تعرضت قوات النظام السوري خلال الساعات الماضية لهجوم جديد من خلايا تنظيم "داعش" في بادية أثريا بريف حماة الشمالي الشرقي، وسط سورية، فيما بدأ النظام بسحب عناصر مليشيا "الدفاع الوطني" من مدينة القامشلي إلى ريفها، بمحافظة الحسكة، شمال شرقي البلاد، وذلك على خلفية التوتر مع قوات الأمن الداخلي التابعة لـ"قسد" في المدينة.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات النظام سحبت عناصر مليشيات "الدفاع الوطني" من مواقع في محيط فوج طبطب وحي الزنود في مدينة القامشلي، ونقلتهم إلى مناطق تخضع لسيطرة النظام في جنوب القامشلي. وتأتي تلك الخطوة بناء على الاتفاق الأخير مع "قسد" والذي جاء برعاية روسية.
وبحسب المصادر، فإنّ وجود مليشيا "الدفاع الوطني" في المدينة جرى إنهاؤه بشكل شبه كامل، مشيرة إلى أن معظم هذه المليشيا تتلقى الدعم من إيران، وسوف يقتصر وجودها على المناطق التي تخضع للنظام خارج المدينة.
وكانت اشتباكات قد اندلعت بين "الدفاع الوطني" و"قسد" في القامشلي، الأسبوع الماضي، وخلّفت قتلى وجرحى من الطرفين ومن المدنيين، وتوقفت الاشتباكات، فجر أمس الإثنين، بعد التوصل إلى اتفاق ينهي وجود الأولى في المدينة برعاية روسية.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات النظام السوري تعرّضت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية لهجومين من قبل خلايا تنظيم "داعش" في بادية أثريا بريف حماة الشمالي الشرقي، ما كبّد النظام خسائر بالأرواح والعتاد.
وأضافت المصادر أن التنظيم شنّ هجوماً على رتل للنظام كان يقطع الطريق الواصل بين محافظتي حماة وحلب في منطقة أثريا، وكان مكوّناً من قرابة 40 آلية تمكن التنظيم من تدمير بعضها، وقتل وجرح مجموعة من العناصر، مشيرة إلى أن التنظيم استخدم عبوات ناسفة في ضرب الرتل قبل الاشتباك معه.
وتابعت أنه تزامناً مع الهجوم على الرتل، لجأ التنظيم إلى الهجوم على مواقع للنظام في المحور ذاته، بهدف منع النظام من إرسال مساندة للرتل. وأوضحت المصادر أن القوات الروسية استنفرت في المنطقة بشكل مكثف، إضافة إلى المليشيات التابعة لها، وشنّت عدة غارات على المنطقة.
من جانبها، نقلت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام عن "مصدر ميداني" قوله إنّ التنظيم حاول، منذ صباح أمس الإثنين، وخلال اليومين الماضيين، شنّ عدة هجمات ضد قوات النظام في البادية، وذلك في محاولة منه لتعويض الخسائر التي مني بها أخيراً، وفق الصحيفة.
وقالت الصحيفة إن الطيران الحربي الروسي وطيران النظام السوري شنّا، صباح أمس، غارات مكثفة على مواقع لتنظيم "داعش" في منطقة أثريا ببادية حماة الشرقية، وفي عدة قطاعات ببادية الرقة ودير الزور.
ولفت المصدر، وفق الصحيفة، إلى أنّ وحدات من "الجيش والقوات الرديفة تتابع عمليات تمشيط البادية من مختلف المحاور من بقايا فلول التنظيم الإرهابي، لتطهيرها من وجوده نهائياً".
وكانت مصادر لـ"العربي الجديد" قد تحدثت، أمس الإثنين، عن شنّ الطيران الروسي غارات عدة على بادية أثريا وبادية البشري، لكن تلك الغارات مجهولة الأهداف والنتائج، حيث تشنّ قوات النظام بدعم روسي منذ شهور عملية عسكرية ضد التنظيم، لكن من دون نتائج واضحة.
على صعيد ميداني آخر، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات النظام السوري أنشأت نقطة عسكرية جديدة بين بلدتي صيدا وأم المياذن، شرقي محافظة درعا، جنوبي البلاد، وبحسب المصادر، فإن النقطة تتبع للفرقة 15، وجرى تزويدها بأسلحة متوسطة.
وجاء إنشاء النقطة على خلفية تعرض قوات النظام وعناصر التسوية لهجمات متكرّرة من قبل مجهولين، أسفرت عن خسائر بشرية.
"اللواء الثامن" يرسل مقاتلين إلى البادية
إلى ذلك، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن "اللواء الثامن" التابع لـ"الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا أرسل خلال اليومين الماضيين مقاتلين إلى منطقة البادية للمشاركة بالعمليات العسكرية ضد خلايا تنظيم "داعش" إلى جانب قوات النظام السوري، وذلك جاء بأوامر روسية.
وقالت المصادر إن ضباطاً من الشرطة العسكرية الروسية اجتمعوا مع القياديين في "اللواء الثامن" بمدينة بصرى الشام خلال اليومين الماضيين، وذلك بهدف إقناع اللواء بالمشاركة بعمليات البادية للمرة الثانية، وأضافت المصادر أن "اللواء الثامن" وافق على إرسال 300 عنصر فقط من أبناء درعا للمشاركة في عملية البادية.
وقالت المصادر إن اللواء المذكور أرسل مجموعة من الآليات العسكرية، بمرافقة الشرطة العسكرية الروسية، حيث توجهت إلى بادية السخنة، شمال شرقي حمص، وبدأت بتثبيت نقاط متقدمة على الجبهات، ومن غير المعروف مدة بقائها في البادية أو ما إذا كانت مهمتها قتالية أم التمركز في مناطق معينة.
وبحسب المصادر، هذه المرة الثانية وليست المرة الأولى التي يشارك فيها "اللواء الثامن" بمعارك البادية بإشراف روسي، حيث يضم اللواء قرابة 1500 عنصر، جلّهم من أبناء درعا، ويتلقى الدعم في الوقت الحالي من روسيا.
وذكرت المصادر أن إرسال "اللواء الثامن" جاء في ظل انشغال مليشيا "لواء القدس" المدعومة من روسيا أيضاً، بحملة التمشيط، وذلك كبّدها خسائر فادحة، حيث لم تعد قادرة بمفردها على تغطية العجز في الجبهات، خصوصاً مع تخلف العديد من المليشيات المدعومة إيرانياً عن الخوض في القتال على الجبهات.
وكان "اللواء الثامن" في "الفيلق الخامس" قد جرى تشكيله من عناصر فصائل المعارضة السورية المسلّحة في ريف درعا الشرقي، والتي أجرت مصالحة مع النظام السوري برعاية روسية صيف عام 2018. ويضم "اللواء الثامن" بشكل رئيسي مقاتلي فصيل "شباب السنة" الذي يتمركز بشكل رئيسي في بصرى الشام وما حولها، شرقي درعا.
جرحى بتوتّر في درعا
على صعيد آخر، أصيب مدنيون، اليوم الثلاثاء، بجروح في مدينة درعا، جراء إطلاق نار من قوات النظام السوري على خلفية احتجاجات ضده.
وقال الناشط محمد الحوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن اشتباكات وقعت بين أهالٍ من مدينة درعا وقوات النظام السوري على خلفية احتجاز قوات النظام لشخص من مخيم درعا، مساء أمس الاثنين، وعدم قبولها بإطلاقه، مضيفة أن الاشتباكات ترافقت مع احتجاجات، ما أدى إلى وقوع جرحى بين المدنيين ومن قوات النظام.
وأوضح الناشط أن حاجزاً لقوات النظام السوري اعتقل شخصاً يعمل في التمريض من الفلسطينيين اللاجئين في مخيم درعا، حيث أثار ذلك سخط الأهالي الذين تجمعوا من مناطق مختلفة في المدينة أمام مبنى السرايا التابع للنظام، وطالبوا النظام بالإفراج عن المعتقل، وعند رفض الأخير حصلت مشادات كلامية بين الطرفين تطورت إلى اشتباك بالأيدي وإطلاق نار متبادل، أدّى إلى وقوع جرحى من الطرفين.
وأكد الناشط أن الأهالي قاموا باحتجاز ضابط وعناصر من قوات النظام بعد مداهمة أحد الحواجز في حي طريق السد، وطالبوا النظام بالإفراج عن المعتقل مقابل إخلاء سبيل عناصره، ما دفع الأخير إلى إطلاقه. وشهدت المنطقة، بحسب الناشط، مظاهرة حاشدة ضد النظام مُزقت خلالها صور رئيسه وهتفت بإسقاطه.