المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان يزور إسرائيل

02 ديسمبر 2023
خان: من المهم جداً التشديد على قواعد القانون الدولي في الحرب (Getty)
+ الخط -

قام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بزيارة إسرائيل اليوم السبت، فيما أعلن مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني رفضه لقاء خان خلال الزيارة التي يقوم بها إلى رام الله للقاء المستوى الرسمي الفلسطيني، بسبب ما أكد أنه انحياز من خان لإسرائيل

وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن زيارة خان، نهاية هذا الأسبوع، إلى إسرائيل تأتي على خلفية الحرب في غزة، وأنه دُعي من قبل عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، والتي سبق أن التقته الشهر الماضي في لاهاي.

وعلى الرغم من أن دولة الاحتلال الإسرائيلي ترفض الاعتراف بشكل رسمي بصلاحيات المحكمة الدولية بسبب الفظائع التي ترتكبها ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، فإن الحكومة قررت السماح بزيارته استجابة لطلب العائلات.

وفي حديث لصحيفة "هآرتس"، قال خان إن المحكمة الجنائية الدول الدولية تتمتع بصلاحيات للتحقيق في أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكذلك بالحرب الجارية منذ ذلك الوقت في قطاع غزة.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإنّ خان حصل خلال زيارته مناطق ما يُسمى "غلاف غزة"، التي استهدفتها عملية "طوفان الأقصى"، على انطباع بأن "هناك شبهة معقولة بارتكاب جرائم حرب خلال الهجوم على المستوطنات المحيطة بغزة". واستمع خان إلى عدد من الإسرائيليين حول ما حدث في ذلك اليوم.

وقال خان، بحسب الصحيفة: "لدينا أسباب لنعتقد أنه جرى القيام بأفعال تعرّف جرائمَ من حيث القانون الدولي، وأن أشخاصاً قُتلوا بسبب هويتهم وأنه جرت ملاحقة أشخاص حتى موتهم في الحفل، وأنه كان هناك قتل لمسنين وأطفال".

يُشار، في هذا السياق، إلى أن "هآرتس"، وفي أكثر من مناسبة، كانت قد أشارت إلى أن طائرة مروحية حربية إسرائيلية ربما ساهمت في قتل إسرائيليين في السابع من أكتوبر.

وأضاف خان، بحسب ما أوردته "هآرتس: "أنا مستعد للعمل مع إسرائيل، ولدينا أشخاص لديهم القدرة وعليهم التحقيق فيما حدث". وأردف بأن "عائلات المخطوفين التي دعتني إلى الزيارة لا تنتظر منا التعاطف فقط وإنما العمل أيضاً".

ونقلت الصحيفة عن خان قوله إنه على الرغم من أن الحديث لا يدور عن زيارة رسمية، لكنه ينوي التعامل بجدية مع كل ما قيل له خلال اللقاءات التي أجراها في إسرائيل، مضيفاً: "أنا لا أعمل بناء على العواطف وإنما على الأدلة".

وبخلاف إسرائيل التي لا تعترف بصلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وتخشى من خطوات قضائية تُتخذ ضد جنودها وضباطها ومسؤولين إسرائيليين آخرين، فإن السلطة الفلسطينية تعترف بصلاحية المحكمة وتحاول في السنوات الأخيرة العمل في إطارها ضد إسرائيل.

ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن خان قوله إن مكتبه سيفحص، إلى جانب ما حدث في 7 أكتوبر، التقارير التي تتحدث أيضاً عن عنف اليمين المتطرف في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ضد المواطنين الفلسطينيين. وتابع: "لا يمكن القبول بوضع يشعر فيه أشخاص مسلّحون (أي المستوطنين) بسبب الحرب بأن لديهم رخصة للتوجه والاعتداء على مدنيين (فلسطينيين)".

خان: لم يكن متاحاً لي دخول غزة

وحول الحرب التي يخوضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة، قال خان، بحسب صحيفة "هآرتس"، إنه حاول خلال زيارته دخول غزة ولكن ذلك "لم يكن متاحا"، مضيفاً: "من المهم جداً التشديد على قواعد القانون الدولي في الحرب. لا يمكن تفسير القانون بطريقة لا يحظى فيها الأطفال بالحماية".

وذكرت الصحيفة أن الزيارة لا تشكّل تغييراً بتوجهات إسرائيل حيال المحكمة الجنائية الدولية، ولكن مسؤولين رسميين في إسرائيل اختاروا عدم الاعتراض على طلب العائلات الإسرائيلية والسماح بالزيارة.

ولفتت إلا أن الموقف في إسرائيل هو أنه لن يكون بالإمكان التحقيق في أحداث 7 أكتوبر بمعزل عن باقي القضايا المتعلقة بالصراع، وهي قضايا إسرائيل غير معنية بأن تسمح للمحكمة الدولية بالتعامل معها. ويشير ذلك إلى رفض إسرائيل تدخل المحكمة في محاولة لتجنّب إدانتها في الجرائم التي ترتكبها بحق الفلسطينيين.

وكان خان قد التقى عدداً من عائلات القتلى الإسرائيليين قبل نحو أسبوعين، وقد طالبته باتخاذ إجراءات قانونية ضد حركة حماس.

وذكرت الصحيفة نفسها، يوم الجمعة من الأسبوع الماضي، أن عائلات إسرائيليين قتلوا أو أسروا في عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها المقاومة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تنوي رفع دعاوى في الأيام القريبة إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد قيادات في حركة حماس.

وذكرت الصحيفة في حينه أنّ التوجه إلى المحكمة سيكون من خلال "المنتدى المدني لتحرير المخطوفين"، من دون تدخل مباشر من قبل الدولة. ويشير ذلك إلى عملية تحايل إسرائيلي لعدم إقحام "الدولة" في القضية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه في ضوء حمل العديد من المحتجزين جنسيات أجنبية بالإضافة إلى الإسرائيلية، فإن أفراد عائلاتهم يستطيعون رفع دعاوى بأسمائهم في نفس الدول التي يحملون جنسيتها. وبحسب المصادر نفسها، فإنّ إجراءات قانونية من هذا النوع قد تتطلب سنوات.

يُذكر أنّ المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تنظر، في السنوات الأخيرة، في ملف لا يزال مفتوحاً منذ عام 2021، يتعلق بشبهات ارتكاب دولة الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب ضد الفلسطينيين. وقد يؤدي التحقيق إلى تقديم لوائح اتهام وإصدار أوامر اعتقال ضد قيادات سياسية وعسكرية في إسرائيل.

وستتطلب هذه الحالة من الدول الـ123 الأعضاء في المحكمة توقيف وتسليم كل مشتبه موجود على أراضيها، إلى جانب تقييد حركة قيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية.

من جانب آخر، ذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر إسرائيلية لم تسمّها، أن "توجه العائلات إلى المحكمة الجنائية الدولية وتحميل المسؤولية لحركة حماس قد يساعد إسرائيل في التعامل مع الإجراءات الجارية ضدها في المحكمة نفسها، لأنها (أي المحكمة) ستنظر أيضاً بعدوانية حماس تجاه إسرائيل"، وفق ما جاء في الصحيفة الإسرائيلية.

اشتية: فلسطين امتحان للمحكمة الجنائية الدولية والقانون الدولي

من جهته، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية: "إن تأخير العدالة هو غياب للعدالة نفسها، فعدم عقاب إسرائيل في الماضي جعلها تتمادى في الحاضر"، مشدداً على أن فلسطين هي امتحان للمحكمة الجنائية الدولية واختبار للقانون الدولي.

جاء ذلك خلال استقبال خان، اليوم السبت، في مكتبه برام الله، بحضور وزير العدل محمد الشلالدة.

وقال اشتية: "فلسطين امتحان للمحكمة الجنائية الدولية، واختبار للقانون الدولي، ونطالب بضرورة تسريع إجراءات التقاضي وكشف الحقائق، فإذا تحقّقت العدالة لفلسطين فهو نجاح للمحكمة، وغير ذلك هو قمة الفشل وازدواجية للمعايير وتسييس للمحكمة".

وشدد اشتية على أن "المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تكون للعقاب والردع، فلا أحد يجب أن يكون فوق القانون، وإسرائيل تتصرف على عكس ذلك بأنها فوق القانون منذ 75 عاماً".

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني: "مسؤولية المحكمة الجنائية الدولية ليست قضية أخلاقية بل قانونية، فنحن لم نخترع المحكمة الجنائية الدولية، وعندما انضممنا لها جرى فرض العقوبات علينا، لا أحد يريد لنا أن نكشف ألمنا، فنحن ضحايا الاحتلال وممارساته المستمرة على شعبنا".

وتابع اشتية: "الحكومة الحالية في إسرائيل والحكومات السابقة تتبنى سياسة رسمية قائمة على خطاب الكراهية والدعوات لقتل شعبنا بمختلف الوسائل، واليوم نرى أعضاء من هذه الحكومة يحرضون على القتل وتهجير شعبنا، وتوزيع السلاح على المستوطنين في رخصة رسمية للقتل".

وأضاف رئيس الوزراء الفلسطيني: "الذي يحدث اليوم في قطاع غزة والضفة الغربية هو قتل وعقاب وإبادة جماعية، واليوم هو العدوان السادس على قطاع غزة، وهو الأكثر دموية وتدميراً، يرافقه قطع الكهرباء والمياه وإغلاق المعابر، ومنع وعرقلة إدخال المساعدات الإغاثية والطبية".

وشدد اشتية على أن "إسرائيل تشن حرباً ممنهجة على أبناء شعبنا في الضفة الغربية، بما فيها القدس، إلى جانب العدوان على قطاع غزة، من خلال مصادرة الأراضي لصالح الاستيطان، وعمليات القتل والاعتقال والاقتحامات اليومية للمناطق الفلسطينية، إضافة إلى الحرب المالية والاقتطاعات غير القانونية من أموال المقاصة".

مؤسسات فلسطينية ترفض لقاء خان

وكان مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني أعلن، اليوم السبت، رفضه لقاء خان خلال الزيارة التي يقوم بها إلى رام الله، اليوم السبت، للقاء المستوى الرسمي الفلسطيني، بسبب ما أكد أنه انحياز من خان لإسرائيل

وقال مدير عام مؤسسة الحق الفلسطينية شعوان جبارين لـ"العربي الجديد"، على هامش مؤتمر عقده مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطيني بمدينة رام الله صباح اليوم: "إن رفض لقاء المؤسسات، كممثلين للضحايا، لقاء كريم خان، جاء لكونه التقى بالضحايا الإسرائيليين، وقبل بشروط إسرائيل بعدم لقاء الضحايا الفلسطينيين، وهو انحياز لإسرائيل، وخيانة للضحايا الفلسطينيين".

وأشار شعوان جبارين إلى أن خان سيلتقي، اليوم، بالجانب الرسمي الفلسطيني في رام الله، وسيلتقي بممثلين عن الضحايا الفلسطينيين، ولكن واجبه أن يلتقي بالضحايا في أماكنهم، ليرى ما وقع عليهم، وما يعانونه، لا أن يأتوه إلى رام الله.

المساهمون