كشف مصدر مصري في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "المسؤولين في القاهرة بالتنسيق مع الدوحة، أبلغوا مسؤولين في الإدارة الأميركية، بصعوبة إبرام اتفاق تبادل أسرى بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة حماس، شبيه بالاتفاق الذي جرى في السابق، في ظل تمسك المقاومة بالشرط الخاص بوقف فوري لإطلاق النار، وعدم المشاركة في أي مفاوضات تحت القصف".
ورغم ذلك، أوضح المصدر أن "الإدارة الأميركية لا تزال تعتقد أنه بالإمكان التوصل لاتفاق جديد شبيه بالاتفاق السابق، إذا مارست مصر وقطر ضغوطاً أوسع على حماس، وهو ما تراه القاهرة، بعيداً تماماً عن الواقع".
رغبة أميركية وإسرائيلية بصفقة تبادل أسرى جديدة
في غضون ذلك أكدت مصادر مصرية مطلعة على الوساطة التي تشارك بها القاهرة بين حكومة الاحتلال، وفصائل المقاومة في قطاع غزة، "تلقي القاهرة إفادة أميركية بوصول رئيس وكالة هيئة الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، في زيارة للمنطقة، قد تشمل القاهرة إلى جانب الدوحة، خلال الأيام القليلة المقبلة".
واعتبرت المصادر أن هذه الزيارة "بمثابة إشارة إلى الرغبة الأميركية والإسرائيلية بإبرام اتفاق لتبادل الأسرى في أسرع وقت ممكن".
بالمقابل كشف مصدر مصري آخر، أن "قيادة حركة حماس رفضت الرد على مقترح طرحته تل أبيب، بشأن إمكانية استكمال صفقة لتبادل الأسرى تشمل المجندات وبعض كبار السن كمرحلة أولى، تتبعها مراحل أخرى".
وأضاف أن "العرض الإسرائيلي تضمن إمكانية إطلاق سراح قيادات من كبار السن والأسماء البارزة من الحركة، قضوا فترات طويلة في السجون الإسرائيلية".
مصدر: أكدت "حماس" رفض أي مقترحات لا تتضمن وقف إطلاق النار
وأوضح المصدر أن "قيادة الحركة أكدت على موقفها الصارم برفض أي مقترحات لا تتضمن وقف إطلاق النار كبادرة حسن نية، وشدّدت على أن أية مفاوضات مقبلة، لن تقتصر على الأسرى القياديين من حماس، بل ستشمل قيادات كافة فصائل المقاومة، ورموز العمل المقاوم الفلسطيني بشكل عام".
ولفت إلى أن الحركة "استشعرت أن المقترحات الإسرائيلية تنطوي على نوايا خبيثة لشق الصف المقاوم، عبر ترويج تسريبات متعلقة بإبرام اتفاق مقابل الأسرى من قيادات حماس فقط".
وتابع: "الحركة نقلت رسائل عبر الوسطاء لحكومة الاحتلال، بأن أية مفاوضات لاحقة، سيكون فيها تحديد القوائم بشكل مطلق من جانب المقاومة ولن تقبل بقوائم مفروضة من سلطات الاحتلال".
وكشف المصدر نفسه، الذي اطلع على مشاورات جرت في الدوحة أخيراً، عن "لقاءات مباشرة جرت بين مسؤولين أمنيين مصريين، مع قيادة حماس الموجودة في الدوحة خلال الأيام الماضية".
وأشار إلى أنه "من بين صعوبات الموقف التفاوضي هذه المرة، هو إفادات واضحة للمستوى السياسي في حماس من جانب المستوى العسكري في الميدان في غزة برفض أي اتفاق لا يشمل وقف إطلاق النار". يأتي ذلك باعتبار "أن المقاومة تسيطر على الوضع بشكل كامل في الميدان، وأنها تسبق قوات الاحتلال بخطوة على الأرض".
إسرائيل تستجدي قطر ومصر
وفي السياق ذكر رئيس حزب "التجمع الوطني"، عضو الكنيست الإسرائيلي السابق، جمال زحالقة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "بعد أن تمنعت لعدة أسابيع، بادرت حكومة الاحتلال الإسرائيلية إلى تحريك موضوع الأسرى، وصارت تستجدي قطر ومصر والولايات المتحدة، من أجل إتمام صفقة جديدة".
وأضاف أن ذلك يأتي "على خلفية الضغط الكبير من الرأي العام الإسرائيلي وعائلات المحتجزين"، لافتاً إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو "شعر بأن موقفه الذي وضع قضية المحتجزين في المرتبة الثانية بعد أولوية حسم المعركة مع حماس، يثير غضباً في الشارع الإسرائيلي". وتابع: "لهذا هو يريد أن يصحح موقفه ويقول إنه يهتم بقضية الأسرى".
زحالقة: إسرائيل تريد صفقة بثمن بخس
ورغم الحديث عن صفقة، قال زحالقة إنه لا يدري مدى جدية إسرائيل حولها، إذا اعتبر أنها تريد "صفقة لكن من دون وقف طويل لإطلاق النار، ومن دون إطلاق عدد كبير من الأسرى". ورأى انه " لهذا السبب لا يبدو أن إسرائيل معنية فعلاً بصفقة جدية، هي تريد صفقة بثمن بخس وهذا لن يتم باعتقادي".
وأشار إلى أن "المحاولة الإسرائيلية يرافقها عمل إعلامي واسع وشرح للرأي العام الإسرائيلي، لأن الحكومة تريد أن تظهر بمظهر من يريد أن يحل المشكلة ولا كمن يضعها على الرف".
وأوضح أنه "منذ أسبوعين والعائلات والمتظاهرون يطالبون الحكومة الإسرائيلية بأن تعرض اقتراحاً لحل قضية المحتجزين"، مضيفاً أن "هناك من يدعو إلى أن صفقة الجميع مقابل الجميع، أي جميع المحتجزين مقابل تبييض السجون، فيما تقول نخب إسرائيلية كثيرة إن هذا الثمن لا بد منه وإلا فسيموت المحتجزون خلال المعارك البرية".
بدوره، وافق القيادي في حركة "حماس"، باسم نعيم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على وصف سعي الاحتلال لإبرام صفقة جديدة بـ"الاستجداء". وقال إن هذا "يعكس حجم الضغط على حكومة الاحتلال في هذا الملف، ويعكس فشل محاولاتهم لإنقاذ الرهائن". وشدد نعيم على أن "موقف الحركة المعلن، هو موقف ثابت، وأنه لا تفاوض قبل وقف شامل ونهائي لإطلاق النار".