دحلان يعلن استعداده للعودة: عباس يتنازل في المفاوضات

28 فبراير 2014
محمد دحلان (أ ف ب)
+ الخط -

"محمَّلاً بملايين الدولارات من أموال الخليج الموضوعة تحت تصرفه، يستعد مدير جهاز الأمن الوقائي السابق في غزة، محمد دحلان، على ما يبدو للعودة إلى الأراضي الفلسطينية بشكل قد يؤهله للجلوس مكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس". هكذا بدأت وكالة الأسوشييتد برس خبرها، اليوم الجمعة، بعد أن أجرت مقابلة هاتفية مع دحلان من لندن.

تحدث دحلان عن مشاريع الدعم التي يقيمها في قطاع غزة، وعن علاقته الوثيقة بقادة الجيش المصري، واعتقاده بأن الرئيس محمود عباس (79 عاماً) أضعف موقف القضية الفلسطينية.

وقال دحلان (52 عاما) للوكالة إنه "لا يتطلع إلى أي منصب" بعد تقاعد عباس، لكنه دعا إلى إجراء انتخابات جديدة وتغيير شامل في حركة "فتح". وأضاف أنّ "عباس سيترك فتح أطلالاً، من قد يهتم بشغل منصب رئيس أو نائب رئيس على أطلال؟ ما يشغل ذهني هو التوصل إلى مخرج من موقفنا السياسي... لا إلى منصب سياسي".

وقال دحلان إنه يعكف على جمع ملايين الدولارات من رجال الأعمال والمؤسسات الخيرية في الامارات والسعودية ودول أخرى، "لمساعدة المحتاجين من أبناء الشعب الفلسطيني"، علماً بأنه قدم، في العام الماضي، ثمانية ملايين دولار لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وتابع دحلان: "أفعل الشيء نفسه في غزة الآن، أجمع النقود (لمشروعات) تحلية المياه في غزة. 50 في المائة من المياه المتوافرة في المنازل ما هي إلا مياه صرف صحي. حماس وعباس لا يفعلان شيئاً لحل المشكلات الحقيقية التي يواجهها الغزاويون".

وعندما سُئل عما إذا كان يسعى إلى شراء دعم سياسي بأموال خليجية، أجاب أن "تلك ليست نقوداً سياسية"، مستدركاً بأن الامارات تقدم دعما مالياً لعباس.

وكشف دحلان عن أنه التقى المشير عبد الفتاح السيسي مرات عدة، ودعم انقلاب العام الماضي، الذي وصفه بـ "الثورة المصرية" ضد جماعة "الاخوان المسلمين"، التي تُعدّ حركة حماس إحدى فصائلها.

مشروع دحلان بالعودة إلى قطاع غزة قديم، لكن المسألة تتطلب بعض الحذر، إذ ان الرجل خلق لنفسه عدداً كبيراً من الأعداء في "فتح" التي يقودها عباس، كما أنه سيظل في حكم المنبوذ من قبل اولئك الذين يتنافسون على زعامة الحركة مستقبلاً. في الماضي، كان عباس ودحلان من كبار مؤيدي المفاوضات مع إسرائيل، باعتبارها السبيل الأمثل إلى بناء الدولة. لكن الرجل بات يعتقد أن المحادثات الجارية اليوم، بوساطة أمريكية، لن تفيد الشعب الفلسطيني بشيء، وأن عباس "قدم تنازلات ما كان سلفه الزعيم الراحل ياسر عرفات ليقدمها".

ورفض المستشار السياسي لعباس، نمر حماد، وعضو اللجنة المركزية للحركة، جمال المحيسن، التعقيب على ما أدلى به دحلان، فيما أكد أن أي شخص يبدي دعماً لدحلان، ستعزله "فتح" من صفوفها.

سبق لعباس أن نفى دحلان عام 2010، بعد أن وصفه تلميذه السابق بالضعيف، ومنذ ذلك الحين يقضي دحلان وقته بين مصر والامارات. نشأ دحلان في مخيم خان يونس للاجئين في غزة، لكنه أصبح رجل القطاع القوي إبان تسعينيات القرن الماضي، بوصفه أحد أكبر مستشاري عرفات، وزج بقادة "حماس"، التي كانت تحاول عرقلة المفاوضات مع إسرائيل، في السجون. لاحقته اتهامات الفساد، وأقام، من منفاه، علاقات سياسية وتجارية في الوطن العربي.

من جهة أخرى، فإنّ العلاقة التي تربط دحلان بغزة وحركة حماس، معقدة للغاية، إذ فقدت قوات الأمن، تحت قيادة دحلان، السيطرة على غزة في معركة قصيرة مع مسلحي حماس عام 2007. وعمّقت تلك الهزيمة الشرخ والانقسام السياسي بين الفلسطينيين، مما أدى إلى ظهور حكومتين متناحرتين، في غزة وفي أجزاء من الضفة الغربية. ويرى البعض أن تلك المعركة المقتضبة هي أكبر مخطط للقضاء على مستقبل دحلان السياسي.

غير أن ثمة دلائل تشير إلى تقارب محتمل بين دحلان وكوادر من "حماس"، ولعل السرّ في ذلك هو العلاقات القوية التي تربط دحلان بوزير الدفاع المصري، المشير عبدالفتاح السيسي، بما أن الحركة الاسلامية لم تعد قادرة على تحمل كلفة الإغلاق المصري للحدود، لذا فهي تسعى بشتى السبل إلى إعادة فتح الحدود.

في يناير/ كانون ثاني الماضي، سمحت "حماس" لثلاثة من قادة "فتح"، الموالين لدحلان، بالعودة إلى القطاع. وشكل العائدون من الحركة ومسؤولون من حماس لجنة للإشراف على إنشاء مدينة سكنية في غزة، بتمويل إماراتي، بحسب مسؤول من "حماس"، رفض الكشف عن هويته.

واتهم عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، نبيل شعث، دحلان بمحاولة شق صفوف الحركة من خلال إبرام تحالف مع "حماس". أكثر من ذلك، شدد شعث، على أن "الموالين لدحلان في غزة وزعوا مئات الآلاف من الدولارات من دون الحصول على موافقة الحركة".

ما يزيد من حدة مخاوف "فتح" تجاه دحلان، هو مسألة مَن سيخلف عباس في قيادة الحركة، وهي مسألة لم تُحسم بعد. فقد انتخب عباس عام 2005، لكنه ظل على رأس الحركة بعد سنوات ولايته الخمس، إذ حال الانقسام القائم بين الحركتين المتناحرتين دون إجراء انتخابات. ولم يختر عباس خليفة له، وليس هناك منافس واضح له.

وقال المحلل السياسي، هاني المصري، لـ"الأسوشييتد برس" إن الدعم الإقليمي الذي يحظى به دحلان "عزّز من موقفه، لكنه لا يمثل منافساً قوياً على المنصب بعد، فهو لم يطرح أو يعلن أي خطط بعد". ووفق المصري، فإنّ الفلسطينيين "لن يدعموا زعيماً بعينه من دون قناعة ببرنامجه السياسي".