رسائل شباب تونس

رسائل شباب تونس

08 اغسطس 2022
صورة نشرها علي شلبي في صفحته على فيسبوك (فيسبوك)
+ الخط -

تناقلت وسائل الإعلام التونسية السبت الماضي خبراً يقول إن شاباً تونسياً عمره 18 سنة، متحصل على شهادة البكالوريا هذا العام، غادر في رحلة هجرة سريّة إلى إيطاليا.

وتشير المعلومات المتداولة إلى أن الشاب علي شلبي، يلعب كحارس مرمى للنادي الرياضي الصفاقسي، وهو واحد من أعرق الأندية التونسية. ونشر الحارس الشاب صورة له رفقة عدد من الشبان على متن قارب "حرقة" عند وصولهم إلى السواحل الإيطالية.

كان علي شلبي رياضياً واعداً، سبق له الانتماء للمنتخبات الوطنية للشبّان، وهو ما يعني أنه متفوق دراسياً ورياضياً. فما الذي دفع شاباً بهذه المواصفات إلى المقامرة بحياته والتضحية بكل هذه المؤهلات التي يُفترض أن توفر له حداً أدنى من النجاح؟

بقطع النظر عن صحة هذه الحادثة من عدمها، فإن أمثال هذا الشاب المتفوقين دراسياً الذين يغادرون بحراً في اتجاه إيطاليا كثيرون.

تزامن وجود هذا الشاب على متن القارب مع احتفال الرئيس التونسي بيوم العلم، يوم الجمعة الماضي، عندما كان يخطب أمام حشد من الشباب المتفوق يحدثهم عن جمهوريته الجديدة التي لم يصوّت لها إلا ربع الشعب، أما البقية، الذين قاطعوا أو لم يكترثوا، فإلى البحر يشربون منه، لأن الجمهورية الجديدة تُبنى بمَن حضر ولمَن حضر.

أما الآخرون فمتواطئون باعوا ضمائرهم للخارج ويستهدفون بلادهم ويخربونها من الداخل، وينكلون بالشعب.

لقد كان يفترض أن تكون حرقة هذا الشاب صيحة فزع يتوقف معها كل شيء حتى يستفيق الجميع قبل فوات الأوان، قبل أن ينتفض جيل الغاضبين ويجرف معه الأخضر واليابس.

وهذا قريب إذا استمر هذا العبث وتواصلت الأزمة الاقتصادية، لأن علي لم يبشره الدستور الجديد بشيء ولم يجدد فيه الأمل الضائع ولم يغير فكرته للبقاء على أرض يتناحر فيها الساسة على مواقع غير مكترثين بهؤلاء الذين لا يسمع أنّاتهم أحد، بينما ترفع صورة الرئيس على صومعة مسجد في مدينة تونسية، إيذانا بمرحلة جديدة من تمجيد الفرد.

والكلام ليس ضد الرئيس سعيّد وحده، وإنما هو لكل الطبقة السياسية التي عجزت عن غرس أمل ضعيف في جيل أصبح همه الوحيد أن يغادر، نظامياً أو سرياً.

المهم أن يخرج ويغادر هذا الوضع الذي أصبح للأسف يراه جحيماً لا يطاق، ولكن المشكلة أن مسؤوليه لا يسمعون ولا يكترثون، لأنهم لو كانوا كذلك لما وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم من انتكاسات متتالية تهدد ما تبقى من مستقبل في بلد، كانت الحرية والديمقراطية تعد بأن تبنيه من جديد قبل أن يضيعها أهله وينهيها الانقلاب.