أكد مصدر حزبي في تونس لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أن جبهة الخلاص الوطني المعارضة، ستجتمع "قريباً" لبحث موقفها من الانتخابات الرئاسية في تونس المزمع عقدها خريف هذا العام.
وقال المصدر، الذي فضّل عدم نشر اسمه، إن هذا الاجتماع يمكن أن ينعقد نهاية هذا الأسبوع أو الأسبوع القادم، مشيرا إلى أن كل الاحتمالات قائمة بخصوص المشاركة أو عدمها في الانتخابات الرئاسية في تونس، وأن هناك وجهات نظر متعددة سيتم بحثها بدقة وتحديد موقف موحّد بشأنها.
وأصدرت حركة النهضة، بيانا، في وقت سابق اليوم، جاء فيه أن الحركة تحيي "المبادرات الرّامية إلى تطوير عمل المعارضة الوطنية، وتعبّر عن التزامها بجبهة الخلاص الوطني إطارا للعمل السياسي والنضالي الديمقراطي والوطني وحرصها على إيجاد ميثاق يضبط قواعد التعاون والتنافس النزيه بين مكونات المعارضة".
وكان رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، قد قال لـ"العربي الجديد" على هامش ندوة صحافية انعقدت الاثنين، بعد قرار سجن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إن "الانتخابات هي منافسة على التداول على السلطة ومن شروطها الحرية واستقلال القضاء، وأن تلعب الأحزاب دورها وأن يكون للشخصيات الوطنية الحق في الترشح والمنافسة وأن تكون هيئة الانتخابات مستقلة".
وأضاف: "كل هذه الشروط تنتفي الآن، وبالتالي إذا وقعت الانتخابات في مثل هذه الظروف فهذا يعني تزكية لدورة رئاسية ثانية لقيس سعيد الذي احتكر السلطات، وضرب الحريات، وقوّض الفصل بين السلطات، وهيأ كل الظروف لكي يكون رئيسا مدى الحياة".
الشابي: إطلاق سراح المساجين السياسيين هو أحد الشروط الأساسية للقيام بانتخابات
وأضاف الشابي أن "إطلاق سراح المساجين السياسيين هو أحد الشروط الأساسية للقيام بانتخابات" رئاسية في تونس، مؤكدا أنها استحقاق دستوري، مذكّرا أن "المجلس التأسيسي قاد إلى انتخابات حرة ونزيهة وإلى دستور 2014، وضمِن الفصل بين السلطات وأهدى للتونسيين الشفافية والمنافسة النزيهة".
وأكد الشابي أن "جبهة الخلاص ستخرج بموقف قريبا، وسواء ترشحوا للانتخابات الرئاسية أو لا، فإنه لا انتخابات دون توفر شروط المنافسة الحرة"، مبينا أن "الانتخابات ليست تمثيلية كما كانت في فترة الاستبداد، بل هي منافسة حرة نزيهة على السلطة وهي استحقاق دستوري".
وفي ما يتعلق بموعد الانتخابات، أكد رئيس هيئة الانتخابات التونسية، فاروق بوعسكر، الأحد، على هامش الانتخابات المحلية، في تصريح لإذاعة موزاييك حول برنامج رزنامة الانتخابات الرئاسية المقبلة، أن "الهيئة تعمل في إطار دستوري". مضيفا أن "جميع القرارات الترتيبية موجودة وحال الانتهاء من تركيز الغرفة النيابية الثانية سيتم تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتي من المتوقع إجراؤها في خريف 2024".
ويتساءل مراقبون عن شكل وظروف هذه الانتخابات ومدى نزاهتها وشفافيتها.
وفيما يقود الرئيس حملته في الشوارع والجهات، تتكثف الحملات والاعتقالات ضد معارضيه ومنافسيه، وقد كان آخرها ضد رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، بسجنه لمدة ثلاث سنوات، في إحدى القضايا المرفوعة ضده، وهي متعددة، وستقود بشكل أو بآخر إلى إضعاف حركة النهضة وكل المعارضة بالتالي.
القرار ضد الغنوشي "استهداف ممنهج"
ويؤكد القيادي في حركة النهضة، محسن السوداني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحكم الصادر ضد رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي كان بخلفية سياسية ويفتقد إلى أي سند قانوني يدينه. وهو يأتي في إطار استهداف ممنهج لأكبر طرف سياسي معارض".
وبيّن السوداني أن "الظلم قد ينجح في استبعاد الأشخاص، لكنه يفشل حتمًا في القضاء على الفكرة والتاريخ. لأن راشد الغنوشي يرمز إلى فكرة وهو يختزن ذاكرة وتاريخًا مفعما بالتضحيات والمواقف المشرفة في مقارعة الاستبداد"، مضيفا: "لنا في تاريخ المستبدين والمناضلين في البلاد عبرة ودرس، والبقاء للحق ولو بعد حين".
وقال السوداني إن "رصيد راشد الغنوشي عصيّ على المحو، والحكم الأخير ضده أثار ردود فعل عالمية وإقليمية تخطّت البعد المحلي الوطني. وهو ما يكشف الحجم الإعتباري والثقل الرمزي والسياسي والفكري الذي يحظى به راشد الغنوشي. وذلك رصيد أرسخ من أن يُستأصل بحكم قضائي غير عادل أو بقرار سياسي غير حكيم".
من ناحية أخرى، كان الحزب الدستوري الحر، قال الأسبوع الماضي في بيان له إن "الإسراع بإحالة رئيسة الحزب، عبير موسي أمام التحقيق وإصدار بطاقة إيداع جديدة بالسجن في حقها قبل استنطاقها يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الغاية الوحيدة من وراء ذلك هي منعها من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة باستعمال وسائل قضائية لتغطية الأهداف السياسية المفضوحة".
ودعا الحزب، المنظمات الوطنية والدولية، التي تربطها بتونس اتفاقيات قانونية، إلى "التدخل العاجل لوضع حدٍ لهذه التجاوزات الخطيرة والانزلاقات غير المبررة"، محمّلا "السلطة القائمة مسؤولية ما يمكن أن يترتب عن هذه الإجراءات التعسفية من انعكاسات خطيرة على الوضع الصحي لرئيسة الحزب ومن تهديد لسلامتها الجسدية"، حسب نص البيان.
وجدّد الحزب تمسّكه بـ"ترشيح رئيسته عبير موسي للاستحقاق الانتخابي المقبل تحت كل الظروف وفي كل الأحوال".