بين قيس سعيّد وراشد الغنوشي

بين قيس سعيّد وراشد الغنوشي

05 فبراير 2024
سعيّد والغنوشي، في قصر قرطاج، يناير 2020 (الرئاسة التونسية)
+ الخط -

أصدر القضاء التونسي حكماً جديداً بالسجن ثلاث سنوات على رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي بتهمة تلقي تمويلات أجنبية.

ويقبع الغنوشي في السجن منذ حوالي 300 يوم بتهم مختلفة، يبدو أنها ستقود إلى بقائه في السجن أمداً طويلاً، وهو الشيخ الذي تعدى عمره 82 سنة.

 جمعية ضحايا التعذيب، في تعليقها على القرار الجديد، طالبت بـ"الإفراج الفوري عن الغنوشي وإنهاء الأعمال العدائية ضده وضد شخصيات سياسية أخرى محتجزة بشكل غير قانوني منذ سنة"، واضعة ما يتعرضون له في سياق "تدخل سياسي" وضمن "رغبة واضحة في الانتقام من رئيس البرلمان" بتدخل من الرئيس قيس سعيّد.

ويعيد هذا الموقف التذكير بالخصومة الشخصية بين سعيّد والغنوشي، وبالصراع الدائر بينهما منذ سنوات.

وربما يتذكر البعض لقاء يوليو/تموز 2020 بين الرجلين، ومعهما وقتها رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ. يومها، ذكر بيان على موقع رئاسة الجمهورية التونسية في موقع فيسبوك أن رئيس الجمهورية أكد أن "رئيس الدولة هو رمز وحدتها وهو الضامن لاستقلالها واستمراريتها والساهر على احترام الدستور". ولطالما أكد سعيّد أنه "لن يسمح لأي طرف بتجاوز القانون أو تجاوز صلاحياته التي منحها الدستور".

وكان معلوماً أن سعيّد يرى في الغنوشي عقبة لا بد من تجاوزها، وهو ما بينته الأحداث بعد ذلك، وربما يرى سعيّد اليوم أن إنهاء الفعل السياسي للغنوشي وتحييده نهائياً سيقضي على الجسم المعارض الأكبر في تونس، حركة النهضة، وسيضعف كل المعارضة، ليجد نفسه في طريق مفتوح ويسير في انتخابات رئاسية شكلية بلا منافسة نهاية هذا العام.

ولكن ما يهمنا اليوم ليس الانتخابات، فالرئيس لا تعنيه النسب ولا المشاركة ولا النتائج، لأن الوضع استقر له نهائياً بفعل الخوف والعودة إلى حالة ما قبل الثورة، مع فروقات مهمة وليست بالهيّنة. ولكن المهم هو صورة الغنوشي في السجن، ولكن ليس وحده، وإنما مع كثيرين شجعوا قيس سعيّد على ذلك، ظناً منهم أنه سيبعد منافسهم اللدود، حتى تخلو الساحة أمامهم، فإذا الجميع، من كل العائلات الفكرية والسياسية، داخل السجن، من كان يدافع فعلاً عن الديمقراطية الحقيقية التي لا تقصي أحداً، ومن كان ولا يزال يعتبر أن الديمقراطية هي فقط لأشباهه، حتى وإن أدى ذلك إلى ضياع البلد.

وإلى اليوم، لا تزال فصائل سياسية في تونس بعيدة عن إدراك الحقيقة الساطعة، وهي أن القضبان التي تؤوي الغنوشي اليوم ستلتف على الجميع غداً، والمسألة مسألة وقت فقط.

المساهمون