توتر الحدود مع سورية: هل يعدّل الأردن قواعد الاشتباك؟

28 يناير 2022
قتلت القوات الأردنية على الحدود السورية 27 مهرباً (Getty)
+ الخط -

مع إعلان الجيش الأردني، أمس الخميس، مقتل 27 مهرباً، وإصابة عدد آخر، وفرارهم إلى العمق السوري، يتضح أن قواعد اللعبة على الحدود الأردنية السورية قد تغيرت.

وتظهر العملية أن عمان بدأت بتجاوز حساسية التحركات الأمنية المتاخمة للحدود، خصوصاً أن الوضع الميداني تغير في درعا، وهو ما يثير قلق الأردن الذي لا يرغب في وجود مليشيات موالية لإيران قرب أراضيه، ونفوذ واسع لتنظيم "داعش".

ومن الواضح أن موقف الأردن تغير، منذ انطلاق الثورة في سورية في العام 2011، بحسب الظروف والمعطيات على أرض الواقع. فبعد أن كان ينظر في العام 2014 إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد على أنه فاقد للشرعية، بدأ يعيد حساباته بشكل متكرر، إذ إن بقاء النظام طوال هذه الفترة يعني عدم رغبة أو قدرة القوى الإقليمية على تغييره، وعدم وجود بديل له. 

الأردن يتعامل مع الملف السوري كأمر واقع

وكان مدير المخابرات العامة الأردنية اللواء أحمد حسني حاتوقاي قال، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن "الأردن يتعامل مع الملف السوري كأمر واقع، حيث لم نتدخل بشأنه الداخلي، كونه دولة جوار ودولة حدودية".

لكنه حذر من أن "هناك جماعات على الحدود الأردنية السورية لا بد من التعاطي معها، حفظاً لأمن واستقرار المملكة، إلى جانب وضع حد لعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات".

واعتبر اللواء المتقاعد والخبير العسكري الأردني، فايز الدويري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مهربي المخدرات يتم استخدامهم وعندما ينتهي دورهم لا أحد يتبناهم.

وأشار إلى أن إحدى النقاط الأساسية التي تم الاتفاق عليها بين الأردن والنظام السوري، عندما استقبل رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء يوسف الحنيطي وزير الدفاع في النظام السوري العماد علي أيوب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أمن الحدود بين الجانبين.


نضال الطعاني: الحدود السورية خاصرة رخوة للأردن

 

واتهم "حزب الله" اللبناني وبعض المليشيات المقربة من إيران و"الفرقة الرابعة"، بقيادة ماهر الأسد، بالوقوف وراء تهريب المخدرات.

وأضاف الدويري: لا نقول إن النظام السوري هو من يقوم بالتهريب، لكن من يقوم بهذا الأمر جهات ترتبط بالنظام السوري، وهي عصابات داخل المنظومة السورية، تقوم بتهريب المخدرات لجني الأموال والثروات بطريقة غير مشروعة.

واعتبر أن هؤلاء ليسوا مهربي مخدرات فقط، بل جماعات مسلحة تحاول إشغال حرس الحدود ليتمكن المهربون من تحقيق أهدافهم.

وأوضح أن التهريب انتقل من التسلل عبر الأودية إلى إطلاق النار باتجاه نقاط المراقبة الأردنية لإشغالها.

ووفق الدويري فإنه لا يمكن توقع ماذا سيحصل في المرحلة المقبلة، فقد تأخذ الأمور منحى تصعيديا.

واعتبر أن هذا الأمر يعني ضرورة رفع جاهزية الجيش الأردني وحرس الحدود، ووضع قواعد اشتباك أكثر صرامة، تسمح للقوات المسلحة وحرس الحدود بالعمل ضد الأهداف المشتبه بها بعمق 4 أو 5 كيلومترات داخل سورية.

بدوره، وصف الخبير الأمني والعسكري جلال العبادي، لـ"العربي الجديد"، تغيير قواعد الاشتباك، الذي أعلن عنه رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة الأردنية، بأنه قرار خطير وغير سهل.

وأوضح أن الأمر يعني تغيراً في معالجة الدولة، سياسياً وعسكرياً، لأي معضلة أمنية تواجهها، من حيث نوعية السلاح وقوته وطبيعة الرد.

وأضاف أن "الكرة الآن في الملعب السوري. فالأردن عبّر عن مخاوفه في ما يتعلق بملف الجنوب السوري وارتباطه بأمنه القومي وانعكاساته عليه".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأشار إلى أن "الجنوب السوري أصبح منطقة لإنتاج المخدرات وتصنيعها، وتدرّ المليارات من الدولارات سنوياً على المليشيات الإيرانية والجهات المقربة منها كحزب الله".

وتوقع العبادي حصول المزيد من العمليات مستقبلاً، خصوصاً أن المهربين يعملون مع قواعد إسناد، تقوم بإلهاء جنود حرس الحدود عن عملهم.

ورأى أن "الأردن هدف رئيسي لداعش، الذي يقترب من البادية وشمال العراق". وقال: "لا نستطيع تبرئة داعش، فهو ليس فقط شخصا يحمل حزاماً ناسفاً، بل منظومة إرهابية، تحاول إعادة بناء نفسها من جديد". وتساءل: "لماذا لا نرى عملية لداعش في إسرائيل أو إيران؟".

ورأى الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قتل القوات الأردنية لـ27 مهرباً محاولة لبعث رسالة واضحة وحازمة لجميع الأطراف الفاعلة في الجنوب السوري، بأن المطلوب ليس فقط إبعاد مصادر الخطر عن الحدود، بل تصفيتها بطريقة مباشرة.

واعتبر أنه لا يوجد اختلاف بين عمليات التهريب والإرهاب. وحول العلاقة الأردنية مع النظام السوري، اعتبر السبايلة أن هذا الملف يحتاج إلى إعادة ترتيب.

وأوضح أن السوريين معنيون بالدخول مع الأردن بعملية بناء ثقة، وهذه تحتاج إلى تعاون كامل من قبل السوريين، ولعب دور أكبر بمنع التهريب إلى الأردن، والعمل على تصفية المهربين.

وأشار إلى وجود تقارير تربط الكثير من عصابات التهريب بجهات داخل النظام السوري.

ووفق السبايلة، فإن عملية تهريب المخدرات ليست مرتبطة بمكان جغرافي معين، فهناك شبكات في سورية ولبنان والعراق، ومليشيات إيرانية.

واعتبر أن قتل القوات الأردنية المهربين رسالة من عمان للجميع أن لا تهاون في هذا الموضوع، مشيراً إلى أن تغير قواعد الاشتباك يعني أن الأردن في حالة حرب مع هذه الظاهرة.

وقال: لا يوجد أي طرف سياسي يعترف أنه حاضن للجريمة وتهريب المخدرات، لكن هذا موضوع مرتبط باستهداف أمني وسياسي للأردن من قبل مليشيات أو تنظيمات أو جهات تعتقد أن السياسية الاردنية تسبب لها الضرر. 

الحدود السورية خاصرة رخوة للأردن

 من جهته، رأى الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، نضال الطعاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحدود السورية خاصرة رخوة للأردن، خاصة أن انتشار جيش النظام السوري غير كامل على الحدود.


فايز الدويري: عصابات داخل المنظومة السورية تهرب المخدرات

 

وقال: "يجب أن تكون هناك لغة حوار وتنسيق بين الأردن والنظام في سورية على أعلى المستويات، من أجل محاولة خلق حدود آمنة بالنسبة للطرفين".

وبحسب الطعاني فإن الأردن متضرر بشكل كبير من الإرهابيين وتجار المخدرات، وكذلك سورية.

ولفت إلى أن الأردن كان على علاقة وثيقة مع جيوش العشائر (في سورية)، وكان له في هذه المناطق نفوذ كبير، معتبراً أن هناك قوة خارجية تفوق الأردن وسورية تعمل على التحريض، وهي لا تريد علاقة سليمة بين الجانبين.

واعتبر الطعاني أن محاربة آفة المخدرات أمر مشترك بين البلدين، ولهذا فإنه لا يتوقع أن يكون للعملية الأخيرة انعكاسات سياسية على العلاقات مع النظام السوري.

وأعلن الجيش الأردني في 24 يناير/كانون الثاني الحالي، إحباط محاولة تهريب شحنة مخدرات ضخمة قادمة عبر الحدود من سورية.

وفي الـ16 من الشهر الحالي، كشف أيضاً مقتل ضابط وإصابة ثلاثة أفراد من قوات حرس الحدود بنيران مهربين انسحبوا إلى العمق السوري.

وكان أعلن، أخيراً، أنه أحبط، خلال 2021، نحو 361 محاولة تسلّل وتهريب من سورية إلى الأردن، وضبط ما يقارب 15.5 مليون حبة مخدرات، و760 كيلوغراماً من الحشيش.