حملة روسية لوسم شخصيات سويدية شهيرة بالنازية.. وهذه أهدافها

حملة روسية لوسم شخصيات سويدية شهيرة بالنازية.. وهذه أهدافها

04 مايو 2022
رفضت رئيسة الحكومة السويدية الحملة الروسية "فهي طريقة غير مقبولة على الإطلاق" (Getty)
+ الخط -

لم تعد الأجواء المشحونة بين روسيا ودول الشمال تقتصر على اتهامات لموسكو بانتهاك عسكري للأجواء، ومحاولة التأثير على قرار فنلندا والسويد الالتحاق بحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وعلى ما يبدو، فإن موسكو تزيد جرعة اتهام من لا يؤيد غزوها، أو يحاول تحدي سياسات فرض "فيتو" على سياساتها الخارجية، باستدعاء النازية لتطلق في كل الاتجاهات.

وبالتزامن مع محاولة ساسة السويد تخفيف الأجواء المحتقنة داخلياً، على خلفية الأحداث التي شهدتها منتصف الشهر الماضي بعد إحراق يميني دنماركي متطرف يدعى راسموس بالودان، نسخاً من القرآن، واعتداء مشبوه على مقبرة إسلامية، يواجه السويديون حملة بروباغندا روسية تصنف بلدهم بالنازية.

ولاحظ السويديون خلال اليومين الماضيين كيف وُصِمت أشهر شخصياتهم بالنازية من خلال الدعاية الروسية، التي نشرت ملصقاً يضم تلك الشخصيات.

وتتركز الحملة الروسية على ثلاث شخصيات سويدية، هي المخرج السينمائي السويدي الشهير إنغمار بيرغمان، ومؤسس شركة إيكيا للأثاث والأدوات المنزلية، إنغفار كامبراد، والأديبة الأشهر ومؤلفة قصص الأطفال في البلاد، أستريد ليندغرين (توفيت 2002).

وهؤلاء الثلاثة، لشهرتهم العالمية، في إطار حملة روسية أصبحوا دليلاً على أن السويد ليست سوى بلد نازي كغيرها. فقد جابت حافلة حملت ملصق صور المشاهير أمام سفارة استوكهولم في موسكو تحت عنوان "نحن ضد النازية، وهم ليسوا كذلك". وتقف منظمة روسية تدعى "نصرنا" وراء الحملة الدعائية، التي انتشرت على وسائل التواصل الروسية.

وأكدت الخارجية السويدية، أمس الثلاثاء، وجود تلك الحملة. ولفتت إلى أنها تقاد من قبل "نصرنا"، مشددة على "أننا لن نخوض في جدل مع المنظمة الروسية (نصرنا)، لكننا نعلم أنهم في روسيا يستخدمون بشكل متكرر الاتهام بالنازية ضد الدول والأفراد الذين ينتقدون أفعال روسيا". 

ونقل التلفزيون السويدي عن رئيسة الحكومة (يسار وسط، اجتماعي ديمقراطي)، ماغدالينا أندرسون، رفضها للحملة الدعائية الصادرة عن موسكو "فهي طريقة غير مقبولة على الإطلاق".

ويربط السياسيون والمحللون السويديون، وفي دول جوارها الاسكندنافية، بين تزايد التحريض والاتهامات بحق مجموعة دول الشمال واحتدام الجدال حول عضوية البلد وفنلندا في الناتو، ومواقف الدول الأخرى الداعمة لأوكرانيا، بالسلاح وغيره.

لـ"تجاهل العالم الخارجي"

اعتبر أستاذ التاريخ والخبير بالشأن الروسي بجامعة لوند السويدية، كريستيان غيرنر، أن حملة الاتهام بالنازية "ليس مقصوداً بها الرأي العام الخارجي، بل الجمهور الروسي، لبث فكرة أنهم مضطهدون ومحاصرون، وبأن الجميع ضدهم، وبالتالي عليهم (الشارع الروسي) تجاهل العالم الخارجي تماما".

ويؤكد هذا الخبير بشؤون روسيا أن البروباغندا في موسكو "تهدف للحفاظ على وحدة الشعب الروسي، من خلال إرسال رسائل تقول نحن ندافع عنكم، ويسعى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين (ووزير الخارجية سيرغي) لافروف إلى بث أجواء رهيبة في روسيا، على قاعدة التمسك ببعضهم ضد العدو الخارجي".

واعتبر غيرنر أيضاً أنه حتى في الحقبة السوفييتية "لم يصل الأمر إلى هذا المستوى من التطرف، الذي لا يشمل الناتو وأميركا فحسب، بل معظم الدول التي تنتقد سياساتهم".

من جهته، أكد الباحث والمحلل في مركز "دراسات أوروبا الشرقية"، ستيفان إنفارسون، أن الحملة ضد السويد "تهدف إلى رفع الحالة المزاجية في الشارع الروسي. فالقائمون على حملة الملصقات المتهمة لأشهر الشخصيات السويدية بالنازية "يعرفون أن هؤلاء يحظون باحترام في روسيا، فإيكيا تحظى بشعبية، ومؤسسها كامبراد معروف لأنه كان ضد الفساد والرشوة، وكذلك حظيت ليندغرين بشعبية خارقة في زمن الاتحاد السوفييتي بينما المخرج بيرغمان لم يكن أقل شعبية واحتراما".

باحث: الحملة ضد السويد "تهدف إلى رفع الحالة المزاجية في الشارع الروسي

وعليه، يشدد إنفارسون على أن "الإشارة بتهمة النازية إلى هؤلاء المشاهير الهدف من ورائها إظهار جميع السويديين أمام السكان الروس على أنهم لديهم نوع من التعاطف مع ألمانيا النازية، ويعتبرون نازيتهم سببا في دعمهم لأوكرانيا، وسيستمرون في مضايقتنا حتى اتخاذ قرار الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي". 

واضطرت أسرة الأديبة السويدية ليندغرين، من خلال حفيدها، أولا نيومان، لرفض وصم جدته بالنازية "فالكل يعلم أنها مناهضة للنازية، وهذه الملصقات جزء من حملة تضليل متعددة وليست لها علاقة بالحقيقة"، كما صرح للتلفزيون السويدي، أس في تي، أمس الثلاثاء.

وفي السياق، رفضت "إيكيا" الاتهامات الدعائية، معتبرة أن ذلك جزء من السياسة. وأشارت مؤسسة المخرج إنغمار بيرغمان إلى أنه "من الواضح أن روسيا تحاول إضفاء الشرعية على الحرب (في أوكرانيا) من خلال الظهور بمظهر المعادي الأوحد للنازية، ولو أدى ذلك إلى اتهام الرب والعالم بأسره بأنهما نازيان"، وفقا لما قاله الرئيس التنفيذي للمؤسسة، يان هولمبيرغ.