رسائل روسية بدماء الأطفال

رسائل روسية بدماء الأطفال

24 يوليو 2022
ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها روسيا المدنيين (محمد السيد/الأناضول)
+ الخط -

لم تكن المرة الأولى، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، التي يستهدف فيها الطيران الروسي بشكل مباشر ومتعمد مدنيين سوريين، جلّهم من الأطفال، بهدف الضغط أو توجيه رسالة ما إلى شريكه التركي في مسار أستانة، فيما يتلقى الأخير تلك الرسائل الدموية إما بالإذعان لمطالب موسكو أو بالرد من خلال تصعيد عسكري في مكان آخر. ويبدو أن الأمر بات بمثابة تبادل رسائل بين طرفين يحاولان التوصل إلى تفاهم ما، يحقق مصالحهما.

مجزرة الجديدة غربي إدلب، التي راح ضحيتها سبعة قتلى مدنيين بينهم أربعة أطفال من عائلة واحدة، يوم الجمعة الماضي، تبيّن أن تعاطي ضامني أستانة معها لم يكن أكثر من اعتبارها رسالة اعتيادية ممهورة بدم مدنيين، من دون إعارة أي اهتمام لدماء أولئك القتلى، وللمدنيين الذين يعيشون حالة تخوّف دائمة من دفع أثمان باهظة من أرواحهم، بسبب رسائل بين الضامنين على حسابهم. وباتت الطريقة الروسية واضحة في التعاطي مع مناطق سيطرة المعارضة، التي حُشر فيها ما يزيد عن ستة ملايين نسمة، والتي تقوم على استخدام سياسة الأرض المحروقة أثناء المواجهات العسكرية والقوة المفرطة عبر تجريب أنواع جديدة من الأسلحة على السكان.

أما في أوقات خفض التصعيد والتفاوض، فتقوم سياسة موسكو على التهديد المباشر بقصف المدنيين في حال عدم الاستجابة لمطالبها. وعندما تريد التعبير عن انزعاجها من أداء الضامن التركي، أو من أداء إحدى الهيئات السياسية في المعارضة، تقوم باستهداف المدنيين بشكل مباشر أو استهداف بنى تحتية حيوية، وبشكل خاص المستشفيات ومحطات المياه، بهدف إرغام الطرف الآخر على التراجع أو تغيير موقفه بما يرضيها.

إلا أن ما يثير الاستغراب هو تمرير هذا الأسلوب الهمجي من قبل المجتمع الدولي وسكوته عنه، وبشكل خاص الدول الغربية، التي تتعاطى معه كأمر واقع، وتظهر بمظهر العاجز عن حماية حقوق الإنسان التي تتغنى بها، لدرجة عدم إصدار أي بيان سياسي يدين مجزرة بحق أطفال، والاكتفاء بإدانتها من قبل منظمات المجتمع المدني.

هذا الأمر يدفع روسيا إلى مزيد من العنجهية، وفرض سياسة العصابات والبلطجة كسياسة أمر واقع لتحقيق أهدافها، خصوصاً بغياب إرادة دولية لفرض عقوبات جدية تمنع تلك الممارسات، وتحمي الأطفال من التحول لأهداف للطائرات الروسية، لمجرد التهديد أو توجيه رسائل سياسية أو عسكرية.
 

المساهمون