تحذيرات إسرائيلية: اجتثاث "حماس" سينتج "داعش" فلسطيني

تحذيرات إسرائيلية: اجتثاث "حماس" سينتج "داعش" فلسطيني

27 يونيو 2014
الحملة على "حماس"تمثّل حرباً على الشعب الفلسطيني(أِشرف عمرة/الأناضول/Getty)
+ الخط -

تبرز مؤشرات عدة تدلّل على حالة انعدام اليقين، التي تتّسم بها سياسة إسرائيل تجاه حركة "حماس"، ومن بينها انضمام قيادات في الجيش لعدد من كبار المعلقين العسكريين والاستراتيجيين الإسرائيليين، الذين باتوا يشككون في جدوى الحملة التي تشنها سلطات الاحتلال ضد الحركة، والهادفة، بحسب قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى "تدمير" بناها التنظيمية والمؤسساتية.

ويحذّر معارضو "السياسة الإسرائيلية الرسمية"، من مغبّة أن تفضي هذه السياسة إلى نتائج عكسية تماماً.

ونقل موقع "معاريف"، يوم الأربعاء، عن جنرال في هيئة أركان الجيش قوله إن "حماس تمثل فكرة، ومن الصعب اجتثاث الفكرة، حتى لو قمت باغتيال كل قيادات الحركة التي تتبنى هذه الفكرة".

ويحذر الجنرال من أن التجربة دلّت على أنه في حال محاولة تصفية قيادات تنظيم ما، "لمجرد أن هذا التنظيم يدعو إلى فكرة أيديولوجية محددة، فإن هذا السلوك قد يفضي إلى بروز جماعة جديدة تتبنى أفكاراً أكثر تطرفاً من الأفكار التي يتبناها التنظيم المستهدف".

ويلفت معلقو الشؤون العسكرية والاستخبارية الصهاينة، إلى أن تشديد الإجراءات العسكرية والأمنية على "حماس"، وتضييق الخناق عليها، بهدف إنهاء وجودها، سيفضي حتماً إلى ولادة نسخة "فلسطينية" من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، "داعش"، كما يحذر معلّق الشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان.

وفي مقال نشرته، الأربعاء، النسخة العبرية لموقع "جيروزاليم بوست"، نبّه ميلمان من أن "المنطق" الذي يوجه سياسة حكومة نتنياهو تجاه "حماس"، سيقود إلى بروز "النسخة الفلسطينية" من "داعش".
ويشير ميلمان إلى أنه سبق لإسرائيل أن شنت حملات كبيرة على "حماس"، تضمنت تصفية قيادات ونشطاء، واعتقالات واسعة، واستهداف المؤسسات "الدعوية" والتعليمية والاجتماعية التابعة للحركة، ومصادرة أموال، في مسعى لإضعاف مكانتها وتقليص نطاق سيطرتها. 

ويجزم ميلمان أن مَن يتبنى فكرة "اجتثاث" "حماس" يتجاهل دلالات الإنجازات الكبيرة التي حققتها الحركة في انتخابات عام 2006، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الحركة قد ضعفت بسبب التحولات الإقليمية، إلا أنها تظل محتفظة بجذور قوية في المجتمع الفلسطيني.

وينوّه ميلمان إلى أن إحدى إشكاليات التفكير الاستراتيجي، الذي تتّسم به سياسة حكومة نتنياهو، يتمثل في أنها تسعى إلى ضرب "حماس" من جهة، وتسعى، في الوقت ذاته، إلى تكريس مكانة السلطة الفلسطينية كـ"حارس مطيع"، من دون أن تقدم لقيادة هذه السلطة أية تنازلات.

من جهته، يدعو أحد أبرز المعلقين في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، سيفر بلوتسكر، نتنياهو إلى التعلُّم من رئيس الوزراء الأسبق، مناحيم بيغن، الذي أمر باجتياح لبنان عام 1982، لكي يتخلّص من "منظمة التحرير". وكانت النتيجة أن هذه الحرب قد أفضت إلى تهديد أكثر جدية يتمثل  في "حزب الله".

وفي مقال نشرته الصحيفة، الثلاثاء الماضي، حذر بلوتسكر، من أن "الحملة التي تشنها إسرائيل ضد الإرهاب حالياً، ستتحوّل بحدّ ذاتها إلى محفّز للإرهاب في المستقبل"، منوهاً بأن الحملة التي تُشَنّ على "حماس"، تمثّل "حرباً على الشعب الفلسطيني بأسره".
ومع تشديده على "عبثية" السعي لاجتثاث "حماس"، بفعل عمق تجذّرها في المجتمع الفلسطيني، فإن بلوتسكر يحذر من تداعيات استغراق إسرائيل في تنظيم حملات القمع ضد الحركة، على اعتبار أنه "سيظهر الوجه القبيح" للاحتلال أمام العالم، ما يمسّ بمكانة الكيان الصهيوني الدولية، علاوة على أن هذه الحملة ستستدعي ضغوطاً دولية على إسرائيل.

وهناك مَن يرى أن الحملة ضد "حماس" قد وسّعت، بالفعل، من نطاق التأييد الجماهيري لها، وليس العكس. ويرى معلّق الشؤون العسكرية، رامي إيدليست، أن إسرائيل أسهمت من خلال حملتها ضد "حماس"، في زيادة التعاطف الجماهيري مع الحركة، ولا سيما أن هذه الحملة شُنّت بسبب موقف الحركة من قضية الأسرى التي تمثل صلب الاجتماع الفلسطيني.

وفي مقال نشرته "معاريف"، الاثنين الماضي، أوضح إيدليست أن تعمّد الجيش الإسرائيلي توجيه الإهانات لقادة وأعضاء "حماس"، خلال الحملة الأمنية، قد أسهم في اتساع رقعة تأييدها. وهذا يمثل، بحد ذاته، نتيجة عكسية لما حاولت إسرائيل تحقيقه. وحذر إيدليست من التداعيات الأمنية الخطيرة للحملة، مشيراً إلى أن القمع الإسرائيلي الواسع قد تتبعه عمليات انتقام تستهدف إسرائيل.

 وفي سياق متصل، يلفت وزير التعليم الإسرائيلي الأسبق، يوسي بيلين، الأنظار إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي تحاول بعث الحماس في نفوس الجنود من خلال تضليلهم، عبر تصوير الحملة التي تشنها في الضفة الغربية، والتي تطال المدنيين، على أساس أنها "حرب".

وفي مقال نشرته، يوم الأربعاء، صحيفة "هارتس"، يجزم بيلين بأن مداهمة البيوت، وترويع الأطفال والنساء، لا يمكن أن يكون حرباً يعكس فيها الجنود مدى قدراتهم العسكرية.
ويحذر بيلين قيادة الجيش من خطر التسبّب بصدمة للجنود، عندما يخوضون غمار الحرب الحقيقية، تماماً كما صدموا عندما نشبت حرب لبنان الثانية، بعدما تبيّن لهم أن لا مقارنة بين ما يقومون به في الضفة الغربية، وبين الخبرات الصادمة التي عرفوها خلال تلك الحرب.

المساهمون