توتر كبير في تونس

توتر كبير في تونس

13 فبراير 2023
يريد سعيّد تصفية ملفات خصومه بسرعة (تييري موناسيه/Getty)
+ الخط -

 

"تونس على صفيح ساخن".. عنوان يلخص الوضع في تونس بسبب درجة الاحتقان الكبيرة، والتوتر العالي الذي يخيّم على كامل المشهد. نهاية الأسبوع، تابع التونسيون حملة توقيفات شنتها الشرطة بحق عدد من الشخصيات التونسية، منهم ناشطون معروفون بتحركاتهم السياسية ومعارضتهم لإجراءات الرئيس قيس سعيّد، أبرزهم القيادي السابق المستقيل من حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، والناشط المنتمي لحزب التكتل المعارض، خيام التركي.

ولم تتبيّن إلى اليوم أسباب ودوافع التوقيفات، باستثناء ما ورد في بيان لجبهة الخلاص المعارضة، التي أشارت إلى أنه تم استدعاء التركي "عدة مرات من قبل فرق أمنية في الآونة الأخيرة، بقصد استجوابه من دون وجه قانوني حول مأدبة غذاء نظمها في بيته على شرف عدد من الوجوه السياسية المعارضة لانقلاب 25 يوليو/تموز 2021"، بحسب البيان. وقالت إن "إيقاف خيام التركي تم غداة اجتماع رئيس الدولة بوزيرة العدل، والذي تدخّل خلاله مرة أخرى في أعمال السلطة القضائية التي تتولى وحدها البت في القضايا المنشورة أمامها، من دون تدخّل من السلطة التنفيذية". وفي ذلك اللقاء، شدد سعيّد على أن الشعب يريد المحاسبة "ومن غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق الحكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرد قرائن".

ويريد سعيّد بوضوح تصفية ملفات خصومه وبسرعة، وطي صفحة الانتخابات سريعاً، وتركيز برلمانه وفرض أمر واقع على الجميع، في الداخل والخارج، وهو يحتج دائماً وبشدة على ما يعتبره بطئا في القضاء وإجراءات طويلة لا طائل من ورائها لأن "الأدلة ثابتة".

يزداد الغموض حول الحالة التونسية، ويبدو أن الصراع بين سعيّد ومعارضيه دخل أمتاره الأخيرة، وهي الأمتار التي يُتوقع بأن تكون الأكثر ضراوة على الجميع، وخصوصًا على المواطنين الذين ستتزايد معاناتهم بسبب إهمال الدولة وتركيزها على السياسة وضرب المعارضين بدل معالجة الملفات الاجتماعية والاقتصادية الحارقة.

ستتضح طبيعة هذه المعركة ومدى حدتها أيضاً بإصرار المعارضين والمجتمع المدني على حريتهم المهددة وديمقراطيتهم التي اكتسبوها بعد نضال لعقود. ولا يبدو أن هذه القاعدة الواسعة والمهمة في تونس ستتنازل وهي ترى أن الجميع أصبح اليوم معنياً باستهداف السلطة، وأنها ليست فقط معركة ستطحن "النهضة". وللأسف فقد كانت هذه الحسابات هي الطاغية على جزء كبير من المشهد، ولكن الأحداث تثبت أن السلطة تصوّب في اتجاه الجميع.

وهذا الأسبوع سيبدأ اتحاد الشغل في سلسلة احتجاجاته دفاعاً عن الحق النقابي، بعد أن أصبح أعضاؤه أيضاً في مرمى السلطة، وهذه معركة ينتظر أن تكون أيضاً ضارية، إذا لم يتراجع سعيّد سريعاً.

المساهمون