تطبيع ينهي الثورة السورية؟

16 ابريل 2023
وزراء خارجية عرب في جدة لمناقشة إعادة سورية للجامعة العربية (تويتر)
+ الخط -

جاء الاجتماع الوزاري الذي ضم وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ونظراءهم من مصر والعراق والأردن، ليل الجمعة-السبت، في مدينة جدة، في ظل توجّه دول عربية على التطبيع مع نظام بشار الأسد، بدأت تسير تباعاً نحو استعادة العلاقات الثنائية التي تحكمها المصالح الخاصة للدول الساعية للتطبيع، وأحياناً الأوهام بتحصيل مكاسب على المستوى الاقتصادي والأمني، وعلى مستوى سحب النظام من تحت العباءة الإيرانية.

إلا أن اللافت في موضوع التطبيع مع نظام الأسد أن جميع حلقاته، بما فيها اجتماع جدة الأخير، جاءت من دون أن يتغير أي سبب من الأسباب التي دفعت تلك الدول لقطع علاقاتها مع النظام. وفي مقدمة هذه الأسباب، مواجهة النظام للمواطنين السوريين المطالبين بالتغيير بالرصاص الحي، وقتل واعتقال وتعذيب الآلاف منهم.

وعلى العكس من ذلك، أصبحت هناك أسباب إضافية لزيادة عزلته، إذ قام النظام باستخدام الجيش بكل أنواع أسلحته من دبابات وطائرات لقتل المدنيين وتدمير المدن فوق رؤوس ساكنيها، وإغراق دول العالم بما فيها الدول الساعية للتطبيع بالمخدرات، التي باتت جزءاً أساسياً ورئيسياً من الموارد التي يعتمد عليها لبقائه.

كما ارتكب مجازر بأسلحة كيماوية محرمة دولياً، واستقدم مليشيا أجنبية من المرتزقة لقمع السوريين، وقتل عشرات الآلاف في المعتقلات تحت التعذيب.

كما أنّ الأمر اللافت في موضوع التطبيع العربي مع النظام هو تجاهله قرارات الشرعية الدولية الناظمة للحل السياسي، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2254 الخاص بالحلّ السياسي، وتبنّي مصطلحات النظام نفسها عن المصالحة الوطنية التي يفسرها النظام على أنها توقيع المعارضين الذين فقدوا عائلاتهم وممتلكاتهم على تعهد تسوية مع النظام يعلنون فيه ندمهم على معارضتهم له، ورغبتهم بالعودة إلى حضن الوطن. ومن مفارقات البيانات التطبيعية أيضاً أنها كانت تعلل خطواتها بدافع الحرص على السوريين وعودة اللاجئين.

التوجّه الجديد نحو التطبيع ووأد ما تبقّى من الثورة السورية، وإعادة النظام إلى جامعة الدول العربية، لا يزال يصطدم برفض بعض الدول العربية، التي ترى أن الأسباب التي دفعت لعزل النظام لا تزال قائمة، إضافة إلى عدم الرغبة الغربية خلال المرحلة الحالية بتعويم الأسد من دون توافر إرادة جدية لفرض حل سياسي.

ولكن على الرغم من كل الظروف السياسية التي تشي بالتخلي تدريجياً عن ثورة السوريين لصالح النظام المستبد، فإن إصرار السوريين على المواجهة ورفض الاستبداد قد يغير كثيراً من هذه المعادلات.