حزب الله وإسرائيل... احتواء التصعيد لا يلغي احتمال المواجهة الشاملة

حزب الله وإسرائيل... احتواء التصعيد لا يلغي احتمال المواجهة الشاملة

08 اغسطس 2021
فرص اندلاع مواجهة بين إسرائيل وحزب الله تتعاظم (محمود زيات/فرانس برس)
+ الخط -

 

بدت إسرائيل حريصة على احتواء التصعيد الأخير مع حزب الله بعد إطلاقه الصواريخ على منطقة مزارع شبعا المحتلة. وكان واضحاً أن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، ران كوخاف، حرص في كل البيانات التي صدرت عنه، على تقديم مسوغات تبرر احتواء إسرائيل للحدث، من خلال الإشارة إلى أن "حزب الله" استهدف مناطق مفتوحة، وأنه وجد نفسه مضطراً إلى الرد بعد الغارات الإسرائيلية.

ويتناقض ما صدر عن كوخاف علناً مع التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية التي أشار إليها رون بن يشاي، المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، التي ترى أن ما أقدم عليه الحزب قد جاء في إطار تحرك إيراني للفت الأنظار عن ورطة طهران الدولية بعد مهاجمتها السفينة الإسرائيلية في بحر عمان.
كذلك دلت بيانات "حزب الله" المتعلقة بحادثة إطلاق الصواريخ على أنها جاءت أيضاً رداً على مقتل بعض عناصر الحزب في سورية في غارات إسرائيلية، وهو ما يعني أن رد الحزب يكرس عملياً ربط الساحات المختلفة.
وترجع حالة "ضبط النفس" الإسرائيلية إزاء إطلاق "حزب الله" الصواريخ إلى المخاوف من أن يفضي التصعيد إلى مواجهة شاملة تعي حكومة نفتالي بينت أن الجبهة الداخلية غير جاهزة لتحمّل تبعاتها. فحسب التقديرات الإسرائيلية، إن نتائج مواجهة شاملة مع حزب الله ستكون مختلفة تماماً عن المواجهة مع حركة "حماس"، على اعتبار أن الحزب يملك عشرات الآلاف من الصواريخ، الكثير منها ذات مدى طويل ومزودة برؤوس نارية ثقيلة، وبعضها يمتاز بدقة إصابة عالية يمكن أن تشل الكثير من المرافق الحيوية العسكرية والمدنية. في الوقت ذاته، يقرّ الجيش الإسرائيلي علناً بأنه يحتاج إلى تأمين الكثير من المستوطنات في الشمال.

 

إلى جانب ذلك، إن إسرائيل، التي كانت تهدد بأنها ستستهدف الدولة اللبنانية في أية مواجهة شاملة مع "حزب الله" بهدف ردع الدولة والحزب، تعي تماماً أن المجتمع الدولي لن يقبل حالياً استهداف مرافق الدولة اللبنانية، ولا سيما في ظل حالة الانهيار الاقتصادي الذي تمرّ به هذه الدولة.
في الوقت ذاته، إنّ مواجهة شاملة مع "حزب الله" تمثل بالنسبة إلى إسرائيل استدراجاً إلى المربع الذي تحاول إيران دفعها إليها، على اعتبار أن مثل هذه المواجهة ستزيح الاهتمام الدولي والإقليمي عن ممارسات إيران الإقليمية، وضمنها استهداف السفينة الإسرائيلية.
ومن ناحية ثانية، إن مواجهة شاملة مع "حزب الله" ستستدعي من إسرائيل تبديد رأسمالها السياسي والدبلوماسي الذي تخطط لتوظيفه في محاولة الضغط على الولايات المتحدة والدول الغربية لقبول الخطوط الحمراء التي ترى أنه يجب أن يشملها أي اتفاق بين هذه الدول وإيران بشأن برنامج الأخيرة النووي وأنشطتها الإقليمية.
ورغم ما تقدم، إن فرص اندلاع مواجهة بين إسرائيل وحزب الله ستتعاظم بسبب التحولات التي طرأت على بيئة الصراع بينهما. فإذا واصلت مجموعات مسلحة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بحيث يتبع ردَّ الأخيرة ردٌّ من "حزب الله"، فإن هذا الواقع يمثل وصفة لتصعيد قد يقود إلى مواجهة شاملة.
وفي حال التزام "حزب الله" الرد على استهداف عناصره في سورية انطلاقاً من جنوب لبنان، فإن هذا يزيد من فرص اندلاع مواجهة شاملة.
وحسب رواية إسرائيل، فإن رهانها على تدخل العالم للضغط على الدولة اللبنانية لإجبار "حزب الله" والمجموعات الأخرى على ضبط سلوكها في الجنوب يؤول إلى الصفر بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي داخل بيروت.
ولا يمكن تجاهل تأثير اعتبارات السياسة الداخلية الإسرائيلية، وتحديداً الضغوط التي تمارسها المعارضة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو على بنيت للرد عبر التشكيك في مؤهلاته القيادية، حيث يمثل هذا عاملاً محفزاً على اندلاع مواجهة شاملة.

المساهمون