تتصاعد انتهاكات المستوطنين الإسرائيليين، اليوم الأربعاء، فبعدما نفذ بعضهم اقتحامات جديدة للمسجد الأقصى، قام آخرون بحرق 3 مركبات فلسطينية شمال غربي القدس المحتلة، بالتزامن مع إصابة واعتقال عدد من الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وذكرت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، أن مستوطنين اقتحموا قرية بيت إكسا شمال غربي القدس المحتلة، وأحرقوا ثلاث مركبات لفلسطينيين كانت متوقفة أمام منازل أصحابها في القرية، وخطّوا شعارات عنصرية على جدران المنازل.
وفي حي الشيخ جراح بمدينة القدس، تصدى شبان فلسطينيون لمجموعة من المستوطنين حاولت اقتحام الحي، اليوم الأربعاء، والاعتداء على منازل وممتلكات المواطنين هناك.
في الأثناء، اقتحم عشرات المستوطنين باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الخاصة، التي أخلت ساحة مجاورة لمصلى باب الرحمة من عدد من المرابطين والمرابطات.
وشهد عدد من الأحياء والضواحي في مدينة القدس، الليلة الماضية وحتى فجر اليوم، مواجهات مع قوات الاحتلال أوقعت خمس عشرة إصابة بالرصاص المطاطي، إضافة إلى اختناقات بالغاز المسيل للدموع.
ووقعت الاشتباكات بين قوات الاحتلال وشبان غاضبين في بلدات الرام، العيسوية، سلوان، الطور، ومخيم شعفاط بالقدس.
وقمعت قوات الاحتلال جموعاً كبيرة من الشبان في ساحة الشهداء بباب العمود بمدينة القدس، واعتقلت عدداً منهم، من بينهم المسعف لؤي جعافرة الذي تعرض للضرب العنيف من تلك القوات، بالإضافة إلى عرين الزعانين أمين سر حركة فتح في حي واد الجوز.
وكانت جموع من المقدسيين قد نظّمت، طيلة الليلة الماضية، فعاليات فنية عديدة في باب العامود رفع خلالها المحتفلون أعلاماً فلسطينية ما لبثت قوات الاحتلال أن صادرتها، وسط هتافات التكبير وافتداء الأقصى.
في شأن آخر، أخطرت طواقم بلدية الاحتلال في القدس، أمس الثلاثاء، بهدم منشآت ومنازل سكنية في بلدة العيسوية بمدينة القدس المحتلة، وقامت تلك الطواقم بتصوير تلك المنشآت.
وفي الضفة الغربية، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، شاباً فلسطينياً من مدينة الخليل، بينما اعتقلت الأسيرين المحررين أحمد صلاح "أبو الهوى"، وخليل خالد صلاح، بعد دهم منزلي ذويهما في بلدة الخضر جنوب بيت لحم.
وأصيب عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جنود الاحتلال خلال مواجهات اندلعت مع عشرات الشبان على المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، كما جرى اعتقال أحد الشبان.
كما أصيب عدد من الفلسطينيين بحالات اختناق بالغاز السام والمدمع، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال، مساء الثلاثاء، على المدخل الشمالي لمدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وجرى علاجهم ميدانياً.
وقال رئيس بلدية سبسطية شمال نابلس، شمال الضفة الغربية، محمد عازم لـ"العربي الجديد": "إن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم البلدة، صباح اليوم، وفرض طوقاً مشدداً على المنطقة الأثرية فيها، وتلا ذلك فوراً اقتحام مركبات وحافلات صغيرة أقلت عشرات المستوطنين، الذين اقتحموا المنطقة الأثرية".
ولفت عازم إلى أن هذا الاقتحام يأتي ضمن خطة الاحتلال لتهويد بلدة سبسطية والمنطقة الأثرية بشكل خاص، حيث يتم وضع إشارات باللغة العبرية، وتغطية تلك المكتوبة باللغة العربية أو حتى الإنكليزية.
إلى ذلك، طردت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الليلة الماضية، عائلات فلسطينية في خربة ابزيق شمال طوباس بالأغوار الفلسطينية؛ بحجة التدريبات العسكرية، وفق تصريحات لمسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، معتز بشارات.
وتصدى اليوم مواطنون فلسطينيون لمجموعة من المستوطنين كانوا يجرفون بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي أراضٍ في قرية نعلين غرب رام الله وسط الضفة الغربية، وقام الأهالي بمنعهم من إكمال عمليات التجريف التي كانت تهدف مواصلة شق طريق استيطانية في المنطقة، وفق ما أكدته مصادر محلية.
وقبل يومين شرع مستوطنون بتجريف أراضٍ في المنطقة الشمالية التي تقع بين بلدة نعلين وقرية دير قديس، من أجل شق طريق استيطانية بطول كيلومترين، وتصدى الأهالي لهم حينها، لكنهم عادوا اليوم، لإكمال شق الطريق، فتصدى لهم الأهالي مجددًا، بينما يخشى الأهالي إقامة بؤرة استيطانية هناك، وربط الطريق الاستيطانية بمستوطنات أخرى.
مصر تدعم مساعي إحياء عملية السلام
في غضون ذلك، استقبل وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اليوم الأربعاء، مبعوث الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند.
وصرح المُتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أحمد حافظ، بأنه جرى خلال اللقاء "تبادل الرؤى إزاء مُستجدات القضية الفلسطينية، وسُبل الدفع قُدمًا بمسار السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، حيث استعرض شكري الرؤية المصرية في هذا الصدد، وجهود القاهرة الرامية إلى توفير مُناخ مؤاتٍ لاستئناف الحوار وصولًا إلى إطلاق مسار تفاوضي شامل على أساس مرجعيات القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة".
وأضاف، في بيان، أنّ شكري تطرق إلى المساعي المُشتركة التي تبذلها مصر مع كل من الأردن، وفرنسا، وألمانيا في إطار "صيغة ميونخ"، وحرصها على التواصل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل توفير إجراءات بناء الثقة وبما يسمح بإطلاق المفاوضات بينهما.
وعبّر شكري خلال اللقاء عن "قلق مصر جراء تصاعد وتيرة الاعتداءات في مدينة القدس، وضرورة وقف الانتهاكات التي تستهدف الهوية العربية الإسلامية والمسيحية للمدينة ومقدساتها وتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم". واتفق الوزير شكري مع المسؤول الأممي على "أهمية تكثيف الاتصالات في المرحلة القادمة لتفادي أي تصعيد في القدس أو قطاع غزة".
وأكد دعم مصر للجهد المتواصل الذي يقوم به المبعوث الأممي بهدف إحياء عملية السلام في إطار حل الدولتين، وبهدف تدعيم ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة.
من جانبه، عبّر وينسلاند عن "تقديره لما تبذله القاهرة في إطار الدفع باستئناف جهود السلام، وتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتطلعه لاستمرار وتيرة التنسيق والتشاور مع مصر"، وفق البيان.
يأتي هذا في الوقت الذي يواصل فيه المسؤولون بجهاز المخابرات العامة المصرية اتصالاتهم مع قيادة حركة "حماس"، ومسؤولي عدد من فصائل المقاومة، في قطاع غزة، وذلك لمنع اندلاع مواجهة عسكرية شاملة جديدة في القطاع في ظل تواصل التصعيد في القطاع بين الفصائل وجيش الاحتلال.
وبحسب مصادر خاصة، لـ "العربي الجديد"، فإنّ القاهرة وبعض الوسطاء يواجهون "موقفاً صلباً" من فصائل غزة، التي تتمسك بضرورة وقف ممارسات الاحتلال في القدس بحق الفلسطينيين.
وأوضحت المصادر أنّ المساعي المصرية لدى الفصائل توازيها اتصالات مع الجانب الإسرائيلي، بهدف السيطرة على الأوضاع في القدس، ووقف التعرض للمقدسيين، وتغيير هوية المدينة.