توظيف "داعش"

توظيف "داعش"

14 ابريل 2024
مقاتل من "قسد"، دير الزور، سبتمبر 2023 (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- رغم الجهود الدولية والمحلية الكبيرة، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عن تنفيذ 36 عملية في أقل من شهر، ما يشير إلى تنامي قدراته، خاصة في البادية السورية ضد "قوات سوريا الديمقراطية" وقوات النظام، مع عدم قدرة هذه القوات على القضاء النهائي عليه.
- على الرغم من إمكانية القضاء على داعش في المناطق الصحراوية المكشوفة بسهولة، إلا أن وجوده يبدو ضروريًا للقوى الدولية والمحلية، حيث يستخدم سياسيًا ولتأمين الدعم والتمويل، بالإضافة إلى تعزيز الوجود العسكري والسياسي لهذه القوى.
- تستفيد القوى المحلية والدولية من استمرار وجود داعش لأغراض متعددة، بما في ذلك الاستخدام السياسي للحرب ضده في الحملات الانتخابية، وكذلك استغلاله لتأمين الدعم الدولي وتعزيز النفوذ الإقليمي، مما يجعل القضاء عليه غير مستعجل لدى هذه القوى.

رغم كل الجهود الدولية التي تُبذل في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، سواء من التحالف الدولي الذي أُسّس خصيصاً لمحاربة التنظيم أو من القوى المحلية التي تستخدم كقوى على الأرض للقضاء عليه، فقد أعلن التنظيم أول أمس الجمعة عن 15 عملية نفذها خلال الأسبوعين اللذيْن سبقا الإعلان. كذلك أعلن تنفيذه 21 عملية خلال الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، في مؤشّر على تنامي قوة التنظيم وقدراته على تنفيذ هجماتٍ على تخوم البادية السورية تستهدف، في المرحلة الحالية، "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وقوات النظام. ولم تتمكّن الأخيرة أو حتى "قسد" أو القوات الدولية التي تدعمهما من القضاء نهائياً على هذا التنظيم الذي ينحصر وجوده ضمن منطقة صحراوية.

مع العلم أنه يمكن القضاء على عناصر التنظيم في المنطقة بسهولة، رغم اتساع مساحتها، كونها في معظمها منطقة مكشوفة ويسهل استهدافها، ويصعب تأمين الموارد إليها في حال إحكام حصارها، ولأن القوى التي تحارب التنظيم مدعومة من قوى عظمى، (النظام تدعمه الطائرات الروسية، و"قسد" يدعمها تحالف من 86 دولة بزعامة الولايات المتحدة، بميزانية تصل إلى مئات ملايين الدولارات).

وعلى الرغم من تسويق كل القوى الخطر الذي يشكّله "داعش" على المنطقة والعالم، إلا أن الواقع يشي بأن وجود هذا التنظيم يشكّل ضرورة لكل القوى التي تحاربه. وعلى مستوى دول التحالف الدولي، تكمن ضرورة وجود "داعش" في الاستخدام السياسي لهذه الحرب من مسؤولي تلك الدول في حملاتهم الانتخابية وتسويق أنفسهم محاربين للإرهاب أمام جمهورهم. كما أن روسيا تنافس الولايات المتحدة في تصدير نفسها محارباً للإرهاب، كما أنها تستغل التنظيم في تعويم النظام السوري دولياً من خلال فرضه شريكاً في محاربة الإرهاب.

إلا أن المصلحة الكبرى في بقاء التنظيم هي للقوى المحلية التي تحاربه، فبالنسبة لـ"قسد"، استمرار وجودها أصلاً مرتبط بوجود "داعش"، كونها أسّست لمحاربته. و"قسد" تستخدم وجود التنظيم لابتزاز الغرب واستمرار دعم وجودها، كما تستخدم عمليات "داعش" لتأمين استمرار تمويلها. ويستفيد النظام السوري من وجود التنظيم في تأهيل نفسه دولياً من خلال تسويق نفسه محارباً للإرهاب، كما يستخدم التنظيم في تخويف السكان في مناطق سيطرته، وخصوصاً الأقليات وإفهامهم أن بديل النظام هو تلك التنظيمات.

المساهمون