حصار الكلمة في تونس

حصار الكلمة في تونس

25 سبتمبر 2023
الحشاني وسعيد، في أغسطس الماضي (الأناضول)
+ الخط -

من المنتظر أن يمثل الرسام الكاريكاتوري التونسي توفيق عمران، اليوم الاثنين، أمام المحكمة الابتدائية في تونس في القضية المرفوعة ضده بسبب رسوم كاريكاتورية اعتبرت مزعجة للسلطة، أو لرئيس الحكومة التونسية أحمد الحشاني.

رئاسة الحكومة ذكرت في بيان، بعد اعتقال عمران والإفراج عنه، الجمعة الماضي: "إذا كانت هذه التتبعات قد تمت من أجل أفعال أخرى قد يكون توفيق عمران ارتكبها، فذلك شأن قضائي بحت، أما إذا كانت من أجل صورة كاريكاتورية، فهو أمر إن كان فيه للنيابة العمومية تقدير بحكم القانون فإن تقدير رئاسة الحكومة هو أنه ليس هناك ما يبرر مثل هذه التتبعات، لأن حرية الإبداع مضمونة في نص دستور 25 يوليو/تموز 2022 بفصله التاسع والأربعين".

وأضافت: "من أراد أن يخلط بين حرية التعبير وحرية الإبداع من جهة، وجريمة إصدار صك من دون رصيد من جهة أخرى، فهو من قبيل من يبحث عن رصيد فقده منذ سنين ويريد أن يكوّنه من جديد باختلاق الأراجيف والأكاذيب".

لكن عمران أكد في تصريحات إذاعية أن أسئلة المحققين كانت حول انتمائه الديني والسياسي، وأوضح أن البحث "شمل رسوماً تتعلّق برئيس الحكومة". وتوضح هذه التطورات الخطيرة أن السلطات في تونس ضاقت ذرعاً بـ"هؤلاء المزعجين" من الصحافيين والناقدين، وأن درجة الحساسية منهم ارتفعت إلى الحد الأقصى، وأن طاقة صبرها عليهم قد نفدت، بما يفيد بأن الآتي سيكون سيئاً للغاية.

الجمعة أيضاً، جرت مداهمات وتفتيش بيتي المعارضين، محمد الحامدي ورياض الشعيبي، ولم يُعرف عنهما أيضاً سوى المعارضة السلمية الهادئة الناقدة، بالكلمة فقط، ولكن السلطة لم تعد في ما يبدو قابلة لأي كلمة من هؤلاء "المناوئين الذين يريدون تفجير الدولة من الداخل"، على حد تعبير الرئيس قيس سعيّد.

وعلى الرغم من كل هذا، يصر وزير الخارجية نبيل عمار، من نيويورك، على الترويج لوضع الحريات المدهش في تونس، وعلى العدالة المنتشرة التي لا تظلم أحداً، بينما العالم الصديق لتونس يتفرج على هذه المأساة التي تعصف بالديمقراطية الوليدة في المنطقة من دون أن يحرك ساكناً، على الرغم من أن ضمائر البعض تتحرك أحياناً لدفع الملامة لا غير، مثل ما حصل مع وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، التي انتقدت اتفاق الهجرة الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تونس.

وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز"، فقد كتبت في رسالة إلى المفوضية الأوروبية: "يجب أن نسترشد بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في تعاوننا، وهو أمر لم يحظ بالاعتبار المناسب في الاتفاق مع تونس". كلمات لن تغير كثيراً من واقع التونسيين السريالي، الذي لن يغيره سواهم.