تنسيقية عائلات المعتقلين في تونس: النضال والإضراب مستمران

تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين في تونس: عدنا إلى مربع مقاومة الاستبداد

21 فبراير 2024
تعكر الوضع الصحي لبعض المعتقلين بسبب إضرابهم عن الطعام (العربي الجديد)
+ الخط -

هناك معاناة يومية للعائلات تتطلب الكثير من الصمود والصبر

نددت تنسيقية عائلات القادة السياسيين المعتقلين في تونس بما يُعرف بقضيّة "التآمر على أمن الدولة"، اليوم الأربعاء، بتواصل اعتقالهم.

وأكدت خلال مؤتمر صحافي أن نضال المعتقلين مستمر بعد مرور 365 يوما من الإيقاف التعسفي، فضلا عن استمرار إضرابهم عن الطعام الذي بدأ منذ 12 فبراير/شباط 2024 رغم تعكر الوضع الصحي لبعضهم.

وقال القيادي في الحزب الجمهوري، مولدي الفاهم، في كلمة له: "عدنا في تونس إلى مربع مقاومة الاستبداد"، مشيرا إلى أن ما تسمى بالمؤامرة هي اجتماعات علنية وليست خفية تم الإعداد لها من قبل شخصيات وطنية، في محاولة منها لممارسة السياسة والعمل الديمقراطي، ولا يمكن مؤاخذتها على الاهتمام بالشأن السياسي.

وقال عز الدين الحزقي، والد الناشط السياسي المعتقل، جوهر بن مبارك، في كلمة له، إنه "تم اعتقاله هو شخصيا سابقا نظرا لمعارضته لنظام الزعيم الحبيب بورقيبة وكان ابنه جوهر حينها يبلغ من العمر 4 سنوات، ولكن بعد 50 عاما يتم اعتقال ابنه لكونه معارضا لقيس سعيد"، مبينا أن تهمته وقتها كانت التآمر على أمن الدولة وابنه يحاكم اليوم وبعد نصف قرن بنفس التهمة، كما أشار إلى أنه "كان في ذلك الوقت يملك منشورا ضد النظام، إلا أن ابنه يحاكم اليوم دون حيازته أي منشور".

ولفت إلى أن "الوضع بعد 50 عاما أصبح أتعس من السابق، لأن الظروف كانت أفضل والزيارات إلى السجن كانت ممكنة دون حواجز بلورية، ولكن اليوم توضع حواجز، والطعام يؤكل باردا"، مضيفا أن وضع ابنه ورفاقه مزرٍ.

وقالت فايزة راهم، زوجة الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، إنه "تتم مراقبة زوجها وباقي المعتقلين داخل السجن وكأنهم إرهابيون أو مجرمون خطيرون"، لافتة إلى أنه "مرت 10 أيام على إضراب الجوع الذي بدأه القادة السياسيون، ورغم الظرف الصحي للعديد منهم فهم يواصلون معركتهم ودفاعهم عن الحريات".

وشددت على أنه "من حق زوجها ممارسة النشاط السياسي، ونقد النظام، ولا بد من إيصال أصواتهم، خاصة وأنه لا ثقة لديهم في السلطة".

وأكدت منية براهم، زوجة الناشط السياسي عبد الحميد الجلاصي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "في كل لحظة قد تتعكر صحة زوجها وقد أصيب داخل السجن بثلاثة أمراض منها السكري وضيق التنفس"، مضيفة: "أغلب المعتقلين يعانون من أمراض مزمنة، والسجن ليس فقط للمعتقلين داخله، فحتى العائلات تُعتبر معتقلة أيضا".

ولفتت إلى أن "زوجها سجن لمدة 17 عاما في سجون الرئيس السابق زين العابدين بن علي، والآن هو مسجون في سجن الانقلاب، وأخيرا بات يعاني من صعوبة في التحرك"، مبينة أنه "خلال 34 عام زواج فقد قضت 14 عاما فقط مع زوجها، وباقي الأعوام أمضاها في المعتقلات".

وقالت إن "المناضلين الحقيقيين في السجون، ولكن طالما كان هناك شباب يناصرون الحريات فالأمل لا يزال موجودا"، مضيفة أن "عائلات المعتقلين صامدة وهي الخط الأول في المقاومة".

وقالت عضو هيئة الدّفاع عن القادة السياسيين المعتقلين، دليلة مصدق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "في سجن المرناقية يُعتبر يوم الزيارة أو حمل (قفة الطعام) هو اليوم الوحيد الذي يأكل فيه السياسيون الطعام طازجا، أما في بقية الأسبوع فيؤكل الطعام باردا"، مبينة أنه "إذا كانت السلطة تنوي إسكات القادة السياسيين فقد أخطأت لأن صوتهم أصبح أعلى".

وأوضحت أن "عملية الدخول في إضراب الجوع حتمية، وهو حل قسري لجأ إليه هؤلاء للتعبير عن معاناتهم، وقد يكون أقل قساوة من سجن المرناقية القاسي جدا".

وقال القيادي في الحزب الجمهوري، وسام الصغير، في كلمة له إن "القادة السياسيين يدفعون اليوم ضريبة نضالهم"، مبينا أن هناك معاناة يومية للعائلات تتطلب الكثير من الصمود والصبر.

وأضاف أنهم "سيواصلون التحركات النضالية والمبادرات، وأن هناك تحركات بُرمجت خلال نهاية هذا الأسبوع دفاعا عن المعتقلين السياسيين، ومساندة لهم في إضرابهم عن الطعام".

في السياق، قالت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان لها، اليوم الأربعاء، إن وفدا من المنظمة مصحوبا بطبيبة، قام بزيارة المعنيين والاطلاع على أوضاعهم.

وعلى أثر مقابلة الموقوفين على انفراد، أكدت الرابطة "تدهور الوضع الصحّي لأغلبهم خاصة أن بعضهم يعاني من أمراض مزمنة"، مشيرة إلى أن الوفد "حرص على إقناع المعنيين بضرورة رفع إضرابهم عن الطعام حفاظا على سلامتهم الجسدية وحقهم في الحياة".

وذكّرت الرابطة بـ "موقفها المبدئي المطالب بتوفير كل شروط وضمانات المحاكمة العادلة، وكذلك بالتعجيل والتسريع بالبتّ في الملف، خصوصا وأن مدة الإيقاف التحفظي تُجاوز السنة بدون تهم واضحة".

الغنوشي يرفع إضرابه عن الطعام بدعوة من رابطة حقوق الإنسان

على صعيدِ متصل، قالت حركة النهضة التونسية في بيان لها، مساء اليوم الأربعاء، إن "رئيسها راشد الغنوشي قرر رفع اصرلبه عن الطعام الذي بدأه أول من أمس الإثنين". 

وأضافت أنه على "إثر زيارة أداها وفد من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وآخر من الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب، قرر رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إيقاف إضرابه عن الطعام داخل سجنه استجابة لطلب رابطة حقوق الإنسان، تفاديا للمضاعفات الخطيرة على وضعه الصحي".

وكان الغنوشي قرر الدخول في الإضراب تضامنا مع بقية المعتقلين المضربين منذ عشرة أيام.

ويقبع الغنوشي في السجن منذ 310 يوما وهو ملاحق في قضايا متعددة. وحكم عليه بالسجن مؤخرا لمدة ثلاث سنوات في ما يعرف بـ "قضية اللوبيينغ".

في موازاة ذلك، قال الحزب الجمهوري في بيان له، مساء اليوم الأربعاء، إنه أُبلغ بـ "تعكر الحالة الصحية للرفيق المعتقل عصام الشابي المضرب عن الطعام، وذلك بعد أن أغمي عليه صباح اليوم بسبب انخفاض في معدل السكري في الدم مما استوجب تدخل الإطار الطبي" .

وأضاف الحزب أنه "إذ يجدد تضامنه مع الرفيق الصامد أمام المظلمة التي يتعرض لها هو وبقية المعتقلين، واعتزازه بنضالاتهم وتضحياتهم في خوضهم معركة الحرية بشرف وثبات، فإنه يحمل المسؤولية كاملة لوزيرة العدل ولرئيس الجمهورية لما يمكن أن يهدد حياة الرفيق عصام بمواصلته الإضراب عن الطعام".