أنهى المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، جلسات استجواب الموقوفين الخمسة والعشرين في الملف، على أن يستكملَ التحقيقات في السادس من إبريل/نيسان الجاري بعد انتهاء عطلة عيد الفصح عند الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي، ويدرس طلبات إخلاء السبيل تمهيداً للبتِّ بها.
وحدد المحقق العدلي جلسة يوم الثلاثاء المقبل للاستماع إلى وزير الدفاع الأسبق يعقوب الصراف، الذي أدلى في الفترة الأخيرة بأكثر من تصريح تلفزيوني وصحافي كاشفاً امتلاكه أوراقاً مهمّة وأدلة مادية في ما خصّ انفجار مرفأ بيروت، وطلب من القضاء أن يستمع إليه ليقدّم ما عنده من معطيات، ملوحاً إلى أنّ الإهمال ساعد كثيراً في حصول الانفجار، لكن النيّة بالتسبب به كانت موجودة أيضاً.
وأعلن الصراف، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، أنه طلب من المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، بموجب كتابٍ موجَّه إلى وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، الاستماع إليه من أجل الإدلاء بما يملكه من معلومات، وانتظر ثلاثة أشهر ولم يتلقَّ أي جواب، وبقيَ سبب عدم الاستماع إليه من جانب المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان غير واضح، ومحطَّ استغراب، نظراً لأهمية ما يدعي وزير الدفاع السابق امتلاكه من معلومات تفيد التحقيق ويمكن أن تغيّر أيضاً في مساره.
وتولّى يعقوب الصرّاف وزارة الدفاع في حكومة الرئيس سعد الحريري خلال الفترة بين 18 ديسمبر/كانون الأول 2016 و3 فبراير/شباط 2019.
من ناحية ثانية، قال أحد المحامين المشاركين في جلسات الاستجواب التي عقدها المحقق العدلي طارق البيطار، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك عدداً من الشخصيات السياسية والعسكرية والأمنية والإدارية ستُطلَب للمثول أمام المحقق العدلي والاستماع إليها، لكن في المقابل، علمنا أن اللائحة الجديدة ستتضمّن أسماءً وازنة جداً تأتي في خانة (الرؤوس الكبيرة)، وقد بدأت الضغوطات الاستباقية والردعية لمنع القاضي البيطار من ذكرها أو استدعائها ولو لمجرّد الاستماع إليها من باب الاستئناس أو المعلومات، وهناك فيتوات صارمة عليها".
أما على صعيد إعادة طلب استجواب المدعى عليهم، رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزراء السابقون يوسف فنيانوس، وعلي حسن خليل، وغازي زعيتر، (والأخيران نائبان حاليان في البرلمان)، بعد تمرّدهم على المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان، وصولاً إلى كفّ يده للارتياب المشروع، فيلفت المحامي إلى أنّ القاضي البيطار يتمهّل في هذه الخطوة تفادياً للوقوع بأي ثغرة تطيح به هو الآخر.
وشدد المحامي على أنّ "هذه المعطيات تقلقنا جداً، ونتمنّى على المحقق العدلي عدم الرضوخ للضغوطات وكسر الخطوط الحمراء واستدعاء الجميع إلى التحقيق، حيث المكان الأمثل لكل شخص أن يثبت براءته بكل الأحوال"، لافتاً، في المقابل، إلى أنّ التحقيقات التي يجريها القاضي البيطار قد تكسر عنوان الإهمال الوظيفي والتقصير وتغيّر نوع الجرم الذي سيُدَّعى به.
وكشف المحامي أنّ خطوات جديدة سيتخذها المحقق العدلي في المرحلة المقبلة، أبرزها باتجاه المنظمات الدولية التي نشرت تقارير تخص الانفجار، وكذلك الدول التي تلعب دوراً استخباراتياً مساعداً في التحقيق وأعدّت تقاريرها بشأن انفجار الرابع من أغسطس/آب 2020. كما سيبت بطلبات إخلاء السبيل، ومن المتوقع أن يطلق سراح عدد منهم قريباً جداً.
في السياق، يتحضّر أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، يوم الأحد 4 إبريل/نيسان الجاري، للوقفة الشهرية في محيط مرفأ بيروت. وقال إبراهيم حطيط، شقيق الضحية ثروت حطيط، والمتحدث باسم الأهالي، لـ"العربي الجديد": "الأحد ستكون لنا كلمة بما يخصّ التحقيقات ومسارها، ونحن لا نمانع إخلاء سبيل موقوفين هم أبرياء، إذ برأينا ترك البريء داخل السجن هو تغطية على مجرم موجود في الخارج، ونحن لن نرضى بالظلم أو إبقاء أحد موقوفاً لمجرّد إرضاء الرأي العام، وهو ما ردده أيضاً أمامنا القاضي البيطار خلال لقاءاتنا به".
وأردف قائلًا: "في المقابل، لن نرضى أن تكون هناك أي خطوط حمراء على شخصية متهمة أو لها علاقة بالانفجار أو لعبت دوراً فيه مهما كان هذا الدور، كما أن تحركاتنا لن تكون شبيهة بما لجأنا إليه في السابق، وكل تمرّد على المحقق العدلي وقراراته لن يمرّ مرور الكرام، وستكون لنا استراتيجية مختلفة بالتعاطي مع أي محاولة للتهرّب من جلسات الاستجواب، وسنتوجه إلى بيوت المسؤولين مباشرة إذا لم يحضروا، وكلنا ثقة بأن المحقق العدلي سيتفادى الوقوع بالثغرات التي سقط بها صوان".