مرّ أسبوع كامل على انتخاب الرئيس التركي رجب أردوغان لولاية رئاسية جديدة، من دون أن توجّه الرئاسة التونسية أي كلمة تهنئة أو تصدر أدنى بيان حول حدث اهتم به العالم كله.
وكان من اللافت والغريب أن تلتزم الرئاسة التونسية الصمت، وتمتنع عن تهنئة أردوغان، الذي هنأه كل العالم، أعداؤه الذين تمنوا سقوطه قبل أصدقائه. وتساءل تونسيون باستغراب شديد عن أسباب هذا العداء، ولماذا وصلت الأمور إلى هذا الحد، وهل تُدار العلاقات الدولية بهذا الشكل؟
والسبت الماضي، نشرت الخارجية التونسية، بعد طول صمت، بياناً مقتضباً تقول فيه إنه بتكليف من رئيس الجمهورية قيس سعيّد واستجابة للدعوة الموجّهة من الجمهورية التركية إلى تونس، شارك وزير الخارجية نبيل عمّار، في مراسم تنصيب أردوغان.
لا يحب سعيّد أردوغان، أو لا يستلطفه، وهذا أمر يمكن استنتاجه بسهولة، خصوصاً بعد ما صدر عن الرئيس التركي إثر اعتقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي من انزعاج واضح، ووصل الأمر إلى حد كشف أردوغان أنه حاول الاتصال بالسلطات التونسية من دون أن يوفّق في ذلك. ولعل هذا هو أحد أسباب هذا الجفاء، لأن كل شيء يدار في تونس بحسب مدى القرب من "النهضة" أو الابتعاد عنها، في الشأن الداخلي كما في الشأن الدولي، ولذلك تتقارب تونس مثلاً مع حكومة يمينية في إيطاليا، انزعجت من إمكانية صعود الإسلاميين للحكم في تونس، من دون اعتبار ذلك تدخّلاً في الشأن الوطني، أكثر مما تتقارب مع المغرب أو تركيا.
ودليل ذلك، أن الوزير عمّار اعتبر أنّ "تفهّم إيطاليا الصحيح لأهمية وضرورة دعم مسار التصحيح السياسي والانتعاش الاقتصادي الجاري في تونس مهمّ للغاية". وأثنى الوزير، في حفل بمناسبة عيد الجمهورية الإيطالية في تونس، يوم الجمعة الماضي، على "الجهود التي بذلتها إيطاليا لشرح وجهة النظر التونسية للبلدان الشريكة والصديقة"، مضيفاً "هذا الموقف الذكي والبناء ينبع من رؤية استشرافية طويلة المدى تستوجب مواصلة هذا النهج". وشدّد الوزير على "أهمية التضامن الاقتصادي والاجتماعي بين بلدان البحر الأبيض المتوسط".
هذا الأسبوع ستكون رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، في تونس، كما أكدت الرئاسة التونسية، وكل ذلك طبعاً من أجل دعم المصالح التونسية فقط، بحسب الفهم التونسي. لكن الحقيقة أن إيطاليا تطرد أولادنا، بينما تفتح تركيا أحضانها لهم من دون تأشيرة، ولكن طالما أن الإيطاليين يدعمون بقاء سعيّد في السلطة بكل قوتهم، فسيكونون طبعاً مرحّباً بهم على حساب أي مصلحة أخرى، وعلى حساب أي بلد آخر.