بايدن يغادر السعودية مؤكداً: أميركا "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط

قمة جدة: بايدن يغادر السعودية مؤكداً "عدم التخلي" عن الشرق الأوسط ومطالبات بحل القضية الفلسطينية

16 يوليو 2022
قمة جدة (ماندل نغان/ فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت في مدينة جدة السعودية "قمة جدة للأمن والتنمية"، التي تبحث المستجدات الإقليمية والدولية، وسبل توسيع التعاون بين الدول المشاركة وهي دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق بحضور الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما في المجالات الاقتصادية والأمن الغذائي والطاقة والمياه.

بن سلمان لإيران: لعدم التدخل بشؤون المنطقة

وأمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في كلمة الافتتاح، أن تواجه القمة التحديات العالمية، داعياً إيران إلى عدم التدخل في شؤون دول المنطقة، وإلى التعاون معها.

اقتصادياً، أكد بن سلمان أن هناك حاجة لتوحيد الجهود لدعم الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أن السياسات غير الواقعية تجاه مصادر الطاقة لن تؤدي سوى إلى التضخم.

الصورة
محمد بن سلمان في قمة جدة (مانديل نغان/فرانس برس)
دعا بن سلمان إيران إلى عدم التدخل في شؤون دول المنطقة (مانديل نغان/فرانس برس)

بايدن: الولايات المتحدة "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط

بدوره، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن واشنطن "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط، حيث تلعب منذ عقود دورا سياسيا وعسكريا محوريا، وأنّها ستعتمد رؤية جديدة للمنطقة الاستراتيجية ولن تسمح بوجود فراغ تملؤه قوى أخرى.

 

 

وشدّد بايدن في كلمته على أنه أول رئيس أميركي منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 يزور الشرق الأوسط، من دون أن يكون الجيش الأميركي منخرطا في حرب في المنطقة، وقال "لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران".

وأضاف "اسمحوا لي أن أختتم بتلخيص كل هذا في جملة واحدة: الولايات المتحدة ملتزمة ببناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعًا، ولن تغادر".

وصفّق الحاضرون للرئيس البالغ من العمر 79 عاما.

وبعدما تعرّض لانتقادات عدة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بسبب لقائه مع الأمير محمد بن سلمان، الذي تتهمه الاستخبارات الأميركية بالوقوف خلف جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018، قال بايدن للحاضرين "المستقبل للبلدان التي تطلق العنان للإمكانات الكاملة لسكانها (...) حيث يمكن للمواطنين استجواب وانتقاد القادة من دون خوف من الانتقام".

وتقول إدارة بايدن إنها تريد الترويج لـ"رؤية" جديدة للشرق الأوسط تقوم على الحوار والتعاون الاقتصادي والعسكري، مدعومة بمحاولات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.

لكن ذلك لم يمنع بايدن من التشديد على أنّ الولايات المتحدة "لن تتسامح مع محاولة دولة واحدة الهيمنة على دولة أخرى في المنطقة من خلال التعزيزات العسكرية أو التوغل أو التهديدات"، في إشارة خصوصا إلى إيران التي يتّهمها جيرانها بمحاولة زعزعة استقرار المنطقة.

الصورة
جو بايدن في قمة جدة (مانديل نغان/فرانس برس)
بايدن: لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران (مانديل نغان/فرانس برس)

وغادر بايدن السعودية في ختام جولة شرق أوسطية شملت أيضا إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وأثار لقاؤه خلالها مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان انتقادات واسعة، لا سيما داخل الولايات المتحدة.

ملك الأردن: لا استقرار دون حلّ يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة

بدوره، أكد العاهل الأردني عبد الله الثاني، اليوم السبت، أن لا أمن ولا استقرار ولا ازدهار في المنطقة دون حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل.

ولفت إلى أن التعاون الاقتصادي في المنطقة يجب أن يشمل السلطة الوطنية الفلسطينية لضمان نجاح الشراكات الإقليمية.

الصورة
ملك الأردن في قمة جدة (مانديل نغان/فرانس برس)
شدد ملك الأردن على حل يضمن قيام الدولة الفلسطينية (مانديل نغان/فرانس برس)

السيسي: حلّ أزمات المنطقة لا يتمّ بلا تسوية القضية الفلسطينية

من ناحيته، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن حلّ أزمات المنطقة لا يمكن أن يتم بدون تسوية شاملة لقضية العرب الأولى، وهي القضية الفلسطينية، لافتاً إلى أنه حان الوقت لوضع حدّ للحروب الأهلية التي أتاحت المجال لبعض الدول للتدخل في شؤون الدول العربية والاعتداء العسكري على أراضيها.

وشدد السيسي على أنه لا مكان للمليشيات والمرتزقة وعصابات السلاح في المنطقة، وعلى داعميها مراجعة حساباتهم، مؤكداً أن لا تهاون في حماية أمننا القومي وما يرتبط به من خطوط حمراء.

الصورة
السيسي في قمة جدة (مانديل نغان/فرانس برس)
شدد السيسي على أنه لا مكان للمليشيات والمرتزقة وعصابات السلاح في المنطقة (مانديل نغان/فرانس برس)

أمير قطر: استقرار الخليج ضروري للمجتمع الدولي بأسره

بدوره، شدد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على أن تحقيق الاستقرار في الخليج ضروري للمجتمع الدولي بأسره، مؤكداً موقف بلاده الثابت بتجنيب الشرق الأوسط مخاطر التسلح النووي.

وشدد على ضرورة حلّ الخلافات بالحوار القائم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وقال: "ندرك جميعاً أن الأزمات والحروب في أي منطقة تؤثر على العالم بأسره، وللحرب في أوكرانيا ضحايا مباشرين وضحايا غير مباشرين"، لافتاً إلى أن قطر تدعم الجهود السياسية لإنهاء الحرب. كما شدد على أن دولة قطر لن تدّخر جهداً في العمل مع شركائها في المنطقة والعالم لضمان التدفق المستمر لإمدادات الطاقة.

وأكد أمير قطر موقف بلاده الثابت بتجنيب منطقة الخليج مخاطر التسلح النووي، مع الإقرار بحق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، مشدداً على ضرورة حل الخلافات في المنطقة بالحوار القائم على احترام سيادة الدول.

وقال إنّ المخاطر التي تحدق بمنطقة الشرق الأوسط في ظل الوضع الدولي المتوتر تتطلّب إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، مؤكداً التطلع إلى دور فعال للولايات المتحدة في الدعوة إلى مفاوضات جادة لتسوية القضية الفلسطينية وفق قرارات الشـرعية الدولية. وحذر: "سيظل أحد أهم مصادر التوتر وعدم الاستقرار قائماً ما لم تتوقف إسرائيل عن ممارساتها وانتهاكاتها القانون الدولي"، مشدداً على أنّه "لا يجوز أن يكون دور العرب تقديم التنازلات ودور إسرائيل التعنت".

وثمّن أمير قطر الهدنة بين الأطراف اليمنية ومبادرة المملكة العربية السعودية إلى طرحها، مؤكداً التطلع إلى استمرارها حتى التوصل إلى حل.

وقال: "يجب أن نتفق على قواعد نحترمها جميعاً بحيث توجه عملنا لحل الأزمات في اليمن وليبيا وغيرها من الدول"، مضيفاً: "لا يجوز قبول الأمر الواقع الذي يعني استمرار الظلم الفظيع الذي يتعرض له الشعب السوري".

الصورة
أمير قطر في قمة جدة (قنا/تويتر)
أمير قطر في قمة جدة (قنا/تويتر)

الكاظمي: أمامنا طريق إضافي لاقتلاع جذور الإرهاب

من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إنه ما زال أمامنا طريق إضافي لاقتلاع جذور الإرهاب ووضع استراتيجية كاملة لمكافحته.

واقترح في كلمته خلال القمة إنشاء بنك الشرق الأوسط للتنمية والتكامل لتمويل مشاريع الطاقة المشتركة.

أهم ما جاء في كلمة رئيس مجلس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي خلال #قمّة_جدّة للأمن والتنمية :

🔵نلتقي اليوم وسط تحدّيات إقليمية ودولية حساسة، وأيضاً وسط آمال وتطلعات أن تثمر جهود التعاون ومدّ جسور الثقة وتغليب لغة الحوار. pic.twitter.com/WYqGhkCdQ2

— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) July 16, 2022

ولي عهد الكويت: ندعو إيران للتعاون مع الخليج والعالم

أمّا ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، فدعا إلى إنجاح مسيرة السلام العادل والشامل في فلسطين، آملاً في أن تكون هذه القمة بداية انطلاقة جديدة لمعالجة قضايا المنطقة التي استغرقت عقوداً طويلة.

ودعا إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول الخليج والعالم أجمع، بما يساهم في جعل منطقة الخليج والشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وفق قوله.

وأكد ولي العهد الكويتي أن مجلس التعاون الخليجي ماضٍ في مساعيه الحميدة نحو تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، استناداً إلى إيمانه المطلق بضرورتها وأهميتها في ظل أحداث تستوجب الاتحاد والتكامل.

ملك البحرين: لا بد من حلّ القضية الفلسطينية بتسوية عادلة ودائمة

من جهته اعتبر العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة أنّ قمة جدة "تمثل فرصة طيبة لتوثيق علاقات الصداقة التاريخية وتكريس الشراكة الاستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة الأميركية".

وشدد في كلمته على أنّه "لا بد من حلّ القضية الفلسطينية بتسوية عادلة ودائمة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وفقاً لحل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وخلق الفرص الاقتصادية الواعدة والمستدامة للشعب الفلسطيني".

وحذر من أنّ "التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول يبقى من ضمن أخطر التحديات القائمة، إذ يَخل بالمبادئ والحقوق المكفولة بالقوانين الدولية، وقد آن الأوان لتوحيد الجهود لوقف مثل هذه التدخلات، احتراماً لسيادة الدول".

وشدد على "أهمية المزيد من الدعم للجهود الرامية لاستقرار أسعار الطاقة العالمية، بما في ذلك زيادة الاستثمارات لتوسعة الاستكشاف والتكرير وإدخال التقنيات الجديدة التي تسهم في دعم النمو الاقتصادي العالمي ومواجهة تضخم الأسعار".

جلالة الملك المعظم يلقي كلمة أمام قمة جدة للأمن والتنمية.. ويؤكد أن التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول من أخطر التحديات القائمةhttps://t.co/KahcyqXRui pic.twitter.com/AIEDtiCK7a

— وكالة أنباء البحرين (@bna_ar) July 16, 2022

ووصل في وقت سابق، اليوم السبت، قادة دول مجلس التعاون الخليجي، والعاهل الأردني، والرئيس المصري، ورئيس مجلس الوزراء العراقي، إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي، حيث كان في استقبالهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي غاب أمس الجمعة عن استقبال الرئيس الأميركي جو بايدن في المطار، وقد حضر لاستقباله أمير منطقة مكة خالد الفيصل.

واستقبل بن سلمان، في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بالإضافة إلى نظيره الكويتي مشعل الأحمد الجابر الصباح، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

كما استقبل نائب رئيس الوزراء الممثل الخاص لسلطان عُمان أسعد بن طارق آل سعيد، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني بن الحسين.

وأمس الجمعة، استقبل بن سلمان في مطار جدة نظيره البحريني سلمان بن حمد آل خليفة، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

وعقد بايدن لقاءات منفصلة مع الرئيس المصري ورئيس الوزراء العراقي في جدة. وأكد بيان أميركي عراقي صادر عن اللقاء الشراكة القوية بين البلدين واستمرار التنسيق الأمني، فضلاً عن تشديده على ضرورة تشكيل حكومة عراقية جديدة تستجيب لإرادة الشعب.

وذكر البيان أن بايدن يرحب بمبادرة الكاظمي لعقد مباحثات بين السعودية وإيران في بغداد.

وكان الكاظمي قد أكد في حديث مع "أسوشييتد برس"، أمس الجمعة، أن من مصلحة العراق الاستمرار في الضغط من أجل التقارب بين إيران والسعودية لتخفيف التوترات الإقليمية، مؤكداً أن العراق يعتزم مواصلة دوره في استضافة المحادثات بين الجارتين في الشرق الأوسط.

توافق سعودي أميركي على ردع إيران

إلى ذلك، أكد بيان مشترك صادر عن واشنطن والرياض ضرورة ردع "التدخلات" الإيرانية بالمنطقة، وأهمية منع طهران من امتلاك سلاح نووي، بالإضافة إلى التشاور بانتظام بشأن أمن الطاقة العالمي، والتزام المملكة بدعم توازن أسواق النفط.

في السياق نفسه، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول سعودي إشارته إلى أن بن سلمان أبلغ بايدن، في لقائهما أمس الجمعة، أن المملكة اتخذت كل الإجراءات لتجنب الأخطاء مثل قتل الصحافي جمال خاشقجي، لافتاً إلى أن واشنطن ارتكبت أخطاء مماثلة مثل سجل أبو غريب في العراق.

وأكد بن سلمان لبايدن، وفق المسؤول، أن محاولة تطبيق قيم معينة بالقوة في دول أخرى قد تأتي بنتائج عكسية، مثل ما حدث في العراق وأفغانستان.