويقول الخطاب الأصولي تدريجيًا للشاب إن العالم بأسره يرفض أن يكون المسلمون مُتساوين لأن العالم بأسره يعرف بأن الإسلام يملك الحقيقة.
المساهمون