دوّن النائب الفرنسي دافيد غيرو، على صفحته في "فيسبوك" قائلاً: "هذا المساء، لن تكون هناك كلمة واحدة لرئيس الجمهورية (إيمانويل ماكرون) بشأن مليونَي فلسطيني محتجزين في غزة، محرومين من الماء والكهرباء والطعام".
وأضاف أن "فرنسا تغمض عينيها عن جريمة حرب، ويوماً ما ستشعر بالعار لأنها قطعت النور عن غزة".
يتجند الفرنسيون والألمان والأميركيون، وغيرهم كثير، وحتى أوكرانيا لدعم إسرائيل بكل ما استطاعوا من أنواع الدعم، حتى بالكذب والبهتان.
ويطلع علينا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، متأثراً بفظاعة الصور التي عرضها عليها الإسرائيليون، على أساس أنه حساس جداً مثلاً، ويرفض العنف. أما غزة فلا يرى صورها.
ما فضحته غزة وأشلاء أطفالها، أزال كل دهشة، ونزع كل ضباب حتى ترى أعيننا جيداً فظاعة المشهد على حقيقته. قرون طويلة من الكذب وادعاء الإنسانية والرحمة والديمقراطية فُضحت على أبواب غزة، وتساقط أمامها كثيرون.
عرّت غزة أولئك الذين اعتلوا منابرنا يشرّعون لقتل أطفالنا وينظّرون، من دون أن يرف لهم جفن لـ"الحق الإسرائيلي" في إبادة شعبنا.
في يومين سقطت أقنعة الإنسانية الكاذبة، تحرروا من كل وازع، إنساني أو ديني أو أخلاقي، أو حتى مصلحي، ووصل الأمر بهم إلى حد منع أعلام ترفرف أصبحت تقض مضاجعهم.
صار كل شيء يحيل على فلسطين، حتى مجرد كلمة على "فيسبوك"، باتت جرماً يستوجب الملاحقة. إلى هذا الحد أربكتهم المقاومة.
ولكن الأمر لا يتعلق بالغربيين فقط طبعاً، فكم من خناجر عربية خرجت من مخابئها، وكم من ألسنة طويلة خرست وأصوات كُتمت أنفاسها. أما عن ذاك البيان العربي التعيس الذي صدر عن جامعة الدول العربية فلا داعي للتعليق عليه أصلاً.
وحتى عندما خرجت أحزاب عربية تندد في حفلة دعم فلسطين المعتادة أمام الكاميرا، فقد كانت حريصة على ألا تختلط في ما بينها، مثلما حدث في تونس مثلاً، فلكل حزب مظاهرته ولكل منظمة داعموها، لا يوحدهم شيء، حتى المأساة التي ألمت بهم.
لقد كان الساقطون على أبواب غزة بلا عدد، وستكشف الأيام المقبلة "سقطات" كثيرة أخرى، فكلما اشتد الخناق وزمجر الأميركان أكثر، كلما اختفت القطط في مخابئها.
إلا أولئك الذين كانوا دائماً وراء المقاومة، فلن يذلّوا ولن يتراجعوا، نراهم كما عهدناهم بلا تردد في نصرة الحق الفلسطيني في كل لحظة، سينصفهم التاريخ وسيظهر حقهم طاول الزمان أو قصُر.
والأكيد أن المقاومين هناك لن يعوّلوا على من خبروهم طيلة عقود، تجار قضية وصانعي كراسي، وإلا لما نجحوا في شيء.