سد النهضة… الملء الرابع في موعده رغم المفاوضات

سد النهضة… الملء الرابع في موعده رغم المفاوضات

10 سبتمبر 2023
سد النهضة، فبراير 2022 (أمانويل سيليشي/فرانس برس)
+ الخط -

رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية ملس آلم، الخميس الماضي، على تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري في اجتماع وزراء الخارجية العرب، الأربعاء الماضي، التي قال خلالها إن جولة المفاوضات الثلاثية، التي استضافتها القاهرة يومي 27 و28 أغسطس/آب الماضي بشأن سد النهضة، "بينت عدم وجود تغير في المواقف الإثيوبية، وعدم وجود توجه للأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة التي تلبي مصالح الدول الثلاث".

وقال المسؤول الإثيوبي: "لم نلحظ أي تقدم من الجانب المصري بشأن حل أزمة سد النهضة"، مؤكداً أن "الملء الرابع لسد النهضة سيتم وفقاً للخطط الموضوعة له"، لكنه شدّد على أنه "نسعى للوصول إلى تفاهم مشترك يرضي كل الأطراف، غير أن نقل المفاوضات إلى الإعلام غير مفيد".

الموقف الإثيوبي هو نفسه في كل المفاوضات

وتعليقاً على ذلك، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري رخا أحمد حسن، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الموقف الإثيوبي هو نفسه منذ أن بدأت المفاوضات بوساطة أميركية وحتى الآن". وأضاف: "ما تريده إثيوبيا وتسعى إليه هو استخدام المفاوضات الشكلية ستاراً يتيح لها الوقت الكافي لاستكمال كل مراحل إقامة مشروع سد النهضة".

وأوضح حسن أنه "من الناحية العملية، لم تغير إثيوبيا أي شيء في موقفها السابق، فقبل بدء أول جلسة مباحثات بعد البيان المصري الإثيوبي بشأن التوصل إلى اتفاق خلال أربعة أشهر، أعلن وزير الري الإثيوبي سيلشي بيكيلي أنه يأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق ودي، وأن حكومته لن توقع على اتفاق قانوني".

وشدّد على أن "هذا الموقف مرفوض من قبل مصر، كما أوضح وزير الخارجية سامح شكري، الذي طالب الدول العربية بممارسة الإقناع والضغوط على إثيوبيا للتجاوب مع حقوق مصر ومطالبها العادلة، وفقاً للقوانين المنظمة للأنهار الدولية، وأن مصر متمسكة بحقها التاريخي في مياه النيل، لأنه بالنسبة لها مسألة حياة أو موت، باعتبارها دولة مصب، وتمثل مياه النيل نحو 95 في المائة من مصادر المياه الكلية فيها".


رخا أحمد حسن: تريد إثيوبيا استخدام المفاوضات لاستكمال كل مراحل سد النهضة

وتعليقاً على تصريحات شكري، قال وزير الموارد المائية والري المصري السابق محمد نصر الدين علام، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنها "رسالة واضحة لا تحتاج تفسيراً". وأكد علام أن "مواقف الدولة المصرية ثابتة، بحكم الدستور والأمن القومي وأيضاً بسبب محدودية مواردنا المائية".

واعتبر أنه "للحفاظ على حياة الشعب وبقاء الدولة، فإن من الثوابت الوطنية والأمنية الحفاظ على كل قطرة مياه مهما كان الثمن ومهما عظمت التضحيات". وأضاف الوزير السابق: "المفاوض المصري له خطوط حمراء تفرضها الإدارة، فلا يستطيع أن يسمح، سواء لنفسه أو للغير، بتجاوزها. وتتمثل هذه الخطوط الحمراء في الحقوق المائية المصرية".

وشدّد علام على أن "محاولات التعدي على حصة مصر المائية دائمة من بعض دول حوض النيل بدعم خارجي، وكانت على مدى عصور، ولكنها انتهت دائماً بالفشل".

خبيرة النزاعات المصرية هالة عصام الدين قالت في حديث لـ"العربي الجديد": "لا أعلم ماذا ستكون نتائج المفاوضات، والتي لا أتوقع أن تُحسم لصالحنا، ولكنني أختصر الطريق في دور الدبلوماسية من جانبنا في محاولة الوصول إلى الدول المانحة وعرض فكرة أن تكون مصالحها مع دول حوض النيل ككل، وبالذات مع مصر باعتبارها قوة إقليمية عظمى، وأن فكرة دخول إثيوبيا في تحد معها ومحاولة أن تكون هي القوة العظمى في الإقليم، بتحكمها في موارد حوض النيل، مرفوض، لأن مصالح تلك الدول لن تكون آمنة في حال دخلت دولتا المصب (السودان ومصر) والمجرى (إثيوبيا) في حالة من عدم القدرة على توفير الأمن المائي، وأن ردة فعلهما قد لا تكون متوقعة، خصوصاً أن المياه حق لكل دول حوض النيل".

الحاجة إلى مفاوضات جديدة

من ناحيته، قال الكاتب الإثيوبي هاشم علي، في حديث لـ"العربي الجديد" إن "المحادثات لا تنهيها وعود وأمنيات، بل تحتاج إلى جلسات أخرى جادة من التفاوض، وأن يبدي كل طرف من الأطراف تساهلاً لأجل الوصول إلى حلول تفتح الباب إلى مستقبل أفضل من التعاون والتنمية المشتركة". وأكد أن "لا أحد يستطيع أن يفرض سيطرته على المياه، والمرحلة المقبلة تحتاج إلى انفتاح وصراحة وتداول يفضي إلى اتفاق وتوضيح الأمور لكل الأطراف".

وأضاف علي: "إثيوبيا لا تريد أن تحرم دولتي المصب من حقهما المائي، بل تدخل المفاوضات بقلب مفتوح للوصول إلى اتفاق يحفظ لها حقوقها الكاملة، مع عدم الإضرار بمصالحها، وهذا الأمر تحدث عنه وزير المياه الإثيوبي سيلشي بيكيلي في آخر حوار أجرته معه وكالة (فانا) الإثيوبية، حين أكد أن إثيوبيا مصرة على حل حول سد النهضة لا يضر بمصالحها. القضية تتطلب توافقاً بين المنبع والمصب، يحفظ حقوق كل الأطراف، وهذا ليس بالأمر الصعب".


هاشم علي: لا أحد يستطيع أن يفرض سيطرته على المياه

وتابع علي: "سد النهضة ليس أول سد يبني في العالم، فهناك آلاف السدود المشتركة بين الدول في أوروبا وأميركا والبرازيل وآسيا، تجمع دولاً وشعوباً، ينبغي أخذ التجربة منها، والتوصل إلى اتفاق مرض لكل الأطراف يحقق تعاوناً بين شعوب المنطقة، بدلاً من سياسات التنافس، وفتح الثغرات لتدخلات دولية وإقليمية، تؤدي إلى التباعد بين الشعوب والدول".

في السياق، قال أستاذ القانون الدولي العام أيمن سلامة، لـ"العربي الجديد"، إن "أي اتفاق مرتقب حول إدارة وتشغيل سد النهضة من دون آلية تسوية النزاعات لن يجدي نفعاً". وأشار إلى أن "آلية حل النزاعات التابعة للجنة نهر ميكونغ في آسيا آلية رسمية لحل النزاعات بين الدول الأعضاء في لجنة نهر ميكونغ، وتم تأسيسها في عام 1995، وتتألف من خبراء مستقلين يتم تعيينهم من قبل الدول الأطراف في اتفاقية استخدام النهر".

وأضاف سلامة أن إثيوبيا "لا تقبل سوى بالمبادئ التوجيهية غير الملزمة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة. أما مصر والسودان، فيريدان اتفاقاً ملزماً يضمن لهما كمية معينة من مياه نهر النيل. ويشعران بالقلق من أن السد سيقلل من كمية المياه المتاحة لهما، الأمر الذي قد يكون له تأثير سلبي على اقتصادهما وشعبيهما".

الجدير بالذكر أن المبدأ العاشر من اتفاقية إعلان المبادئ بشأن سد النهضة، الموقعة بين مصر وإثيوبيا والسودان في عام 2015، ينص على: "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النوايا. ويمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/الحكومات".