لم يبدِ نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر، أي تفاؤل بتحقيق المصالحة الفلسطينية قريباً، على الرغم من المبادرة الجزائرية التي تتجه إليها الأنظار في الفترة المقبلة لإنهاء الانقسام.
وفي لقاء خاص مع "العربي الجديد" من مقر الجبهة الشعبية بمخيم مار الياس للاجئين الفلسطينيين (جنوب غربي بيروت)، أمس الخميس، رسم مزهر خطوط المرحلة المقبلة على صعيد الانقسام الفلسطيني، مروراً بعمل الجبهة الشعبية، وصولاً إلى الشتات، وسط حديث عن جولات في لبنان وسورية، رافقتها مساعٍ ونقاشات لإعادة إعمار مخيم اليرموك في دمشق.
صراع على السلطة
وعن المصالحة الفلسطينية، شرح نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خلفيات الانقسام، لافتاً إلى أن السبب هو الصراع على السلطة بين حركتي فتح وحماس، إلى جانب تدخلات إقليمية ودولية تغذيها الولايات المتحدة الأميركية، كما يُعتبر الاحتلال الإسرائيلي لاعباً أساسياً فيه، إلا أنه أكد في الوقت نفسه ضرورة إنهائه وترتيب البيت الفلسطيني لإنهاء الاحتلال.
وعن اللقاء الذي دعت إليه الجزائر لتحقيق المصالحة، قال مزهر إن الجبهة تلقت دعوة لحضور اللقاء، إلا أن الموعد لم يحدّد بعد، كاشفاً عن تأجيل موعد اللقاء مرات عدة، فبعد أن كان بداية الشهر المقبل، عادت الجزائر إلى تأجيله مرتين، في 5 ثم 10 من الشهر الحالي، من دون أن يحدَّد موعده بعد، رغم إصرار الأخوة الجزائريين على عقد المصالحة قبل اجتماع القمة العربية في نوفمبر/تشرين الثاني.
ورغم أن مزهر لم يحدّد الجهة التي تعرقل المصالحة، إلا أنه عرض أبرز المطالب الخلافية وهي أن "طرفاً يطالب بالاعتراف بالشرعية الدولية، فيما يطالب طرف آخر بأن تكون البداية من منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها البوابة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني".
ولفت مزهر، إلى أنه لا أفق للمصالحة، إذ إنه لا توجد حتى الساعة إرادة فلسطينية لإنهاء الانقسام، ولا يبدو أن هناك بوادر لتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الفئوية.
خلاصات مؤتمر الجبهة الشعبية
وأشار مزهر إلى أهمية المؤتمر الوطني الثامن للجبهة الذي عقد قبل أربعة أشهر، معتبراً أنه أكد على الديمقراطية كأداة من أدوات المقاومة الشعبية وتعزيز الصمود وتجديد البرامج، وتكريس الشراكة في صناعة القرار، وتجديد الحيوية الثورية للمجتمعات، لتقدم نموذجاً ومثالاً حياً وأداة لصون الهوية وتعزيز الصمود ومقاومة الاحتلال.
وعن الخطوط العريضة للمؤتمر، قال إن "أهم ما جاء في المؤتمر هو البرنامج السياسي الذي أكد الخيار الاستراتيجي بتحرير فلسطين، كل فلسطين من النهر إلى البحر، وأن المقاومة المسلحة لا بديل عنها لإنهاء الاحتلال، ولا اعتراف بالاحتلال".
وأوضح أن خلاصات المؤتمر أكدت مكانة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، مشدداً على أهمية تخليص المنظمة من سياسات التفرد والهيمنة، ودعوة القيادة الرسمية للإفراج عن قرار إلغاء الانتخابات الوطنية الشاملة، كأداة لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، ومن ضمنه منظمة التحرير، وذلك عبر إجراء انتخابات لمجلس وطني جديد لتمثيل جميع أبناء شعبنا في الداخل والخارج.
وأضاف أن المؤتمر قدّم نموذجاً في الديمقراطية، رغم تأخر انعقاده بسبب عدة عوامل، منها وباء كورونا، والعدوان المستمر على قطاع غزة، إلا أنه أفسح المجال لضخ دماء شابة جديدة، وحدّد فترة إشغال مهمة الأمين العام ونائبه والمكتب السياسي بدورتين متتاليتين.
وأكد مزهر أن الجبهة الشعبية تعيش حالة نهوض بعد مؤتمرها، وأن وضعها الداخلي والشعبي إلى الأفضل، منوهاً إلى النتائج الطلابية في الضفة الغربية، والتي حققت الجبهة فيها اختراقات، إلى جانب مقاومتها على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاجتماعية.
وشدد على أن المقاومة غير خاضعة لشروط أو مزيدات، مشيراً إلى مشاركة الجبهة في معركة وحدة الساحات في أغسطس/آب، انطلاقاً من ثوابتها في مقاومة الاحتلال.
ونوه إلى إضراب أسرى الجبهة الشعبية الإداريين، وهو إضراب جماعي لـ30 أسيراً، يدخل يومه الثالث، مؤكداً وقوف الجبهة وكافة الشعب الفلسطيني مع مطالب الأسرى المحقة.
مسعى لإعادة بناء مخيم اليرموك
وفي معرض حديثه عن تمسك الجبهة الشعبية بحق العودة، قال مزهر إن قضية اللاجئين هي قضية مركزية حقوقية إنسانية، لا سيما أن جميع مساعي الاحتلال تصب في محاولة تصفية هذا الحق.
وأوضح أن عدد الفلسطينيين حوالي 13 مليوناً، نصفهم لاجئون، لذلك فإن العدو يحاول أن ينهي قضية اللاجئين، مؤكداً أن الجبهة في مشروعها تناضل وتقاوم من أجل حق العودة.
وأسف مزهر للحال الذي وصلت إليه مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من انهيار اقتصادي وأوضاع معيشية متردية. وقال: "تزامن مجيئي إلى لبنان مع كارثة غرق قارب طرابلس، الذي كان على متنه أكثر من 150 شخصاً منهم حوالى 35 فلسطينياً، من مخيمي نهر البارد (شمالاً) وشاتيلا (جنوبي بيروت)، وهذا انعكاس واضح وتعبير عن حالة البؤس واليأس والحرمان والتهجير والتهميش التي يعيشها الفلسطيني في مخيمات لبنان، وهو نتيجة لغياب دور منظمة التحرير، إلى جانب تراجع دور الأونروا، فضلاً عن سياسة التهجير القسري والمتعمد لتصفية حق العودة".
وتحدث عن نقاشات تدور في محاولة للوقوف مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، تتزامن مع نقاشات لإعادة إعمار مخيم اليرموك في دمشق، والذي دُمّر بالكامل عام 2018.
وأشار مزهر إلى أن هناك برنامج جولة للجبهة الشعبية في مخيمات لبنان وسورية، موضحاً أنه زار دمشق في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز، "للقاء أهلنا في مختلف المدن السورية، إلى جانب زيارات على المستوى الرسمي، وجرت نقاشات جدية ومساعٍ لإعادة إعمار مخيم اليرموك، وعودة الأهالي إليه".