بغداد تدفع بقوات لتأمين الحدود العراقية الإيرانية

06 ديسمبر 2022
يهدف التحرك العراقي لمنع عملية برية إيرانية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر حكومية عراقية في العاصمة بغداد، أمس الاثنين، عن إرسال أول دفعة من قوات حرس الحدود العراقي إلى الحدود الإيرانية من جانب إقليم كردستان، ضمن خطة أمنية لحكومة محمد شياع السوداني تهدف لاحتواء أزمة الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة الموجودة في الإقليم، وتتهمها طهران بالوقوف وراء إذكاء الاحتجاجات الأخيرة، والقيام بأعمال عنف داخل مدن غربي إيران المحاذية للعراق.

وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق اللواء يحيى رسول، أول من أمس السبت، إنّ السوداني "وجّه بالمباشرة في الإمساك بالخط الصفري من حدودنا مع إيران وتركيا، من خلال قوات حرس الحدود"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.


مسؤول عراقي: الانتشار يأتي ضمن تعهدات بغداد لطهران بتأمين الحدود

ولفت إلى أن الانتشار يهدف إلى "إنهاء الخروق والهجمات والصراعات المتبادلة بين القوات المسلحة للبلدين (تركيا وإيران) مع الأحزاب الكردية المناهضة، لتباشر وعلى الفور قيادة قوات حرس الحدود بهذه المهام الموكلة إليها"، وأشار إلى أن السوداني أمر بـ"تعزيز إمكانيات تلك القيادة بالأسلحة والمعدات والأشخاص، بما يضمن أن تمسك الحدود بشكل جيد".

وصول طلائع القوات إلى الحدود الإيرانية

وكشف مسؤول رفيع في مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية، الذي يتولاه دستورياً رئيس الوزراء، لـ"العربي الجديد"، عن وصول طلائع أول قوة من حرس الحدود العراقي إلى نقاط حدودية مع إيران. وأكد أن "لواءين تم منحهما الأمر بالتحرك مع كامل المعدات الثقيلة والأسلحة للمنطقة الصفرية الحدودية، وستندمج القوات الواصلة مع قوات تابعة للبيشمركة هناك".

وأضاف المسؤول، طالباً عدم ذكر اسمه، أن "التحرك العراقي لنشر القوات على الحدود جاء لمنع أي عمليات عسكرية برية إيرانية داخل العمق العراقي لملاحقة الأحزاب الكردية المعارضة. وهذا الانتشار جاء بالتفاهم مع طهران خلال زيارة السوداني الأخيرة (الثلاثاء الماضي)، التي قدم خلالها ضمانات بمنع أي تسلل من العراق نحو الأراضي الإيرانية من قبل عناصر الأحزاب المعارضة للنظام الإيراني ومنع أي عمليات تهريب للأسلحة".

من جهته، قال مسؤول آخر، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "التهديد الإيراني بعمليات عسكرية برية داخل العمق العراقي ما زال قائماً، والانتشار يأتي ضمن تعهدات بغداد لطهران بتأمين الحدود".

وأقرّ بأن "القوات المرسلة غير كافية لتأمين كافة المناطق الحدودية، حيث يوجد نحو 200 كيلومتر من أصل 700 كيلومتر حدودية ساخنة وغير مؤمنة، وهناك تنسيق مع الإقليم لدخول قوات إضافية جديدة خلال المرحلة المقبلة". ورجح المسؤول أن يتم فتح باب التطوع لقوات حرس الحدود من مواطني الإقليم خلال الفترة القريبة المقبلة.

لا تصور نهائياً حول كيفية التعامل مع الجماعات المعارضة

وأكد على "عدم وجود أي تصور نهائي حول كيفية التعامل مع الجماعات الكردية المعارضة الإيرانية، حيث يرفض مسؤولو إقليم كردستان إجبارهم على العودة إلى إيران، ويعتبرون ذلك خيانة قومية وعملاً غير إنساني لا يمكنهم الإقدام عليه، لكنهم تعهدوا بمنع أي تحركات لهم قد تكون ضد المصالح الإيرانية، بما فيها أنشطتهم الإعلامية". 

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت، خلال الأيام الماضية، عن وضع خطة لنشر وحدات عسكرية على الحدود العراقية مع إيران وتركيا، مشيرة إلى التنسيق بين الجيش العراقي ووحدات البيشمركة، في خطوة تأتي بالتزامن مع التصعيد الإيراني من جهة، والتركي من جهة أخرى، باستهداف الأحزاب المعارضة لهما في شمالي العراق.

وجاء هذا الإعلان بعد تلقي بغداد رسائل تهديد إيرانية نقلها قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الجنرال إسماعيل قاآني لمسؤولين وقادة عراقيين بشن عمليات برية في حال عدم ضبط الحدود ومنع تنقل عناصر الأحزاب المعارضة الكردية، وفق مصادر عراقية مطلعة، تحدثت لـ"العربي الجديد".

من جهته، قال نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي مهدي تقي آمرلي، لـ"العربي الجديد"، إن "خطوة نشر القوات الاتحادية على الحدود مع إيران وتركيا كبيرة ومهمة في حفظ سيادة العراق، وفرض سيطرة القوات الاتحادية على كامل الحدود العراقية، وهذا الأمر تحقق بعد مفاوضات وحوارات ناجحة حققها السوداني مع حكومة إقليم كردستان".

نشر منظومات دفاع جوي على الحدود

وأضاف: "هناك إجراءات أخرى سيتخذها العراق لاحقاً لحفظ سيادة البلاد، منها نشر منظومات الدفاع الجوي على الحدود، ونحن بانتظار وصول دفعة جديدة من هذه المنظومات من فرنسا. كما أن هناك نية للتعاقد مع دول أخرى من أجل شراء هذه المنظومات المتطورة".

وفي السياق ذاته، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، لـ"العربي الجديد"، "دخول طلائع القوات الاتحادية العراقية لمنطقة الشريط الحدودي مع إيران"، وبين أن ذلك "تم بالاتفاق والتنسيق مع حكومة الإقليم، وهذه الخطوة جاءت لمنع أي اعتداءات جديدة على الأراضي العراقية، خصوصاً بعد تكثيف الاعتداءات الإيرانية والتركية على الإقليم أخيراً".

وأكد عبد الكريم أن "هناك تنسيقاً عالي المستوى بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم من أجل حفظ سيادة العراق، ومنع أي عدوان تركي أو إيراني على الأراضي العراقية. وزيارة السوداني لإيران حققت نجاحاً من الناحية الأمنية، لمنع أي اعتداءات جديدة على سيادة العراق، فهذه العمليات تهدد أمن واستقرار عموم البلاد وليس الإقليم فقط".

وأضاف أن "استمرار الاعتداءات الإيرانية والتركية على سيادة العراق، سيدفع الحكومة العراقية وحكومة الإقليم للتحرك الحقيقي والفعلي نحو المجتمع الدولي ضد هذا العدوان، فلا يمكن السكوت أكثر على هذه الاعتداءات".

منع إيران من شن عملية برية

رئيس مركز "التفكير السياسي" في بغداد إحسان الشمري قال، لـ"العربي الجديد"، إن "نشر العراق قواته على الحدود جاء من أجل منع طهران من القيام بأي عملية برية عسكرية داخل العمق العراقي، ومحاولة لمنع التوسع التركي في الأراضي العراقية".

لكنه أكد أن "هذه الخطوة غير كافية لمنع أي عملية برية إيرانية مرتقبة أو توغل تركي جديد، أو حتى وقف القصف الجوي، خصوصاً أن مسك الحدود صعب جداً، والقوات المرسلة غير كافية لهذه المهمة، وستكون هناك ثغرات وممرات لتسلل بعض العناصر من العراق إلى تركيا وإيران، أو من البلدين نحو الأراضي العراقية".

ولفت إلى أن "حسم هذه القضية يحتاج إلى حوار رباعي بين بغداد وأربيل وأنقرة وطهران، لوضع حلول حقيقية لهذا الملف، ويكون هناك اتفاق على وقف أي عدوان، وفي المقابل العراق يقدم ضمانات حقيقية بأن أراضيه لن تكون مصدراً لتهديد دول الجوار".

مهدي تقي آمرلي: هناك إجراءات أخرى سيتخذها العراق لاحقاً، منها نشر منظومات الدفاع الجوي على الحدود

وكانت وزارة الخارجية العراقية قد نددت، أخيراً، بالهجمات الإيرانية والتركية المتكررة على إقليم كردستان، معتبرة أنها تخالف المواثيق والقوانين الدولية، وتمثل خرقاً لسيادة البلاد.

وكثفت طهران، أخيراً، قصفها بالصواريخ والطائرات المسيرة لبعض المناطق في شمالي العراق، حيث تتمركز أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية، فيما يعتقد الحرس الثوري أن الأحزاب المعارضة تدفع الناشطين الإيرانيين إلى استمرار التحشيد ضد السلطة في إيران، وذلك وفقاً لتفسيرات مراقبين. كما كثفت تركيا قصفها على مواقع حزب العمال الكردستاني في شمالي العراق أيضاً.