حل الدولة الواحدة

حل الدولة الواحدة

23 أكتوبر 2023
دمار في غزة أمس جراء العدوان الإسرائيلي (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

يؤكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، خلال مختلف لقاءاته في الأيام الماضية، أنه يجب "إعادة إحياء آفاق حل الدولتين، على المدى الطويل". ولا يخفي سوناك رؤيته لمستقبل المنطقة الذي يتضح أنه تم رسمه مع بقية الحلفاء، إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا أساساً، وهو حل الدولتين، وإنما على المدى البعيد، أي أنه ليس مطروحاً على أجندة إسرائيل وحلفائها اليوم الجلوس على أي طاولة من أجل حل الدولتين القديم.

ويعني التشديد على شرط "الأمد البعيد" أن الأمد القريب سيشهد رسماً جديداً، هو في الواقع توجّه أو رغبة أو طموح لمحو كل المعادلة الحالية، محو حركة "حماس" ومحو المقاومة ومحو غزة من على الخريطة إن لزم الأمر، لتفتح المستوطنات نافذة عريضة على البحر، ويتم اختراع شعب جديد من الفلسطينيين الطيّعين غير المزعجين، في رقعة لعلها تكون في شكل حيّ من الأحياء، أو ربما طردهم جميعاً بمهادنة عربية ودولية يجري الإعداد لها وتوفيرها تدريجياً بكل الأوراق المتاحة للغرب على حكام دول الجوار.

ويبقى السؤال، ما الذي لم يفهمه سوناك والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن وعملاؤهم من حدث 7 أكتوبر/تشرين الأول؟ ألم يكن من الواضح أنه يحمل إجابة مباشرة على كل الماضي، بما فيه من قنابل وحصار وتجويع وظلم وسجن، وتهجير؟ هل أفلحت النكبة الأولى في محو فلسطين من المنطقة، وهل مات الكبار ونسي الصغار كما توهم زعماء إسرائيل؟

هل أصبحت إسرائيل دولة هانئة مطمئنة على الرغم من كل السلاح الذي لديها وبكل القتل الذي مارسته على العرب طيلة سبعة عقود؟ ألم يعد الجميع في 7 أكتوبر إلى الصفر؟ أليس الحل فعلياً في أن يُمنَح الفلسطينيون، أخيراً، جزءاً من حقهم تحت عنوان حل الدولتين المزعوم، أم يتوهم الحلف الغربي ومن معهم من العرب أنه يمكن ترتيب حل الدولة وربع أو الدولة ونصف أو ربما حل الدولة الواحدة؟

لا يبدو أن كثرا اليوم يقرؤون التاريخ جيداً، وهم يعيدون دائماً المآسي والدمار نفسه بالأخطاء ذاتها، وباللاعبين أنفسهم، ولكن عليك أن ترى وجوه المحتجين دفاعاً عن غزة في العالم اليوم، شباب مدارس وطلاب جامعات كان كثير منا يعتقد ألا شيء مهماً يحركهم، لأن "إنستغرام" أسست وشكّلت شخصيته الساذجة السطحية.

ولكن إذا تمعّنت في وجوههم وفي شعاراتهم في الشوارع العربية، فستفهم أنك أمام جيل جديد يريد "طرد السفير"، ويقول بوضوح إن "الفرنسيين والأميركيين شركاء في العدوان"، وهذا جيل لن ينسى ولن يسامح ولن يغفر، وإذا حصل تهجير اليوم فستكون عودة غداً، ولن يكون هناك حل اسمه الدولة الواحدة.

المساهمون