ريشي سوناك من "كوب27": اختراقات في ثلاثة ملفات لصالح صورته

ريشي سوناك من "كوب27": اختراقات في ثلاثة ملفات لصالح صورته

08 نوفمبر 2022
سوناك يسعى للاستفادة للحد الأقصى من قمة المناخ(Getty)
+ الخط -

شكّلت قمة المناخ "كوب 27" المنعقدة، حالياً، في مدينة شرم الشيخ المصرية، فرصة استثنائية لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك للتميّز عن الزعيمين السابقين بوريس جونسون وليز تراس في ثلاثة ملفات كانت مغيّبة في السابق على الرغم من أهميتها. 

وكان سوناك الذي فاز في ثاني سباق يخوضه إلى "داونينغ ستريت" قبل أسبوعين، قد أعلن بداية عن نيّته عدم المشاركة في أعمال قمة المناخ في شرم الشيخ، استجابة للمأزق الاقتصادي الذي تمرّ به المملكة المتحدة، إلا أن الانتقادات التي تعرّض لها دفعته لتأكيد مشاركته لاحقاً وبالتالي للاستفادة منها إلى الحد الأقصى، وتسجيل اختراقات في ثلاثة ملفات وهي:

الملف الأول: المناخ

تعرّضت الحكومات البريطانية المتعاقبة لحزب "المحافظين" للكثير من الضغوط المتعلقة بتجاهل مخاطر التغير المناخي والتعامل مع هذا الملف الذي يشغل العالم باستخفاف غير مأمون العواقب. 

وتركزت أبرز الانتقادات التي واجهت الحملتين الانتخابيتين الصيف الماضي لكل من ريشي سوناك وليز تراس، على تغييب هذا الملفّ في المناظرات العديدة التي خاضها المرشّحان، ومنح الأولوية بدلاً من ذلك لقضايا لم تعدّ تهم الناخبين البريطانيين كالهجرة والمهاجرين. 

وعلى الرغم من الانتقاد العلني الذي وجّهه جونسون على سبيل المثال للرئيس الأميركي دونالد ترامب عام 2017 بسبب قرار الأخير الانسحاب من اتفاقية باريس بشأن التغير المناخي، إلا أنه أعلن لاحقاً في سباقه إلى الزعامة أن "ظاهرة الاحتباس الحراري لا تحتلّ مرتبة عليا في جدول أعماله"، وأن "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي" هو أولويته القصوى. 

بينما اتهمت سياسات تراس التي خلفت جونسون "بالعداء المطلق للكوكب" من خلال مجموعة من التشريعات التي تمثّل تراجعاً عن حماية الطبيعة كالدفاع عن التكسير الهيدروليكي. 

وربما لن تمثّل سياسات سوناك تحوّلاً صاخباً في هذا الملف، إلا أن مشاركته تبعث رسائل "مطمئنة" للنشطاء البيئيين عجز الزعيمان السابقان عن إرسالها، وهي أنه "ملتزم بشكل شخصي" بهذا الملف، خاصة أنه صرح في كلمته، أمس، أن "الاستثمار في البنية التحتية الخضراء هو الأمر الصحيح أخلاقياً". 

الملف الثاني: سجين الرأي المصري البريطاني علاء عبد الفتاح

لم تترك عائلة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح وسيلة إلا واتّبعتها للضغط على 3 حكومات بريطانية متعاقبة، بشأن الإفراج عنه بعد أن باتت حياته في خطر، وهو المضرب عن الطعام منذ ستة أشهر. 

وكانت شقيقته منى قد أعلنت قبل أيام أن عبد الفتاح سيصعّد من إضرابه وسيتوقف عن تناول الـ100 سعرة حرارية التي كانت تبقيه على قيد الحياة خلال الأشهر الماضية، وأنه سيتوقف عن شرب الماء أيضاً اعتباراً من 6 نوفمبر/تشرين الثاني، تزامناً مع افتتاح أعمال القمة في شرم الشيخ. 

وكانت شقيقتاه منى وسناء قد توجّهتا إلى مجلس العموم بالعديد من الرسائل والمناشدات قبل ستة أشهر بعدما حصل عبد الفتاح على الجنسية البريطانية، في سعي لقيام الحكومة البريطانية بالضغط على نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإطلاق سراحه، على اعتبار أن علاء مواطن بريطاني وليس فقط مصريا. 

غير أن رئيس الحكومة آنذاك جونسون اكتفى بإثارة الموضوع بشكل جانبي مع الرئيس المصري، بينما تراس التي كانت وزيرة للخارجية لم تستجب حتى لمطالب اللقاء بعائلته في لندن. 

فكان سوناك المسؤول الرفيع الأول الذي يوجّه رسالة لعائلة عبد الفتاح عشية مشاركته في قمة "كوب 27"، متعهّداً "بإثارة القضية مع القيادة المصرية خلال القمة"، ومشدّداً على التزامه بالحل "كأولوية بالنسبة للحكومة البريطانية المدافعة عن حقوق الإنسان، وأيضاً عن حقوق مواطنيها". 

الصورة
علاء عبد الفتاح
سوناك وجّه رسالة لعائلة علاء عبد الفتاح(Getty)

وقال مصدر في "داونينغ ستريت" إن سوناك عبّر عن "قلقه العميق" بشأن القضية خلال اجتماع مغلق مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإنه "أعرب عن أمله في حلّ قريب وسيواصل الضغط من أجل إحراز تقدّم". 

الملف الثالث: العلاقة مع فرنسا

في السنة الأخيرة من ولايته، اتّسمت العلاقة بين زعيم "المحافظين" بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالفتور وأحياناً بالخصام بسبب العديد من الملفات العالقة، أبرزها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وإصرار الحكومة البريطانية على تمزيق أجزاء هامة من بروتوكول إيرلندا الشمالية من طرف واحد، وقضية الهجرة عبر القناة وأيضاً تهديد جونسون بالانسحاب من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لتسهيل عملية ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.

كما لم تكن علاقة تراس بالجانب الفرنسي أفضل حالاً، بل على العكس كانت أسوأ بكثير بسبب افتقارها للدبلوماسية التي عُرف بها سلفها. ولم ينس المتابع بعد، الاستخفاف الذي ردّت به تراس على سؤال مذيعة "سكاي نيوز": "هل ماكرون صديق أم خصم؟"، في واحدة من المناظرات الأخيرة قبل فوزها في السباق. إذ ردّت تراس: "الأفعال هي التي ستقرّر لاحقاً ما إن كان صديقاً أم خصماً". ما دفع الرئيس الفرنسي للردّ عليها قائلاً: "إن بريطانيا صديقة وحليفة بغض النظر عن هوية رئيس الحكومة فيها، لا بل وعلى الرغم من هويته أحياناً". 

فجاء اللقاء الثنائي الذي جمع سوناك بماكرون في قمة المناخ، ليشكّل ما يشبه التحدي للحكومتين السابقتين خاصة أن الصور التي التقطت للزعيمين لم تخفِ حرارة اللقاء، هما اللذان يتغلّب الشبه بينهما على "الخصومة" كأصغر زعيمين في بلديهما وكوافدَين جديدين على السياسة وكخبيرين ماليين حيث سبق لهما أن شغلا منصب وزير المالية في حكومة بلديهما. 

الصورة
سوناك وماكرون
الصور التي التقطت للزعيمين لم تخفِ حرارة اللقاء(Getty)

وكان الملف الأبرز على طاولة الاجتماع الثنائي للزعيمين، هو ملف الهجرة الذي "سمّم" الأسبوعين الأولين لسوناك في منصبه الجديد والذي بات محرجاً للغاية لحكومة المحافظين. فبعد أن استخدم الحزب ملف الهجرة كذريعة أساسية في رغبة بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي لاستعادة السيطرة على الحدود، لم يغيّر الانسحاب شيئاً، بل على العكس أضعف أدوات المملكة في السيطرة على حدودها خاصة مع الانسحاب من لائحة دبلن للاجئين. 

وعبّر سوناك بعد اللقاء عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق ثنائي بين البلدين في هذا الشأن قبل عطلة عيد الميلاد. كما من المقرر عقد قمة فرنسية بريطانية العام المقبل للمرة الأولى منذ أربع سنوات. 

وانطلق الأحد، في منتجع شرم الشيخ السياحي بمصر مؤتمر الأطراف الـ27 للأمم المتحدة حول المناخ(كوب 27)، في محاولة لإعطاء دفعة جديدة لقضية مكافحة الاحتباس الحراري وتداعياته وسط عالم منقسم وقلق من أزمات أخرى أمنية وسياسية واقتصادية.

المساهمون